أرقد بسلام أيها الصنم العجوز

أرقد بسلام أيها الصنم العجوز
لا تضع عبثاً.. ما تبقى لك من أنفاس
لن ألومك على ما سلبتني
من نهزة ودم وحلم

..
لا تحاول القيام
خير لك أن تنام
على تراتيل من تبقى..
من عاكفين على الجثة الجليلة
...
أنت ميت.. صدقني
وما هذا الذي تسمعه
غير رؤيا..
لعالم آفل بعيد
...
أرقد بسلام أيها الصنم السعيد
أرقد بسلام...




في الثناء على دون كيشوت


في زمن ما
لا يتذكره رأسي الصغير
كان الناس يجنّون من الحب
وكانت ثمة أنهار
تحفر في الأرض
وتهزأ بالأسوار
وكان الفرسان.. يبيتون بلا مأوى
وكان الخبز شحيحاً
لكن الأنجم..
كانت أكثر قربا..
وبهاءْ
...
بيد أن الأرض
يا صاحبي المليء بالرضوض
ليست فندقا نظيفا
صالحا لمبيت الملائكة
ولهذا.. رغم حبي
وشفقتي
وما أشاطرك من جنون
مرغمٌ أنا
على ليِّ عنان حماري المخلص
نحو قريتي
وتركك ها هنا.. في البر الموحش
لتبارز.. وحدك.. الطواحين..
....
أحبك سيدي
آسف على فراقك
لا أملك شيئاً أهديه
غير أن أترك لك
هذا الخبز الأسود.. والجبن القديم
وزِقَّ النبيذ...
...
لا تتعقّل يا سيدي
لا تتعقل
سأحرقُ ذكراك
إن فعلتْ!




أغنيات خالدات

الحلقة السادسة عشرة

شارل أزنافور.. خذني الى صِباي




شارل أزنافور
مغنٍ وشاعر وممثل وناشط اجتماعي وسياسي ودبلوماسي فرنسي من أصل أرميني. يعد واحداً من اشهر مطربي فرنسا والعالم.
ولد بباريس في 22 أيار 1924 لأبوين أرمنيين حيث قضى الأب شبابه في جورجيا المجاورة ثم انتقل وعائلته الى فرنسا التي عمل مغنيا في مطاعمها قبل أن يفتتح مطعماً خاصاً أسماه "القفقاس". ثم قام، بالتعاون مع زوجته الممثلة المهاجرة من تركيا بإدخال ابنه الى عالم الفن في سن مبكرة جداً. ولم تلبث طموحات الصغير الفنية أن استولت عليه فترك المدرسة في عمر التاسعة ليجرب حظه هنا وهناك حتى سنحت فرصته الكبرى عندما سمعته مغنية فرنسا الأولى الأسطورة بياف واصطحبته في جولاتها الغنائية في فرنسا وأمريكا.
ألف أزنافور العديد من المسرحيات الموسيقية وشارك في تمثيل أكثر من 60 فلماً كما ألف أكثر من ألف أغنية في اللغات العديدة التي يجيدها الى جانب الفرنسية (منها 150 بالإنكليزية و 100 بالإيطالية و70 بالإسبانية و 50 بالألمانية علاوة على العديد من الأغنيات الأخرى التي كتبها أو غناها بالأرمنية والروسية والبرتغالية) وتجاوزت مبيعات تسجيلاته المائة مليون تسجيلاً. في عام 1998 منحه استفتاء أجرته السي أن أن ومجلة تايم لقب "مؤدي القرن" حاصداً 18% من أجمالي الأصوات متجاوزاً ألفيس بريلي وبوب ديلان. يقع صوته في طبقة التينور مع قرار عميق وقدره فائقة على التلون والتحكم مما منحه أسلوباً متميزاً جميلاً دعا النقاد الى تسميته بفرانك سيناترا الفرنسي. غنى أزنافور في كل قارات العالم وقام بـ 55 جولة فنية ناجحة في 90 دولة وحقق النجاح حيثما حل (في أمريكا، روسيا، كندا، الأرجنتين، أرمينيا، كوبا، البرتغال، هولندا، بريطانيا.. الخ).تعاون أزنافور مع العديد من الفنانين في أنحاء العالم مثل بوب ديلان وشيرلي باسي ونانا موسكوري وخوليو إكليسياس وميراي ماثيو وسيلين ديون وبافاروتي وغيرهم.

عرف أزنافور، علاوة على التمثيل والغناء، بنشاطه الاجتماعي والإنساني المتواصل. فقد أسس على سبيل المثال منظمة خيرية اسماها "أزنافور من أجل أرمينيا" لمساعدة أبناء بلده الأصلي وخصوصاً بعد الزلزال المدمر الذي ضربه عام 1988 وألف أغنيته الشهيرة "من أجلك يا أرمينيا" التي غنتها مجموعة من كبار فناني فرنسا. كما كتب أغنية بعنوان "لسوف يسقطون" تدور حول حملات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن. وكافأته أرمينيا بأن منحته جنسيتها ولقب بطل الشعب الأرميني، وهو أعلى لقب تكريمي عندها، واختارته (رقم كونه سفيراً فخريا لفرنسا فيها) ليكون سفيراً لها في سويسراً ومندوبها الدائم لها لدى اليونسكو ولدى مقر الأمم المتحدة في جنيف (حيث يقيم وأسرته) كما سمت إحدى الساحات الرئيسية في قلب العاصمة ييرفان باسمه وأقامت له تمثالاُ في جيومري التي شهدت أكير عدد من ضحايا الزلزال.
كما انخرط بقوة متزايدة في الشؤون السياسية والاجتماعية في بلده فرنسا وفي أرجاء العالم الأخرى، ففي الانتخابات الرئاسية لعام 2002 وعندما ظهرت إشارات على تقدم مرشح اليمين المتطرف "جان ماري لوبان" وقع بياناً شهيرا بعنوان "تحيا فرنسا" ودعا كل الفرنسيين الى ترديد نشيد "المارسيّيز" احتجاجاً على الخطر الداهم مما كان له أبلغ الأثر في تجديد ولاية صديقه جاك شيراك عبر فوز ساحق في الجولة الثانية. علاوة على ذلك فهو واحد من أشد دعاة حماية الملكية الفكرية والإبداعية، فقد قاد حملة عالمية حامية لإقرار تشريعات مضادة للقرصنة عبر الانترنت الأمر الذي أسفر عن إقرار مجلس الشيوخ الفرنسي عام 2009 وبأغلبية ساحقة لواحد من أقوى التشريعات بهذا الخصوص وهو ما عده أزنافور نصراً للفن وللفنانين (والشباب منهم على وجه الخصوص). وفي عام 2010 عندما وقعت كارثة زلزال هاييتي سجل بالتعاون مع أكثر من 40 فناناً كبيراً شريطاً فنياً لدعم ضحايا الزلزال.
في عام 2006 شرع أزنافور، هذا الرجل المرح القصير القامة ذو الشخصية المحبوبة والطاقة التي لا تنضب، بما سماه بجولة الوداع حول العالم فاستقبل بحفاوة أينما حل وحقق نجاحاً منقطع النظير لم يتوقف حتى الساعة برغم سني عمره السبع والثمانين التي ينتظر محبوه رواية أحداثها في كتاب سيصدر في أوائل سبتمبر/أيلول من هذا العام بعنوان (من باب إلى الآخر) عن دار النشر الفرنسية "دون كيشوت".


