د. هـ. لورنس.. شاعراً !



دَيفِد هِربرت لورنس. ولد في 11 أيلول 1885 في إيستوُد ، إنكلترا. وتوفي في 2 آذار 1930 في "فانس" بفرنسا. مؤلف روايات وقصص قصيرة وأشعار ومسرحيات وكتب رحلات ورسائل. جعلت منه رواياته: أبناء وعشاق 1913، قوس قزح 1915، نساء عاشقات 1920، وعشيق الليدي تشاترلي 1928 ناهيك عن مجموعاته القصصية العديدة واحداً من أكثر الكتاب الإنكليز تأثيراً في القرن العشرين.
ربما تعرف الكثير من قراء العربية على لورنس باعتباره واحداً من ألمع الروائيين والقصاصين وأكثرهم إثارة للجدل، لكن القليل منهم من يعرف أن لورنس كان واحداً من الشعراء المرموقين. لقد شهد كل من عرف لورنس على السحر الذي يميز شخصيته، تلك الشخصية التي تعيش بعنفوان في قصصه وشعره وكتاباته النثرية العديدة ورسائله. لكن شعر لورنس يستحق وقفة خاصة: إن لمساته في القصائد المبكرة كانت غير واثقة في أغلب الأحيان؛ وعباراته "أدبية" أكثر مما ينبغي، وكثيرا ما تقيـِّده القافية. لكنه ومن خلال قدرةٍ فذةٍ على التقدم، طور أسلوباً شديد التلقائية من الشعر الحر الذي يسمح له بالتعبير عن خليط لا يضاهى من قوة الملاحظة والترميز.
ربما يكون لشعر لورنس أهمية كبيرة في تتبع سيرته، كما في "انظروا! لقد أفقنا!"(1917)، كما أن بعض القصائد في "أزهار البنفسج" (1929)، و"الأشواك" (1930) لاذعة السخرية وذكية. غير أن أكثر مساهماته أصالة هو "طيور ووحوش وأزهار" (1923) التي يبدع فيها شعرا لا سابق له حول الطبيعة يقوم على أساس تجاربه في مسرح البحر المتوسط وجنوب غربي أمريكا، أما في "آخر الأشعار" (1932) فنراه يتأمل الموت الذي أحس بدنوّه، كما إن أعماله القصصية والروائية تحفل بالكثير مما يمكن عده من عيون القطع الشعرية النثرية كما في هذه المقطوعة من الشعر المرسل في قصته "النغمة التوافقية" التي ترد على لسان البطلة المحبطة في مونولوج طويل.
لا يمكن للباحث في أعمال لورنس أن يهمل رسائله التي لا تبارى؛ فهي تنقل -سواء في تنوع أساليبها أو حيويتها أو نطاق اهتماماتها- صورة رائعة وغنية لكاتبها، وعلاقاته بمن يراسله، والبهجة، والكآبة، والتأملات النبوية لحياته المترحلة. جُمعت قصص لورنس القصيرة في "الضابط البروسي وإنكلترا.. إنكلترتي وقصص أخرى" (1922)، "المرأة التي رحلت بعيداً وقصص أخرى" (1928)، و"حب وسط أكداس القش وقصص أخرى" (1930)، وغيرها . كما إن مسرحياته الأولى: "ترمُّل السيدة هولرويد"(1914) و" الكنّة" (قدمت على المسرح عام 1936) قد نجحت في المسرح والتلفزيون.
وفي ما يخص كتب الرحلات فإن "سردينيا والبحر"(1921) أكثرها تلقائية، أما كتب الرحلات الأخرى فهي تتضمن رحلات موازية الى أعماق لورنس.
لقد اتسمت حياة لورنس وآرائه وحقول إبداعاته بتنوع مدهش: فقد عُرِف في بداياته روائيا من الطبقة العاملة يرسم صورة لحقيقة الحياة العائلية في المقاطعات الإنكليزية. أما في الأيام الأولى للتحليل النفسي فقد أشتهر مؤلفاً-بطلاً للتاريخ المرضي لحالات عقدة أوديب. لكن أعمال لورنس اللاحقة التي تناول فيها موضوعة الجنس بشكل صريح رسمته رائداً لـ"التحرر"، الأمر الذي لم يلق استحسان لورنس نفسه. لقد شعر القراء منذ البداية بميل شديد الى الحيوية الشعرية لكتاباته والى سعيه لوصف الحالات الذاتية للعاطفة والإحساس وقوة البديهة. إن هذه العفوية والوضوح في المشاعر يترافقان مع التكرار المستمر، مع قليل من التعديل، للموضوعات والشخصيات، والرموز التي تعبر عن الأفكار والرؤى الفنية المتطورة للورنس نفسه. وتبقى رواياته العظيمة صعبة لأن واقعيتها مبطنة باستعارات شخصية كثيرة، وعناصر ميثولوجية، وفوق ذلك بمحاولته التعبير بالكلمات عن أمورٍ يعجز عنها الكلام في الحالات العادية لأنها توجد في ما وراء الوعي. حاول لورنس أن يتجاوز "الأنا القديمة، المترسخة" للشخصيات المألوفة لدى قراء الروايات التقليدية. إن شخصياته تعاني باستمرار من تحولات ناتجة عن عمليات غير واعية وليس عن مقاصد أو أفكار أو مُثُـل واعية.
لقد كان لورنس في النهاية كاتباً "دينياً" لم يبلغ رفضه للمسيحية حدا يدفعه الى أن يحاول خلق أسس دينية وأخلاقية جديدة للحياة العصرية عن طريق البعث والتحول المستمرين للنفس. إن هذه التحولات لا تتحد بالذات الاجتماعية فقط، كما أنها لم تكن يوما ظاهرة بوضوح تحت سمع الوعي وبصره. لقد دعا لورنس الى انفتاح جديد على ما أسماه " الآلهة الخفية" للطبيعة، والإحساس، والغريزة، والنشاط الجنسي؛ لقد كانت إعادة الاتصال بهذه القوى، في نظره، بداية لطريق الحكمة.