(1) أمسِ حينَ كنتُ فتياً

بالأمسِ..ِ حينَ كنتُ فتياً
كان طعم الحياة حلواً، مثل مطرٍ، على لساني
لكنني.. وكمثلِ لعبة حمقاء.. عابثتُها
كما يعبث نسيم العشايا.. بذُبالات الشموع.
آلافٌ من أحلامٍ حلمتها، وآمالٍ رسمتها..
بنيتها، كلها.. يا حسرتي.. على رملٍ..
واهنٍ.. لا يثبُتُ على حال.
تعلقت بالليالي.. ونأيت عن وضَح النهار
والآن.. الآن فقط.. أرى كيف فرَّت السنون..
...
بالأمسِ..ِ حينَ كنتُ فتياً
كثير من أغنيات الثمالة كانت.. بانتظار الغناء
وكثير من جامح الملذات.. تقبع في خزائني
وكثير من الآلام.. رفضت عيناي
عيناي المبهورتان.. أن تراها
سريعا كنت أجري وأجري حتى نفد الزمان والشباب
لم ألتقط أنفاسي لأفكر في مغزى الحياة
وكل حديث أستعيد اليوم ذكراه
ما كان إلا لأجلي.. لأجلي أنا وحدي
...
بالأمس كان القمر أزرق، وكل نهار مجنون
كان يمنحني شيئاً جديداً أفعله
وكان سحر الشباب في يدي.. كعصاً في يد ساحر
فلم أبصر الخراب.. والخواء الذي يمتد خلفه
قد لعبت لعبة الحب.. في فخارٍ وكِبَر
وكل نارٍ أوقدتُها.. خَبَت كلمحِ البصر
وارفَضَّ من حوليَ الصَحبُ
فظللت ها هنا، على المسرح
وحدي.. حتى ختام الرواية
وفي أعماقي أغنيات كثر.. لن تغنّى
وها لساني.. يذوق مرّ الدموع
وها هي الساعة قد أزفت
لأدفع الثمن.. عن أمسي
أمسِ حينَ كنتُ.. فتياً.. فتيا.. فتيا

Yesterday When I Was Young
Yesterday when I was young
The taste of life was sweet as rain upon my tongue,
I teased at life as if it were a foolish game
The way the evening breeze would tease a candle flame,
The thousand dreams I dreamed, the splendid things I planned
I always built alas, on weak and shifting sand,
I lived by night and shunned the naked light of day
And only now I see how the years have run away
Yesterday when I was young
So many drinking songs were waiting to be sung,
So many wayward pleasures that lay in store for me
And so much pain my dazzled eyes refused to see,
I ran so fast that time and youth at last ran out
I never stopped to think what life was all about,
And every conversation I can now recall
Concerned itself with me, me and nothing else at all.
Yesterday the moon was blue
And every crazy day brought something new to do,
I used my magic age as if it were a wand
And never saw the waste and emptiness beyond,
The game of love I played with arrogance and pride
And every flame I lit too quickly, quickly died
The friends I made all seemed, somehow, to drift away
And only I am left on stage to end the play.
There are so many songs in me that won t be sung,
I feel the bitter taste of tears upon my tongue
And time has come for me to pay for yesterday
When I was young, young, young.
رابط الأغنية
http://www.youtube.com/watch?v=yV7MELY44DQ

(2) بوهيمية

سأحكي لكم عن زمانٍ
يعجز عن إدراكه اليافعون
في ذلك الزمان.. كان مونتمارت
يعلِّق ليلكه تحت نوافذنا
نوافذ غرفتنا التي.. رغم فقرها
كانت لغرامنا عشاً.. وفيها عرف واحدنا الآخر:
أنا.. الذي أصرخ من الجوع
وأنت التي.. تقفين أمامي عارية لأرسمك
...
بوهيمية..يا بوهيمية.. يا من تعنين: أن تكون سعيداً
بوهيمية..يا بوهيمية.. يا من تعنين: أن تأكل مرة كل يومين!
...
في الحانات المجاورة
كنا ننتظر المجد
ورغم بؤسنا، وبطوننا الخاويات
ما كففنا عن الإيمان والأمل
وحين كانت إحدى الحانات
تقبل لوحةً منا.. نظير وجبةٍ ساخنة
كنا نجلسُ الى الموقد
لنتلو الأشعار.. ونذهل عن برد الشتاء!
...
بوهيمية..يا بوهيمية.. يا من تعنين: ما ألطفك!
بوهيمية..يا بوهيمية.. وكلنا عبقري!
...
وكم من ليلةٍ ما غمضت أجفاني
قضّيتها أمام مسند الرسم
أضع لمسات فرشاتي..
على خطوط نهدٍ هنا.. وخصرٍ هناك
حتى أهوي جالساً في الصباح
متعباً..منتشياً معاً
أمام كوبٍ من القهوة البيضاء
هكذا كان.. حين كنا معاً
وهكذا كان.. حين أحببنا الحياة
...
بوهيمية..يا بوهيمية.. يا من تعنين: أن تكونَ في العشرين!
بوهيمية..يا بوهيمية.. وكنا نعيش.. على هواء عصرنا!
...
أحياناً.. نزوةٌ تقود خطايَ
الى عنواني القديم
لم أعد أميّز المكان.. لا الشوارع.. لا الجدران
تلك التي شهدت شبيبتي.
وفي نهاية سلّمٍ ما
أبحث عن مرسمٍ.. لم يبق منه شيء..
حزينٌ مونتمارت.. والليلك مات!
...
بوهيمية..يا بوهيمية.. وكنا شباباً.. كنا حمقى
بوهيمية..يا بوهيمية.. ولم تعودي..تعنين شيئاً!

La bohème
Je vous parle d un temps
Que les moins de vingt ans ne peuvent pas connaître
Montmartre en ce temps-là accrochait ses lilas
Jusque sous nos fenêtres et si l humble garni
Qui nous servait de nid ne payait pas de mine
C est là qu on s est connu
Moi qui criait famine et toi qui posais nue
La bohème, la bohème. Ça voulait dire on est heureux
La bohème, la bohème. Nous ne mangions qu un jour sur deux
Dans les cafés voisins
Nous étions quelques-uns
Qui attendions la gloire et bien que miséreux
Avec le ventre creux
Nous ne cessions d y croire et quand quelque bistro
Contre un bon repas chaud
Nous prenait une toile, nous récitions des vers
Groupés autour du poêle en oubliant l hiver
La bohème, la bohème. Ça voulait dire tu es jolie
La bohème, la bohème et nous avions tous du génie
Souvent il m arrivait
Devant mon chevalet
De passer des nuits blanches
Retouchant le dessin
De la ligne d un sein
Du galbe d une hanche et ce n est qu au matin
Qu on s asseyait enfin
Devant un café-crème
Epuisés mais ravis
Fallait-il que l on s aime et qu on aime la vie
La bohème, la bohème. Ça voulait dire on a vingt ans
La bohème, la bohème et nous vivions de l air du temps
Quand au hasard des jours
Je m en vais faire un tour
A mon ancienne adresse
Je ne reconnais plus
Ni les murs, ni les rues
Qui ont vu ma jeunesse
En haut d un escalier
Je cherche l atelier
Dont plus rien ne subsiste
Dans son nouveau décor
Montmartre semble triste et les lilas sont morts
La bohème, la bohème. On était jeunes, on était fous
La bohème, la bohème. Ça ne veut plus rien dire du tout
رابط الأغنية
http://www.youtube.com/watch?v=qMIZ6X0YJwU


(3) خذني

الى أرصفة الميناء
حيث ينحني ظهري.. من الأحمال والضجر
تصل السفائن
حبلى.. بالغلال
...
تجيء من آخر الدنيا
تحمل معها أفكاراً شريدة
وعلى أجسادها تلمع زرقة السماء
كما لمعة السراب
...
تعبق منها روائح البهار والبخور
من أقاليمَ مجهولةٍ
حيث صيفٌ أبدي
وأناس على الشواطئ.. نصف عراة
...
وأنا الذي ما عرفتُ في الحياة
غير سماء الشمال
كم أتوق لغسل جلدي الذي كالرماد
بطين المراكب الأسمر
...
خذني الى آخر الأرض
خذني الى أرض العجائب
أظن أن شقائي
سيخفُ.. وأوجاعي..هناك.. تحت الشمس
...
في الحانة، في الليل
في صحبة من بحارةٍ
نثرثر عن الحب والنساء
وفي اليد كأس
أفقد كنه الأشياء
وعلى حين غرّةٍ
تنزعني الأفكار وتلقيني
عند صيفٍ عجيبٍ.. على الشطآن
حيث أبصر أذرعاً متشابكات
وقبالتي.. يركض العشق كالمجنون
وأتعلق به.. ممسكاً رقاب أحلامي
...
وحين يغلق الحان
ويهجع البحارة في مخادع السفن
أظل أحلم حتى يتدلى النهار
على هامة الميناء
...
خذني الى آخر الأرض
خذني الى أرض العجائب
أظن أن شقائي
سيخفُ.. وأوجاعي..هناك.. تحت الشمس
...
لأجل يومٍ طيب
فوق سفينةٍ هرمة
لا أبالي ولو عملت وقاد فحمٍ
في قبوها المسافر
وسأسلك الطريق الذي
يحملني لأحلام صباي
في جزيرة نائية.. لا مهم فيها
سوى الحياة
حيث ضامرات الخصور
كما قيل لي.. يسحرن كل فؤاد
ويظفرن قلائد الورد
يسكِرنَ بها.. كل إنسان
...
أريد أن أفرَّ.. دون ندامة
تاركاً خلفي كل ماضٍ
بفؤادٍ خليّ.. دونما متاعٍ..
وفمي.. يصدح بالأغنيات
...
خذني الى آخر الأرض
خذني الى أرض العجائب
أظن أن شقائي
سيخفُ.. وأوجاعي..هناك.. تحت الشمس

Emmenez-moi
Vers les docks où le poids et l ennui
Me courbent le dos
Ils arrivent le ventre alourdi
De fruits les bateaux
Ils viennent du bout du monde
Apportant avec eux
Des idées vagabondes
Aux reflets de ciels bleus
De mirages
Traînant un parfum poivré
De pays inconnus
Et d éternels étés
Où l on vit presque nus
Sur les plages
Moi qui n ai connu toute ma vie
Que le ciel du nord
J aimerais débarbouiller ce gris
En virant de bord
Emmenez-moi au bout de la terre
Emmenez-moi au pays des merveilles
Il me semble que la misère
Serait moins pénible au soleil
Dans les bars à la tombée du jour
Avec les marins
Quand on parle de filles et d amour
Un verre à la main
Je perds la notion des choses
Et soudain ma pensée
M enlève et me dépose
Un merveilleux été
Sur la grève
Où je vois tendant les bras
L amour qui comme un fou
Court au devant de moi
Et je me pends au cou
De mon rêve
Quand les bars ferment, que les marins
Rejoignent leur bord
Moi je rêve encore jusqu au matin
Debout sur le port
Emmenez-moi au bout de la terre
Emmenez-moi au pays des merveilles
Il me semble que la misère
Serait moins pénible au soleil
Un beau jour sur un rafiot craquant
De la coque au pont
Pour partir je travaillerais dans
La soute à charbon
Prenant la route qui mène
A mes rêves d enfant
Sur des îles lointaines
Où rien n est important
Que de vivre
Où les filles alanguies
Vous ravissent le cœur
En tressant m a t on dit
De ces colliers de fleurs
Qui enivrent
Je fuirais laissant là mon passé
Sans aucun remords
Sans bagage et le cœur libéré
En chantant très fort
Emmenez-moi au bout de la terre
Emmenez-moi au pays des merveilles
Il me semble que la misère
Serait moins pénible au soleil
رابط الأغنية
http://www.youtube.com/watch?v=ieYQKS9-Is0