(1) الأسى

الخيطُ الرماديُّ الرفيع
الصاعد من السيجارة التي
نسيتها بين أصابعي
لماذا يوجع قلبي ؟
**
آه ، لسوف تفهم :
حين حملتُ أمي بضع مرات
نازلا بها السلالم
في أول مرضها
كنت أكتشف
-تأنيبا لي على مرحي-
بضع شعرات رمادية طويلة
على صدر معطفي
وأراقبها وهي تطير
واحدة واحدة
صاعدة في المدخنة السوداء


Sorrow

Why does the thin grey strand
Floating up from the forgotten
Cigarette between my fingers,
Why does it trouble me?

Ah, you will understand;
When I carried my mother downstairs,
A few times only, at the beginning
Of her soft-foot malady,

I should find, for a reprimand
To my gaiety, a few long grey hairs
On the breast of my coat; and one by one
I let them float up the dark chimney.




(2) ترنيمة امرأةٍ مريرة
من قصته القصيرة "النغمة التوافقية"

كحديقةٍ في الشتاء كنتُ
مفعمةً بالبراعم والجذور
عامرةً وحبلى بالأزاهير الصغيرة
ولقد تهاوت كلها من قبل أن تولد
أجِنَّةً صغيرة .. مجهَضة .. من زهور!
كل يوم كنت أحلق كالنحلة لأجمع الشهد من السماء
وأروح ابحث بين نجومها عن الرحيق الذهبي الأشهى
حتى أملأ بها أقراص عسلي الصافية
ثم كسرتُ قرص العسل، وأدنيته من شفاهك
لكنك أشحت عنه وقلت لي:
قد وسختِ وجهي ولطختِ لي فمي!
يوماً بعد يوم كان جسدي مثل بستان من الكروم
وكانت عروقي هي الكرمات.
وحين نضجت أعنابها وتدلت عناقيدها الحلوة الريانة
عصرتها لك حبة فحبة
حتى ملأت لك الكأس خمراً
وهرعت به اليك جذلى
لكنك أجفلت وابتعدت
فسقط الكأس من يدي
وتناثرت شظاياه تحت أقدامي.
لطالما قلت له، لطالما قلت:
ها هي الساعة قد أزفت
لكنه يجيبني: ليس بعد.
لطالما كان يسمع صيحة الديك عند الفجر
فيخرج للعراء.. ثم يبكي.. دون أن يعرف السبب.
كنتُ روضة وكان يجري خلالي كما على العشب.
كنتُ جدولاً من الماء رقراقاً
لكنه رمى فيه أقذاءه!
نشرتُ له قوس قزح بين أذرعي الممدودة
لكنه قال لي:
فتحتِ ذراعيكِ لي ولم تمنحيني شيئاً!
وما أنا الساعةَ غير إناء لزهور ذابلات
غير شظايا ملونة من جمال محطم
غير قفير نحل خاوٍ.
نعم.. أنا ثوب قشيب أكله البلى قبل أن يُرتدى
أنا مغنٍّ أبكم وعندليبٌ ينشد في نغمةٍ نافرةٍ شوهاء
قد انتهى أمري وانقضت أيامي
وسرعان ما ألقى، مثل صدفة خاوية، على شاطئ البحر
فتسحقني الأقدام.. وتحيلني تراباً.
غير أنني، في هذه الساعات
سأغني، سأغني لأولئك الذين يمنحونني آذانا مصغية
عن البحر الذي وهبني شكلي ووجودي
البحر الخالد الأبدي..
ولسوف تكون أغنيتي مثقلة بالمرارة
لأنني سأفارق حياة البحر الدافقة
لأنني سأستحيل الى غبار
ذلك المسحوق الذي لا يعرفه البحر.
ولسوف أكون ميتة
أنا المجبولة من جوهر الحياة
ولسوف أكون صامتة
أنا التي خُلِقتُ لأكون فما صادحاً
ولسوف تختفي هيأتي
أنا التي صُنِعتُ من جمال خالص.
نعم، لقد كنت البذرة التي احتضنت السماواتِ في برعمها
بقمرها الراسخ الأقدام
ونجومها الراكضة المدومة.
ولقد سُحِقت البذرةُ، فلن تشقَّ أديم الأرض.
إن سماءً قد ضاعت، وقمراً، ونجوما لن ترى النور.
كنت برعماً لم يُكتَشف بعد
وفي أحضان كأسي المغلقة تجثم سماوات وبحيرات وجداول منهارة
وشمس ونجوم زالت عن الوجود
وطيور استحالت قبضاتٍ من هشيم تذروه الريح
لقد صارت أغنياتي القديمة هواءً يابساً
وأنا، أنا كأسَ قربان معتم

A bitter psalm of a woman
"Like a garden in winter, I was full of bulbs and roots, I was full of little flowers, all conceived inside me.
"And they were all shed away unborn, little abortions of flowers.
"Every day I went like a bee gathering honey from the sky and among the stars I rummaged for yellow honey, filling it in my comb.
"Then I broke the comb, and put it to your lips. But you turned your mouth aside and said: You have made my face unclean, and smeared my mouth.
"And week after week my body was a vineyard, my veins were vines. And as the grapes, the purple drops grew full and sweet, I crushed them in a bowl, I treasured the wine.
"Then when the bowl was full I came with joy to you. But you in fear started away, and the bowl was thrown from my hands, and broke in pieces at my feet.
"Many times, and many times, I said: The hour is striking, but he answered: Not yet.
"Many times and many times he has heard the cock crow, and gone out and wept, he knew not why.
"I was a garden and he ran in me as in the grass.
"I was a stream, and he threw his waste in me.
"I held the rainbow balanced on my outspread hands, and he said: You open your hands and give me nothing.
"What am I now but a bowl of withered leaves, but a kaleidoscope of broken beauties, but an empty bee-hive, yea, a rich garment rusted that no one has worn, a dumb singer, with the voice of a nightingale yet making discord.
"And it was over with me, and my hour is gone. And soon like a barren sea-shell on the strand, I shall be crushed underfoot to dust.
"But meanwhile I sing to those that listen with their ear against me, of the sea that gave me form and being, the everlasting sea, and in my song is nothing but bitterness, for of the fluid life of the sea I have no more, but I am to be dust, that powdery stuff the sea knows not. I am to be dead, who was born of life, silent who was made a mouth, formless who was all of beauty. Yea, I was a seed that held the heavens lapped up in bud, with a whirl of stars and a steady moon.
"And the seed is crushed that never sprouted, there is a heaven lost, and stars and a moon that never came forth.
"I was a bud that never was discovered, and in my shut chalice, skies and lake water and brooks lie crumbling, and stars and the sun are smeared out, and birds are a little powdery
dust, and their singing is dry air, and I am a dark chalice."