أغنيات خالدات الحلقة الخامسة عشرة وتني هيوستن.. الصوت الذهبي


وتني إليزابيث هيوستن (1963-..) مغنية وممثلة وعارضة أزياء سابقة أمريكية الجنسية والمولد. ولدت في إحدى الأحياء المتوسطة في نيوأرك-نيو جيرسي، وكانت الطفلة الثالثة والصغرى لجون وسيزي هيوستن التي كانت مغنية معروفة على المستوى المحلي. عندما بلغت الحادية عشرة من عمرها أخذت تتبع خطوات أمها والعديد من المغنين المتميزين الذين تزخر بهم أسرتها، وتشارك منفردة (سولو) في فرقة الغناء الكنسي في مدينتها، كما بدأت بتعلم العزف على البيانو، ثم شرعت بمرافقة والدتها في حفلاتها واعتلاء خشبة المسرح لمرافقتها في بعض الأحيان. وما أن بلغت الرابعة عشرة حتى أخذت مكانها كمغنية مساعدة، لكن بدايتها الحقيقية لم تحن إلا عام 1985 عندما أصدرت ألبومها الغنائي الأول "وتني هيوستن" ليصبح أفضل ألبوم غنائي مبيعا لمطربة جديدة فكان أن وصفتها مجلة رولنغ ستون Rolling Stone الفنية الشهيرة بأنها "واحدة من أكثر الأصوات الجديدة إثارة للانتباه". ثم تلته عام 1987 بألبومها الثاني "وتني" لتكون أول امرأة تحتل المرتبة الأولى في جدول Billboard 200 للإصدارات، الأمر الذي حفز العديد من المطربات الأمريكيات-الأفريقيات على تتبع خطوات نجاحاتها المدوية.
ثم توجهت الى السينما خلال التسعينات فكان أول أدوارها في فيلم الحارس الشخصي The Bodyguard عام 1992 الذي قاسمها بطولته الممثل الشهير كيفن كوستنر ويروي قصة مغنية شهيرة تستأجر شرطيا سرياً سابقاً ليحميها من معجب مطارِدٍ مجهول، ففازت الموسيقى التصويرية للفلم بجائزة غرامي عام 1994 ووضعت مجلة USA Today الفلم في قائمة أفضل 25 فلماً في ربع القرن الأخير، كما فازت أغنيتها المنفردة الشهيرة "سأحبك الى الأبد" بلقب أفضل الأغنيات النسائية المفردة مبيعاً على مدى تاريخ الموسيقى، وأصبحت الأنثى الوحيدة (بالمرتبة الرابعة) في قائمة أفضل 10 ألبومات في التاريخ.
وفي عام 1995 شاركت في بطولة فلمها الروائي الثاني "في انتظار الزفير" Waiting to Exhale الذي يتحدث عن أربعة نساء أمريكيات-أفريقيات وعلاقاتهن العاطفية، كما شاركت عام 1996 في بطولة الفلم الكوميدي "زوجة الواعظ" The Preacher s Wife مع دنزل واشنطون وأدت فيه دور منشدة كنسية متزوجة من أحد القساوسة.
تعد وتني هيوستن أكثر المؤديات حصاداً للجوائز في التاريخ، إذ أن قائمة جوائزها البالغة 415 جائزة لغاية عام 2010 تضم (حسب موسوعة غينيس للأرقام القياسي) جائزة إيمي (مرتان) جائزة غرامي (6 مرات) جائزة بلبورد الموسيقية (30 مرة) جائزة الموسيقى الأمريكية (22 مرة)، كما إن مبيعاتها الهائلة (180 مليون ألبوم وأغنية) تجعلها واحدة من أفضل الفنانين في هذا المجال، برغم القلة النسبية لإصداراتها إذ لم تصدر حتى عام 2011 سوى (11) ألبوماً مسجلاً و(3) ألبومات فلمية.
يصنف نقاد الفن صوت وتني هيوستن في طبقة السوبرانو المعتدل mezzo-soprano وقد صنفتها مجلة رولنغ ستون في المرتبة الرابعة والثلاثين في قائمة أعظم المطربين في التاريخ قائلة: إن صوتها لهو صرخة متلألئة عملاقة، والقليل من المغنين يمكن أن يفلحوا في افتتاح أغنية لمدة 45 ثانية دون مصاحبة الموسيقى كما فعلت في أغنيتها سأحبك الى الأبد. فيما كتبت الناقدة آن باور: إن صوت هيوسن ينتصب مثل نصب عظيم فوق مشهد الغناء في القرن العشرين، تأوي اليه أحلام الملايين ويطمح الى محاكاته عدد لا يحصى من المعجبين والمقلدين، وعندما تكون في أحسن حالاتها فلا شيء يمكن أن يضارع صوتها العظيم، النقي، الجميل.
علاوة على اهتماماتها الفنية، تمارس هيوستن العديد من النشاطات الخيرية والاجتماعية؛ فقد أسست عام 1989 مؤسسة وتني هيوستن للأطفال وهي منظمة غير ربحية تعمل على جمع الأموال لصالح رعاية احتياجات الأطفال في العالم وخصوصا المشردين والفقراء والمصابين بالإيدز والسرطان. كما تبرعت بمبالغ ضخمة الى منظمة الصليب الأحمر مما حدا بها الى تسميتها عضواً في هيئة حكام المنظمة. وفي عام 1994 غنت في حفل استقبال كبير في البيت الأبيض على شرف الرئيس نلسون مانديلا الذي كان قد انتخب حديثاً، كما أقامت ثلاث حفلات في جنوب أفريقيا حضرها أكثر من مائتي ألف مشاهد تكريماً لهذا المناضل ليكون أضخم حدث فني فيها ولتكون أول فنانة عالمية تزور وتغني في تلك البلاد بعد نيلها حريتها وخلاصها من التمييز العنصري. وفي عام 1997 غيرت إحدى المعاهد الفنية في أمريكا اسمها الى أكاديمية وتني هيوستن للفنون كما منحتها جامعة غرامبلغ الحكومية في لويزيانا شهادة الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية.


(1) أين تمضي القلوب الكسيرة؟

أعرف أن وقتاً قد مضى ولكن
ثمة خاطرٌ يراودني:
ها أنت ترى.. لم أعد مثلما كنت
مذ ذاك النهار التشريني.. حين اتفقنا
أن نتباعد قليلا..
لكن كل الذي وجدناه: فضاءً خاوياً!
وكل الذي تعلمته: أنني أريدك بجنون!
..
وها أنا ذا أسألك...
فهل لك... أرجوك.. أن تجيب:
أين تمضي القلوب الكسيرة؟
وهل في وسعها أن تجد الطريق
عائدةً لأوطانها.. الى الأذرع المفتوحةِ
للحب الذي.. هناك في الانتظار؟
وإذا أحبك غيري
فهل سيدوم حبه للأبد؟
وها أنا أنظر في عينيك فتشيان لي
بأنني.. الى الآن.. أعني لك الكثير
..
قد عشت ما يكفي لأعرف
أن الأحلام لا تستحيل ذهباً
وبأنْ لا طريقَ سهلٌ
وبأن الهروبَ مُحال
وبأن ما في يدينا
لأعظم مما كان من قبل
وبأنك.. كيفما احتلتُ للأمر..
ستظل في عقلي.. على الدوام!
..
والآن.. إذ صرتُ معك
لا.. لن أدعك ترحل
وها أنا أنظر في أعماق عينيك...
فأعرف... الآن أعرف..
أين تمضي القلوب الكسيرة...