(3) على مهلٍ تتزاوج الأفيال

الفيلُ، ذلك الحيوان العريق الجسيم،
لا يسرع في الاقتران،
وحين يعثر على أنثاه
فإنه وإياها.. ينتظران، ولا يتعجلان..
...
ينتظران العاطفة التي ترقد
في قلبيهما الكبيرين الخجولين
كي تتصاعد رويداً رويدا
وهما يتسكعان عند الضفاف
و يرعيان العشب أو يشربان
...
أو يندفعان في ذعر مع القطيع
خلال أحراش الغابات
وينامان في صمت مهيب
ويستيقظان معا.. دون أن ينبسا بكلمة
...
قلوب الأفيال الدافئة الكبيرة
تمتلئ بالرغبة على مهلٍ شديد
ويتزاوج الحيوانان الكبيران أخيراً
ويطفئان نارهما
...
هي أعرقُ الحيوانات، هي أكثرها حكمة
ولهذا فهي تعرف في الختام
كيف تنتظر أكثرَ الولائم وحشة
وأكثرها امتلاء
...
هي لا تنتزع، هي لا تمزِّقُ..
ودماؤها الهائلة تتحرك
كأمواج البحر تحت القمر
تمتد، تقترب، تزداد اقترابا
حتى تتلامس.. ساعةَ المدِّ
The Elephant Slow to Mate

The elephant, the huge old beast,
is slow to mate;
he finds a female, they show no haste
they wait

for the sympathy in their vast shy hearts
slowly, slowly to rouse
as they loiter along the river-beds
and drink and browse

and dash in panic through the brake
of forest with the herd,
and sleep in massive silence, and wake
together, without a word.

So slowly the great hot elephant hearts
grow full of desire,
and the great beasts mate in secret at last,
hiding their fire.

Oldest they are and the wisest of beasts
so they know at last
how to wait for the loneliest of feasts
for the full repast.

They do not snatch, they do not tear;
their massive blood
moves as the moon-tides, near, more near,
till they touch in flood.


(4) بيانو
في رقةٍ، في ضياء الغسق..
ثمة امرأة تغني لي
وتعيدني عبر مجاز السنين، حتى أرى
طفلاً يجثو تحت البيانو
يغمره طنين الأوتار
ضاغطاً أقدام أمه الصغيرة المتوثبة
وهي تغني.. وتبتسم
...
تمكر بي بَراعةُ الأغنية الخفية
وتعيدني مرغماً حتى أبكي من القلب
حنيناً لأمسيات الآحاد المنزلية القديمة:
الشتاء خارج الأبواب،
الترانيم في غرفة الاستقبال الدافئة
ورنين البيانو دليلنا
...
عبثٌ أن ينفجر المغني بالصياح الآن
في رفقة اللحن العاطفي للبيانو
ففتنة أيام الطفولة تغطيني.. ورجولتي
مطروحةٌ في طوفان الذكريات،
وأنا.. أبكي أنا للماضي.. مثل طفل

Piano

Softly, in the dusk, a woman is singing to me;
Taking me back down the vista of years, till I see
A child sitting under the piano, in the boom of the tingling strings
And pressing the small, poised feet of a mother who smiles as she sings.

In spite of myself, the insidious mastery of song
Betrays me back, till the heart of me weeps to belong
to the old Sunday evenings at home, with the winter outside
And hymns in the cosy parlour, the tinkling piano our guide.

So now it is vain for the singer to burst into clamour
With the great black piano appassionato. The glamour
Of childish days is upon me, my manhood is cast
Down in the flood of remembrance, I weep like a child for the past


أغنيات خالدات - الحلقة الثالثة عشرة
بوب ديلان

صوت الشباب الثائر


بوب ديلان Bob Dylan ( واسمه الحقيقي روبرت تسيمرمان) مغنٍ وملحن وشاعر أمريكي حاز على شهرة عالمية عظيمة وخصوصاً في أوساط الشباب والمثقفين والطبقة العاملة. ولد عام1941 في بلدة صغيرة بولاية مينوسوتا قرب الحدود مع كندا لأبوين من المهاجرين اليهود من أوكرانيا، تعلم العزف على الغيتار وهو طفل صغير وتحول الي عازف محترف علي الغيتار والهارمونيكا قبل أن يصل الثامنة عشرة من العمر.
كان أول ظهور له كعازف ومغن في عام 1955حين شارك في حفلات موسيقية بمصاحبة فرقة متخصصة في الموسيقى الفولكلورية مكونة من أربعة من الشبان، لكنه لم يلبث أن ضاق ذرعا بالحياة في المدينة الصغيرة والغناء في البارات والمقاهي الرخيصة فانتقل عام 1961 الى نيويورك التي كانت آنذاك مدينة تزدحم بالنوادي التي تعج بحفلات الموسيقي الفولكلورية، فلاحظ على الفور أن غالبية المغنين فيها يكتفون بإعادة أداء الأغاني الفولكلورية القديمة أو في أحسن الأحوال تأليف أغان جديدة علي منوال ايقاعات معروفة سلفا. لكن الموسيقي في نيويورك آنذاك كانت تعيش أيضا علي ايقاع حيوية ثقافية صاخبة بفضل شعراء وكتاب حركة البتنيكس الذين كانوا ينظمون قراءاتهم في نوادي الجاز، فلم يلبث أن تعرف على أكثرهم، خاصة "آلن غينسبرغ" الذي رأى فيه منذ اللقاء الأول بذور عبقرية موسيقية جديدة وشجعه علي كتابة نصوص أغانيه وإغنائها بمضامين ثورية احتجاجية. وهناك تعرف أيضاً على مطربه المفضل "ودي جوثري" الذي كان يتميز عن بقية المغنيين بدفاعه عن الطبقات العمالية والمضطهدين. وهكذا من حفلة لأخرى سحر هذا الشاب الخجول الناسَ بصوته الجامح المسكون بنبرة حزن موجعة وبأغانيه التي تروي شجون الحياة اليومية عبر قصص قصيرة ومكثفة تحكي انكسارات وأحزان المواطن الأمريكي العادي، وإذا به، وفي غضون عام واحد، يكتسب شهرة متعاظمة، ليقوم في العام التالي بتغيير اسمه الي بوب ديلان تيمنا بالشاعر توماس ديلان وتزامنا مع إصدار ألبومه الأول الذي لقي نجاحا كبيرا علي الفور وضم أغانيه الأكثر شهرة حتى الساعة.