Where Do Broken Hearts Go

I know it s been some time
But there s something on my mind
You see, I haven t been the same
Since that cold November day...
We said we needed space
But all we found was an empty place
And the only thing I learned
Is that I need you desperately...
So here I am
And can you please tell me... oh
Where do broken hearts go
Can they find their way home
Back to the open arms
Of a love that s waiting there
And if somebody loves you
Won t they always love you
I look in your eyes
And I know that you still care, for me
I ve been around enough to know
That dreams don t turn to gold
And that there is no easy way
No you just can t run away...
And what we have is so much more
Than we ever had before
And no matter how I try
You re always on my mind
And now that I am here with you
I ll never let you go
I look into your eyes
And now I know, now I know...

رابط الأغنية
http://www.youtube.com/watch?v=PEw3CiPsbBo


(2) سأحبك .. الى الأبد

إذا ما اضطررت للبقاء
سأكون عقبة في دربك
لذا، سأرحل.. وأنا عارفةٌ
بأنني سأفكر فيك..
في كل خطوةٍ من الطريق.
..
وسأحبك.. على الدوام أحبك
سأحبك.. الى الأبد.. يا هوايَ أحبك
..
ولن آخذ معي.. سوى الذكريات
حلوها.. والمر منها
وداعاً إذن.. ولا تبكِ يا حبيب
فكلانا يعرف أنني.. لستُ من تريد!
لكنني سأحبك.. على الدوام أحبك
سأحبك.. الى الأبد أحبك
..
وإني لآمَلُ أن الحياة
تتلطف معك.. وتهبك كل ما حلمت به
وإني لأرجو لك.. فرحاً .. وهناءً
وفوق هذا وذاك.. حباً من القلب
ولَسوفَ أحبك.. على الدوام أحبك
سأحبك.. الى الأبد.. يا هوايَ أحبك
سأحبك.. الى الأبد..


I Will Always Love You

If I should stay,
I would only be in your way.
So I ll go, but I know
I ll think of you ev ry step of the way.
And I will always love you.
I will always love you.
You, my darling you. Hmm.
Bittersweet memories
that is all I m taking with me.
So, goodbye. Please, don t cry.
We both know I m not what you, you need.
And I will always love you.
I will always love you.
I hope life treats you kind
And I hope you have all you ve dreamed of.
And I wish to you, joy and happiness.
But above all this, I wish you love.
And I will always love you.
I will always love you
You, darling, I love you.
Ooh, I ll always, I ll always love you.
رابط الأغنية
http://www.youtube.com/watch?v=3JWTaaS7LdU



(2) لحظة في الزمان

كل يوم أحياه
أريده أن يكون
يوماً أعطي فيه..خيرَ ما عندي
واحدةٌ أنا لكنني.. لست بالوحيدة
وأروع أيامي.. يومٌ لم أعرفه بعد!
..
قد جرّحتُ قلبي
وحاربت كي أفوز
وواجهت مرَّ الألم.. لأذوق حلاوة الشهد
وإني لأَهوي وأنهض.. مرة إثر مرة
وفي كل ذاك.. يظل أمامي الكثير
..
أريد لحظةً في الزمان
أكون فيها أكبر مما تقت اليه
وتكون فيها أحلامي.. كلها..
على مرمى دقة قلب
وتعود الإجابات.. كلها.. إليَّ وحدي
هبني لحظة في الزمان
أسابقُ فيها المصير
عندها.. في تلكم اللحظة لا غير
سأحسُّ بالأبدية
...
لطالما عشت كي أكون
الأفضل بين الجميع
أردت كل هذا.. دون تأخير
ورسمتُ له الخطط
وها إن الحظ.. يرقد في يديَّ..
..
لسوف تربح العمر
لو أمسكت تلك اللحظة من الزمان
وجعلتها.. تضيء بين يديك
..
هبني لحظة في الزمان...أسابق فيها القدر
وفي تلكم اللحظة في الزمان
سأكون.. سأكون..
حرةً للأبد!

One moment in time

Each day I live
I want to be
A day to give
The best of me
I m only one
But not alone
My finest day
Is yet unknown
I broke my heart
Fought every gain
To taste the sweet
I face the pain
I rise and fall
Yet through it all
This much remains
I want one moment in time
When I m more than I thought I could be
When all of my dreams are a heartbeat away
And the answers are all up to me
Give me one moment in time
When I m racing with destiny
Then in that one moment in time
I will feel
I will feel eternity
I ve lived to be
The very best
I want it all
No time for less
I ve laid the plans
Now lay the chance
Here in my hands
Give me one moment in time
When I m more than I thought I could be
When all of my dreams are a heartbeat away
And the answers are all up to me
Give me one moment in time
When I m racing with destiny
Then in that one moment of time
I will feel
I will feel eternity
You re a winner for a lifetime
If you seize that one moment in time
Make it shine
Give me one moment in time
When I m more than I thought I could be
When all of my dreams are a heartbeat away
And the answers are all up to me
Give me one moment in time
When I m racing with destiny
Then in that one moment of time
I will be
I will be free
رابط الأغنية

http://www.youtube.com/watch?v=fg01EbAYvxU&feature=related


وطن

عندي وطن
هذا حق
هذا مؤكد مثل الموت
لكنني، وهنا المشكلة
لا أعرف ما أفعل به
...
أحيانا أفكر بأن أهبه
الى أول متسول يطرق بابي
أو أن أودعه في مصرف وأنساه
أحيانا أفكر في إعارته الى الأبد
الى صديق ضجر
وأفكر أحيانا أخرى
بوضعه في كيس
أشد اليه حجرا ثقيلا
وألقيه في النهر
...
لكنني في كل مرة
أنظر اليه
وهو يرفع لي عينه الزجاجية الصغيرة
ويهز ذيله الأبيض
فافتح له الباب
ليقفز في سريري
ويلعق وجهي
فأغص أنا بالضحك
وأنهره
أبتعد عني
أيها الشيطان الصغير!

26/8/2011


إنه الماضي .. أليسَ كذلك؟


في زمنٍ أوغلَ في النسيانْ

-أعني في العامِ الماضي-

كنتُ أحبُّ التوتْ

والعنبَ الأسودَ وسماعَ الأخبارْ.

كنتَ أرى –أحياناً- بعضَ الأحلامْ

وأغنّي -أحياناً أخرى- في الحمّام.

...

-ماذا ؟ ماذا قلتَ؟ : "لماذا ما عدتَ تُحـِ...؟"

....

شختُ.

أظنُّ بأنّي شختُ

وما عدتُ أريدُ التوتَ ولا .....

...

-ماذا؟ ماذا قلتَ؟ : "صبيٌّ بعدُك؟"

...

لا ...

لا يخدعْنَكَ رقمٌ

أو بقيا الخيط الأسود قبل الفجر

سنةٌ واحدةٌ تكفي

من هذا الزمنِ الخائبِ

كي تهوي في أرذلِ، أرذلِ، أرذلِ عمر!