لا يمكن فهم صعود نجم ديلان من دون ربطه بالسياق الثقافي والسياسي العام الذي بزغ فيه نجمه؛ فقد كان عصره عصر الحرب الباردة وحركات الاحتجاج الشبابية الكبرى على سباق التسلح وحرب فيتنام واضطهاد السود كما كان عصر التحول الى موسيقى الروك التي صارت اللون الموسيقي الأكثر جدة وانتشاراً والتصاقا بهموم وتطلعات الشباب الأمريكي، وابتداء من 1964 تحول ديلان الي العزف علي الغيتار الكهربائي منتقلا من الموسيقي الفولكلورية الي الروك، ويؤكد مؤرخو الموسيقى على أن هذا التحول كان له الفضل الكبير في دفع الموسيقى الشعبية المدينية إلى عالم موسيقى الروك وإغنائها بالمضامين العميقة والوعي السياسي والاجتماعي حتى غدت أغنياته بمثابة النشيد الوطني لجيل كامل من الشباب الغاضب خلال الستينات وأوائل السبعينات.
نال ديلان الكثير من الجوائز الكبرى شاعراً ومثقفاً وموسيقاراً ومغنياً، وعده بعض النقاد أفضل كاتب كلمات في تاريخ الغناء الغربي، وهو يستلهم تلك الكلمات من حياته ومن آمال وأحزان وتطلعات الناس المحيطين به والشباب منهم على وجه الخصوص. ومما يزيد من تقدير الناس لكلماته أنها محاطة بقدر كبير من الغموض المحبب الذي يبقي الأغنية حية ومفتوحة على العديد من التفسيرات والاحتمالات التي يخمنها المستمعون كل حسب طريقته دون أن يتطوع هو بتفسيرها وإيضاح معانيها. حدث هذا مثلاً في أغنيته القصيرة أطرق باب السماء (التي كتبها وغناها من أجل الموسيقى التصويرية لفيلم Pat Garrett & Billy the Kid عام 1973 وحققت مراتب متقدمة وتبوأت المرتبة الثانية عشرة في قائمة Billboard لأفضل 100 أغنية فردية في العالم) وهي تتحدث على لسان مساعد شرطة يخاطب أمه وهو في لحظاته الأخيرة بعد إصابته في مواجهة مع المجرمين؛ أو في أغنيته الذائعة الصيت Like a rolling stone التي عدها البعض أعظم أغنية روك في التاريخ، والتي اختلفت الآراء وتعددت حولها وحول قصتها وقيل أنها تتحدث عن فتاة منعَّمة هجرت قيم الأسرة والوفاء والصدق مع النفس (تلك القيم التي تتردد أصداؤها في أغلب أغنياته) وانغمست في عالم اللهو والأضواء والرفقة المداهنة لتفقد كل شيء: البيت والثراء والأضواء والأصدقاء ولقمة الخبز.
شارك ديلان في ألمع التظاهرات والمهرجانات الموسيقية في الولايات المتحدة وأدى بعض الأغاني مع المغنية الشهيرة "جون بيز" التي كانت هي الأخرى من بين أبرز ممثلي الفن الملتزم المناهض لحرب فيتنام آنذاك. ومع أن تأثيره وصل إلى ذروته في الستينات من القرن العشرين، فقد استمر في كونه فناناً له جمهور واسع من المعجبين ويتبع خطواته عن كثب العديد من الفنانين المعاصرين. لم يرضَ ديلان، رغم بلوغه السبعين، أن يتوقف عن الإبداع أو أن يوضع على الرف أو يتحول الى فنان مُتقاعد يقدم النصيحة إلى الآخرين، وواظب طوال حياته على إنتاج البومات مميزة، متنوعة العناصر والأساليب والثيمات ولا تتبع مساراً ثابتاً بحيث تمثل شهادة فريدة على روح الابتكار لدى موسيقى البوب وعلى قدرة ديلان شخصياً على الاستمرار عبر جولاته الفنية الماراثونية وتسجيله الذي لا يكل للمزيد من الأغنيات التي تتجاوز قدرة المراقبين على التكهن بما يأتي به من جديد.

(1) أطرقُ باب السماء

أمّاه، انزعي هذه الشارة عن صدري
لم أعد قادراً على النظر
كل شيء يغدو مظلماً في عيني
أشعر كأنني.. أطرقُ باب السماء
...
أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء
أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء
...
أمّاه، ضعي مسدسي على الأرض
لم أعد قادراً على التصويب
وتلك الغيمة الطويلة الظلماء.. تدنو من الأرض
أشعر كأنني.. أطرقُ باب السماء
...
أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء
أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء

Knockin On Heavens Door lyrics

Mama, take this badge off of me
I can t use it anymore.
It s gettin dark, too dark for me to see
I feel like I m knockin on heaven s door.

Knock, knock, knockin on heaven s door
Knock, knock, knockin on heaven s door
Knock, knock, knockin on heaven s door
Knock, knock, knockin on heaven s door

Mama, put my guns in the ground
I can t shoot them anymore.
That long black cloud is comin down
I feel like I m knockin on heaven s door.

Knock, knock, knockin on heaven s door
Knock, knock, knockin on heaven s door
Knock, knock, knockin on heaven s door
Knock, knock, knockin on heaven s door

رابط الأغنية:
http://www.youtube.com/watch?v=cJpB_AEZf6U


(2) مثل حجرٍ يتدحرج

قد كان يا ما كان
في يوم من الأيام، لبستِ أحسن الثياب
ورميت قرشاً للمتسولين
كنت في عنفوانك، أليس كذلك؟
كان الناس ينادونك "أيتها الجميلة الطائشة.. أحذري.. ستسقطين"
فظننت أنهم يمزحون.
كان المتسكعون يثيرون ضحكك
لكنك الآن لا ترفعين صوتك بالحديث
ولا تبدين فخورة عندما تتسولين وجبتك القادمة
كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟
...
حسناً يا آنسة "وحيدة"
قد درستِ في أرقى المدارس، لكنك تعرفين
أنهم كانوا يعصرونك فيها عصراً
ولم يعلمك أحدٌ كيف تعيشين على قارعة الطريق
لكنك الآن مرغمة على اعتياد ذلك
كنت تقولين: لن أتساوم مع المتشرد الغامض
لكنك الآن تدركين: أنه لا يبيع الأعذار
حين تحدقين في خواء عينيه
وتسألينه أن يعقد صفقةً معك
...
كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟
...
لم تلتفتي لتري تقطيبة الحزن خلف أوجه المهرجين
حين جاؤوا جميعاً ليرقصوا ويلعبوا أمامك
لم تفهمي أن الأمر سيء
ما كان عليك أن تسمحي للآخرين
أن يتلقوا الرفسات بدلاً عنك
كنت تركبين حصانك المطلي بالكروم
يصحبك دبلوماسيون يحملون على أكتافهم
قطتك السيامية المدللة
هل تألمك يومَ اكتشفت
بأنه لم يكن حيث يجدر
بعد أن سلب منك كل ما استطاع سرقته

كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟
...
أميرة البرج العالي، كل الظرفاء الآخرين
يشربون، واثقين من نجاحهم
يتبادلون أثمن الهدايا
أما أنتِ يا فتاتي فيجدر بك
أن تنزعي خاتمك الماسي، أن ترهنيه.
نابليون في الأسمال، ولغة حديثه
كانا يسليانك
اذهبي اليه الآن، إنه يناديك، ولا يمكنك الرفض
فحين لا تملكين شيئاً.. ليس ثمة ما تخسريه
أنت الآن لا مرئية تماماً، وليس عندك ما تخفيه
...
كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟
Like a rolling stone

Once upon a time you dressed so fine,
Threw the bums a dime in your prime, didn t you ?
People d call, say, "Beware doll, you re bound to fall,"
You thought they were all a’kiddin you.
You used to laugh about
Everybody that was hangin out.
Now you don t talk so loud,
Now you don t seem so proud,
About having to be scrounging your next meal.

How does it feel ?
How does it feel ?
To be without a home ?
Like a complete unknown ?
Like a rolling stone ?

Aw, you ve gone to the finest school all right, Miss Lonely,
But you know you only used to get “juiced” in it.
Nobody’s ever taught you how to live out on the street,
And now you re gonna have to get used to it.
You say you never compromise
With a mystery tramp, but now you realize
He s not selling any alibis
As you stare into the vacuum of his eyes
And say, “Do you want to make a deal?

How does it feel ?
How does it feel ?
To be on your own ?
With no direction home ?
A complete unknown ?
Like a rolling stone ?

Aw, you never turned around to see the frowns
On the jugglers and the clowns
When they all did tricks for you.
You never understood that it ain t no good,
You shouldn t let other people get your kicks for you.
You used to ride on a chrome horse with your diplomat
Who carried on his shoulder a Siamese cat.
Ain t it hard when you discover that
He really wasn t where it s at
After he took from you everything he could steal ?