30/4/2004


و يبكي العراقي


يبكي العراقي حين يرى صورة عائلية قديمة

ويبكى حين يرى صور الأصدقاء

ويبكي حين يرى..

صورة حافلةٍ قديمة

..

يبكي العراقي حين يسمع أغنية قديمة

ويبكي حين يرى مسرحية قديمة

وحتى خيول أفلام الكاوبوي

وصورة كاري كوبر، وشارة الشريف على صدره..

تبكيه لسبب ما..

..

يبكي العراقي حين يرى شهادة ميلاده

يبكي العراقي حين يتذكر إخوته

وحين يتذكر أمه..

وحين يتذكر أباه..

وحين يتذكر أنثاه..

وحين.. آهٍ حين يتذكر معلميه

..

يبكي العراقي في الأعراس

وحين يفوز فريقه

وحين ينجح في المدرسة

وحين يفقد عمله..

أو يده... أو إحدى عينيه

..

يبكي العراقي ويبكي

ويبث شكواه.. في معبد إينانا

وعند باب الخليفة

أو في ضريح الحسين

..

يبكي العراقي

وفي سره يتساءل:

إن كانت هناك.. في مكانٍ ما..

بلادٌ لا بكاءَ فيها..

وآلهةٌ.. أكثر رحمة ؟!

5/7/2011




مشهد مرعب-قصة قصيرة


يوجِعني قلبي حين أتذكر ما جرى، لكنني مثل كل مواطنيَّ المازوخيين، أستعيد المشهد مرة تلو مرة.. وبتفصيل دقيق..
نعم.. ألم أخبرك؟ ألم أعد على مسامعك: نحن أبشع حقل تجارب ليهوا.. أكثر الآلهة قسوة؟
ورغم هذا فإنني لا أكتفي بالتذكر، بل أوثق كل شيء.. فأكتب وأكتب.. وأنا أعلم بأن الكتابة هنا سلخ للأظافر..
لا ليس نزعها.. بل سلخها.. سلخاً بطيئاً متلذذاً.. أعني أن تبدأ بدفع أطرافها الى الأعلى حتى تمزق اللحم.. رويدا رويدا رويدا، وأنت تضحك مثل بطل المسرحية الشرير الذي يحاصر البطل الطيب بقاذفة لهبٍ في كراج منسي..
لكنك تكتشف أنك تمثل الدورين معا.. وتدهَش لأن هذه الحقيقة لم تعد تدهشك بقدر ما تنهشك..
...
وأخيراً..تصل الشرطة في اللحظة الأخيرة عندما يكون النزيف والخوف والحرارة قد أنهكوك جميعاً، فتكفر بيهوا على مرأى من الجميع وتشتمهم:
- أين كنتم يا أبناء الزوان؟ أين كنتم كل هذا الوقت؟ كيف تتركونني لوحدي مع هذا المخبول السادي (تقصد نفسك بالطبع) أين المؤلف الغبي؟ أين ابن الفاعلة المخرج؟
حسناً.. ما كان عليك أن تتورط بهذا الشكل.. لقد سمعك الجميع وأنت تجدف على يهوا، فتعاقب على كفرك بأن ترغم على أكل أظافرك.. ممزوجة ببيض مخفوق فاسد.
ليس هذا فحسب، فهناك، في الشارع، كما في القاعة، ثمة حشد من المشاهدين الغاضبين الذين يطالبون برأسك وباسترداد نقودهم.. فيقع المنتج بالحرج الشديد ويحاول مدير المسرح المجذوم أن يُنزِلَ الستارة لكن عطلاً فنياً ما يحول دون إنزالها الى آخرها..
وفي ساعة متأخرة من الليل يهدأ كل شيء.. وتنطفئ الأضواء.. لكن منصة المسرح تظل هكذا.. نصف مكشوفة ونصف مستورة.. وتفوح منها عفونةُ جثةٍ منسيةٍ.. الى أبد الآبدين!
29/6/2011


قل لي كيف تترنت أقل لك من أنت!