How does it feel ?
How does it feel ?
To have ya’ on your own ?
With no direction home ?
Like a complete unknown ?
Like a rolling stone ?
Aw, princess on the steeple and all the pretty people
They re all drinkin , thinkin that they’ve got it made.
Exchanging all precious gifts,
But you d better take your diamond ring, you d better pawn it babe.
You used to be so amused
At Napoleon in rags and the language that he used.
Go to him now, he calls you, you can t refuse.
When you ain’t got nothing, you’ve got nothing to lose
You re invisible now, you’ve got no secrets to conceal.
How does it feel ?
Aw, how does it feel ?
To be on your own ?
With no direction home ?
Like a complete unknown ?
Like a rolling stone ?
رابط الأغنية
http://www.youtube.com/watch?v=g1s47L8DrJ0

(3) في مهب الريح

كم من الطرقات ينبغي للإنسان أن يقطعها
قبل أن ندعوه رجلاً؟
كم من البحار ينبغي للحمامة البيضاء أن تطير فوقها
قبل أن تنام في الرمال؟
وكم من القنابل ينبغي أن تقذفها المدافع
قبل أن تُحظرَ الى الأبد؟
...
الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب في مهب الريح
...
كم من السنين ستبقى الجبال
قبل أن تذوب في البحار؟
كم من السنين يعيش بعض الناس
قبل أن ينالوا حريتهم؟
وكم من المرات يمكن للإنسان
أن يدير رأسه.. ويتظاهر بالعمى؟
...
الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب في مهب الريح
...
كم مرة ينبغي للمرء أن يرفع عينيه
قبل أن يبصر السماء؟
كم من الآذان ينبغي أن يملكها المرء
قبل أن يسمع بكاء الآخرين؟
وكم من الوفيات يجب أن تحدث
قبل أن ندرك
أن الكثيرين .. الكثيرين.. قد ماتوا؟
...
الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب.. في مهب الريح
Blowing In The Wind

How many roads must a man walk down,
before you call him a man?
How many seas must a white dove fly,
before she sleeps in the sand?
And how many times must a cannon ball fly,
before they re forever banned?

The answer my friend is blowing in the wind,
the answer is blowing in the wind.

How many years can a mountain exist,
before it is washed to the sea?
How many years can some people exist,
before they re allowed to be free?
And how many times can a man turn his head,
and pretend that he just doesn t see?

The answer my friend is blowing in the wind,
the answer is blowing in the wind.

How many times must a man look up,
before he sees the sky?
And how many ears must one man have,
before he can hear people cry ?
And how many deaths will it take till we know,
that too many people have died?

The answer my friend is blowing in the wind,
the answer is blowing in the wind.
The answer my friend is blowing in the wind,
the answer is blowing in the wind.
رابط الأغنية:
http://www.youtube.com/watch?v=y6oDfZlnK6E

(4) أرقدي يا سيدتي أرقدي
أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
كل ما برأسك الجميل من ألوان
سأريك إياها.. مشرقةً.. أمام ناظريك
...
أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً مع فارسك
حتى انبلاج النهار، ودعيني أراكِ
وأنت ترسمين البسمة على محياه
ثيابه متسخة، لكن يديه طاهرتان
وأنت.. أنتِ أروع ما رأته عيناه
...
أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً مع فارسك
ولماذا المزيد من الانتظار.. كي يبدأ العاَلم
بوسعك أن تتناولي إفطارك.. وقطعة الحلوى
لماذا المزيد من الانتظار.. للرجل الذي تعشقينه
وهو هنا.. أمام ناظريك
...
أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً بعد
ما دام الليلُ لم يبرح
أتوق الى مرآك في ضياء الصباح
وأتوق الى بلوغك في سكون الليل
أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً.. ما دام الليلُ لم يبرح
Lay Lady Lay

Lay, lady, lay, lay across my big brass bed
Lay, lady, lay, lay across my big brass bed
Whatever colors you have in your mind
I ll show them to you and you ll see them shine.

Lay, lady, lay, lay across my big brass bed
Stay, lady, stay, stay with your man awhile
Until the break of day, let me see you make him smile
His clothes are dirty but his hands are clean
And you re the best thing that he s ever seen.

Stay, lady, stay, stay with your man awhile
Why wait any longer for the world to begin
You can have your cake and eat it too
Why wait any longer for the one you love
When he s standing in front of you.

Lay, lady, lay, lay across my big brass bed
Stay, lady, stay, stay while the night is still ahead
I long to see you in the morning light
I long to reach for you in the night
Stay, lady, stay, stay while the night is still ahead.
رابط الأغنية:
http://www.youtube.com/watch?v=5n2aYUaxPCY

بحث هذه المدونة الإلكترونية