يقال أن مسطولاً مثقفاً أحب أن يتفيقه على زميلٍ له فقال له:
- قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت.
فقال الثاني وهو غارقٌ في عالمه الماورائي:
- ماذا تقرأ؟
فما كان من الأول إلا أن يسحب نفساً عميقاً ويجيبه بكل ثقة من بين غيمة الدخان:
- من أنت!!
لا أسوق هذه النكتة لأهيئ ذهن القارئ الكريم لجواب "تحشيشي" على سؤالي المعنوِن لهذه المقالة، بل لكي أُعلمه سلفاً بمقصدي البريء الممازح وبأن "أي تشابه بين من أعرض لأحوالهم وبين هذا القارئ أو ذاك هو من قبيل المصادفة ولا أتحمل عليه ومنه أية مسؤولية قانونية أو جزائية". أو ربما كنت أسوقها كانعكاس شرطي لما أقوم به كل صباح حين أستعرض بريدي لأبحث أولاً عن أية نكات جديدة يرسلها لي الأصدقاء وأفتتح بها يومي السعيد.. الأمر الذي يدفعني لفعل هذا مع أصدقائي القراء..
وبدايةً أقول وبعد الاتكال:
إن المُتَرْنِت، يا أخوة الإيمان، كلمة أزعم أنني اخترعتها منذ بضع سنوات تزامناً مع عدد من شقيقاتها في نوبة من التمرد (سمه الطيش) اللغوي، رغم احتجاجات صديقي الشاعر و"حامي العربية الفصحى" محمد الصيداوي (وربما بقصد إثارته ومعابثته وسماع جملته الاحتجاجية التي أحن اليها كثيراً: إي.. مو هيّه بكيفك سيّد ماجد!!) فمنها: تَرْنَتُ يُتَرنِتُ ترنَتَةً أي استخدم الإنترنت، وسَتْلَتَ يُسَتْلِتُ سَتْلَتَةً أي استخدم الستلايت أو بث من خلاله ثم تلتها كلمات غَوْغَلَ يغوغِلُ غوْغَلةً (وفي لهجة قبائل نجدٍ وما جاورها قَوقلَ يقوقلُ قوقلةً) أي بحث عن الشيء في غوغل وياوَهَ يُياوِهُ يَوْهَوَةً أي بحث عنه في الياهو، وأمْيَلَ يؤَمْيِِلُ أميَلَةً وأيملةً (على غير القياس) أي أرسل رسالة بالإيميل، وفَروَدَ يُفَروِدُ فَروَدةً أي أحال رسالة من شخص الى آخر عن طريق زر (FORWARD) المبارك، وأخيراً وليس آخراً فَسْبَكَ يُفَسْبِكُ فَسْبَكَةً أي استعمل الفيسبوك وتَيتَرَ يُتَيتِرُ تيترةً .. أي استلم الحصة التموينية!! ... وقس على ذلك الكثير مما سأترك اختراعه واشتقاقه الى أحفاد سيبويهٍ والفراهيدي والأخفش (الأخيرة ليست شتيمة).
...
المترنِت (ومؤنثه مترنِتة) بكسر النون هو إذن اسم الفاعل من الفعل أعلاه ويجمع جمعاً مذكراً سالماً (سلمكم الله) على مترنتون ومترنتين ومؤنثا سالماً (سلمكن الله) على مترنتات..
المهم أن المترنتين يتزايدون في العالم وفي منطقتنا وخصوصاً في عراقنا الزاهر بسرعة صاروخية مذهلة حتى أصبح الوقت الذي يصير فيه الانترنت في متناول كل (زغيرون) ما زال ينشد بفخر واعتزاز: إحنه صف الأول أحسن الصفوف، وكل زايرة (مديورة عليك) وكل شيخ احترقت مؤخرته من الجلوس أمام دائرة التقاعد، بل وحتى أعضاء البرلمان الذين تشير إحدى الدراسات الاستراتيجية الى أن نصف أعضائه و"عضواته" لا يجيدون "استخدامه" ولا يملكون بريداً الكترونيا خاصاً بهم!
والمترنتون (بحسب علاقتهم بالثقافة والأدب) فريقان: فريق لا تربطهم بهما رابطة من قريب أو بعيد. وهؤلاء بدورهم يتوزعون الى رهطين:
رهط بريء على العموم من محبين للتسلية أو للثرثرة وإضاعة الوقت وإدامة تراث بنات وبني آدم في القيل والقال أو متابعين لأخبار الفن والفنانين وأحدث الأغنيات والأفلام والمسلسلات أو صور الغرانيق والحسناوات أو وصفات الطبخات أو موديلات السيارات أو أخبار الرياضات أو أجدد الأزياء والقصات أو ربما بحثاً عن تقرير علمي يرقعون به درجاتهم في الامتحانات. ولا بأس أحياناً في مزج هذا مع بعض الحكم والنصائح (التي نرى أمثالها على مقدمات وأعجاز اللوريات والكوسترات) والمواعظ الخلقية والدينية الموسمية والفتاوى العصرية وآخر فبركات مختبرات الإعجاز العلمي التي يعج الفضاء الترنتي بالملايين منها وكثيراً ما يجود بها عليك البعض من طيبي النية الذين يرغبون بشدة في مرافقتك لهم في الجنة (التي لا يشكّون ساعة في ذهابهم اليها)... وهم لا ينسون طبعا أن يطلبوا منك إعادة إرسال رسالتهم الخطيرة (أي فرودتها) الى أكبر عدد من الناس (أحيانا يحددون لك العدد بالضبط) ليدور عدّاد حسناتك بأسرع ما يكون..
ورهط يرفعون شعار "الترنتة في خدمة الشيطان" فمنهم من حولها الى أداة عصرية للنصب والاحتيال وتشويه سمعة الخلق وبث السموم والأحقاد والإشاعات أو اصطياد المغفلين والمغفلات أو تبادل الشتائم الطائفية والعنصرية والنكات غير البريئة أو تذكيرنا بأمجاد سيدهم صكر البيدة حفظه الله حيث كان، أو تجنيد المجاهدين القرمين الشهوانيين (القرِم هو الذي يشتهي اللحم) المستعدين لتفجير أجسادهم وبضمنها أدمغتهم النفيسة في أقرب مدرسة أو سوق شعبي نظير وجبةِ كباب ساخن مع النبي الكريم و"التمرغل" في تراب الفردوس الذهبي مع درزينة من الحوريات المربربات...
ولا حاجة لنا بالطبع الى تذكير القارئ برهط ثالث وهم الذين تقتضي طبيعة عملهم استخدام الانترنت بشكلٍ روتيني من الباحثين والعلماء والدارسين والمبرمجين والمشغلين ..الخ وهؤلاء فوق الرأس لا نتحارش بهم وسلامٌ من الله عليهم ورضوان..
أما الفريق الثاني (بحسب العلاقة بالثقافة والأدب كما أسلفنا) فهم واحد من اثنين نوع قاده الأدب الى الانترنت ونوع قاده الانترنت الى الأدب. وهذا أمر –في ذاته- واضح وجلي (بتشديد الياء) ، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يحلو القول لإخوتنا المحللين السياسيين؛ فهل يتساوى الجميع في قدرتهم على الإتيان بثمار طيبة شهية من هذا التلاقح بين الخيال المبدع والتكنلوجيا الرقمية؟
(بالطبع لا) هكذا تجيب الحسناء التي يوجعها سنها على محمد عبد الوهاب الذي يسألها إن كان الأبله الواقف أمامها هو حبيب القلب. وهكذا أجيب أنا متذكراً العشرات والمئات ممن تحولت الترنتة على أيديهم الى مزحة ثقيلة وضياع عبثي للوقت والجهد والمال. وهنا سأتوقف قليلاً لأعرّج بكم على هذه "السالفة" التي حدثت معي:

في إحدى الليالي الصيفية الرومانسية الهانئة وبعد أن تجمد جسدي من التبريد ومللت من أصوات الموسيقى العذبة القادمة الينا من مكبرات الصوت المتنافسة القريبة من رأس شارعنا، ساقني الفضول الى الدخول في إحدى غرف النقاش عبر الانترنت لحلقة من الشباب الأمريكي، وقررت في البداية أن أقرأ ما كتبوا لأعرف موضوع نقاشهم. كان موسم الانتخابات الرئاسية في بلادهم على الأبواب.. أتدرون بم كانوا يضيعون وقتهم؟ لقد كانوا يتناقشون بحماس بل وَحِدّة حول مواضيع الاحتباس الحراري وسياسة كل مرشح بخصوص قضايا البيئة والطاقة واتفاقية المكسيك (شنو هاي؟!) والإنفاق على برامج التعليم والتسلح والرعاية الصحية واستكشاف الفضاء .. أي والعباس أبو فاضل.. إشكد تافهين!! كان هذا ما يتحدثون به. أما شبابنا الوعي، رجال الغد.. بناة المستقبل (بضم الباء).. حماة الوطن (وأيضاً بضم الحاء) فقد كانت الأمور قد وصلت بينهم الى حد التراشق بالنعــ... العتيكة في نقاشاتهم الودية حول مباراة ريال مدريد وبرشلونة وهو موضوعهم الأثير الى جانب الموضوع الآخر الذي ما زلنا نتباحث فيه منذ 1400 سنة: من هو الأحق بالرئاسة.. عفواً بالخلافة بعد وفاة مؤسس الدولة العربية-الإسلامية المجيدة؟
- الله يساعدهم شباب!
طبعاً قلتها بالإنكليزية فلم يعرني أحدهم انتباها وظلت تعليقاتهم وآراؤهم تتوالى بسرعة البرق..
- إحم إحم.. مرحبا شباب!
كتبت مرة ثانية وأنا أقول مع نفسي:
- إشتعلوا أجدادكم ليش ما تجاوبون.. إحنه مو بعينكم؟
وأخيراً لاحظ أحدهم وجودي فحن عليّ بالتفاتة كريمة:
- أهلاً وسهلاً.. حضرتك جديد على هذه الغرفة؟
- نعم.
- أهلاً بك. ومن أي العمام إنته؟ (طبعا قالها بالانكليزي)
- عراقي والنعم (الما ينعم على نفسه محد ينعم عليه)
- عراقي.. oh, my gosh!! تعالوا شباب, هذا واحد عراقي ويانه!
وتخيلتهم وهم يتحلقون حولي ويفحصوني بفضول مثل حشرة استوائية نادرة.
- ما قصتكم يا أهل العراق؟ (سألني أحدهم) لماذا تتعاركون فيما بينكم؟ ما سبب الـ civil conflict عندكم؟
- لا شيء.. مجرد اختلاف تاريخي عميق، أعني سطحي طارئ بين مكونات متناحرة.. أقصد متحابة تمثل الطيف العراقي الجميل!
- وهل يستدعي هذا الاختلاف أن تذبّحوا بعضكم؟ (سألني وكأنه يقول لي بالبغدادي: علينه؟ مو ملّينه!)
- كلا بالتأكيد.
- لماذا لا تجلسون الى بعض إذن وتحلون خلافاتكم ما دامت سطحية؟
- لا .. المسألة أعقد بكثير.. يعني.. ثمة رواسب قديمة ومصالح متشابكة دولية وإقليمية.
- لماذا إذن لا تقسمون البلد فيما بينكم وتحلون المشكلة؟
سألني واحد آخر وكأنه يضربني على يافوخي (طبعاً عرفت على الفور بأنه فد واحد إمبريالي صهيوني شعوبي حاسد) لكنني أجبته بأدب محاولاً إفهامه العمق الاستراتيجي والجيوبوليتكي لطركاعتنه السوده:
- لا.. ليس الى هذه الدرجة.. المسألة أبسط بكثير.. نحن في هذا البلد أخوة وأحباء يجمعنا التاريخ والتراب والعلاقات العائلية والوطن الواحد..
لكن ملعوناً آخر قطع علي الأسطوانة:
- احترنا معكم! أما أن تتفقوا أو تتفارقوا!
ثم التفت الى زملائه (طبعاً هذا ما أحسست به من رجفة الشاشة) وكأنه يقول لهم دعوكم من هذا المهبول وكتب لهم دون احترام لمشاعري الرقيقة:
- O.k. guys, let s go back to our debate!
وتركوني وأنا أردد مخذولاً:
- المسألة أعمق بكثير.. صدقوني بليييز، لسنا مخابيل، المسألة أعمق بكثير.. المسألة أبسط بكثير..!
...
ودارت الأيام.. ومرت الأيام..
وإذا بي ذات ليلة أبيت عند صديق أديب لم أره لفترة طويلة.. طبعاً أخذنا الكلام يميناً ويساراً فسألته عن عمله الحالي فأجاب متأففاً:
- يا شغل يا بطيخ؟ هو وين الشغل؟ ما تعرف الوضع خـ...؟
ثم سألته عن آخر الكتب التي قرأها فأجابني غاضباً:
- يا كتب يا صخام؟ والله انته بطران على دينك. إنته ما تدري الوضع خـــ..؟
وأخيراً سألته عن آخر كتاباته لكنني تراجعت سريعاً وأجبت بدلاً عنه:
- يا قراءة يا كتابة؟ مو الوضع خـ...
وعندما اقتربت الساعة من منتصف الليل وقد بدأ النعاس يمسك بتلابيبي انتفض هو كالملدوغ وهرع الى "لابتوبه" وتسلّح بـ"الهيدفون و المايك" وأولج سلك الانترنت فقلت ما بالك وفيم تركض هكذا فأجاب مشكوراً:
- خــ.. بعرض الوكت شوف شلون سرقنا ونسيت "الجماعة"!
وصار يسابق الزمن بين نقر على "الكيبورد" وحديث على "المايك" مرة بالفصحى ومرة بالعراقي ومرة بالشامي ومرة بالمغربي حتى ظننته قد "تعين" سراً أمينا عاماً مساعداً للجامعة العربية، وكان من جملة ما سمعته من أحاديثه القومية:
- أوكي خل نسمع رأي فاتن بالموضوع.. زين عيني سوسو إشوكت نسمع صوتك؟ ترى فد عصفورة قالتلي صوتك كلش حلو بالغناء..هههه.. كلامك كله حكم يا نورس الصباح.. أوكي مسافر الخيال راح أحاول أتدخل وأحل مشكلتك مع حبيبتك ولو مشغول وما عندي وقت..
وسألته وأنا معجب باندفاعه وحماسه المؤثر:
- ما هذا العمل المهم الذي يشغلك في أنصاف الليالي؟ فأجاب دون أن يرفع عينه اليّ:
- مو آني مشرف (أو مدير.. لا أتذكر)
- مشرف على شنو.. محطات توليد الكهرباء؟
- دا تصنِّف حضرتك؟.. لا يابه لا.. مشرف على كروب دردشة؟
وسألته مثل "حجي راضي" حين سأل "دخو" صانع الطيارات الورقية:
- وكم مهندس جوه إيدك؟ أقصد كم عضو عندك بالكروب؟
- أووه .. هوايه: سحر وشيماء وسندس (هاي تملِّخ) ولولا وبنت الشام وشمس النهار والمغربية السمراء وعاشق الظلام ومسافر الخيال وابن الجزيرة وعذاب الحب والكوسوفي وطائر الفرات وأمير العشاق وووو...
- خخخخخخ... وارتفع صوت شخيري!
وعندما استيقظت من نومي قريب الفجر كان صاحبي ما زال منهمكاً في "عمله" الخطير:
- أهلاً وسهلاً بدخولك يا نجمة الصباح.. وين كنتي هاي المدة.. أهلين وسهلين فيكي حبيبة ألبي فدوى اللبنانية.. كيفك، منيحة.. يسلمو على الهدية المهضومة.. تقبريني!!
للعلم والإطلاع: هذا الصديق بدأ الكتابة منذ سنوات طويلة وكان يملك من الموهبة ما يمكن أن يجعله واحدا من الكتّاب المعروفين والمؤثرين على الساحة الأدبية لكنه فضل التكاسل وإضاعة الساعات والأيام والسنوات فارساً على الساحة الدردشية حتى جعلني أندم على أنني عرفته على شيء اسمه الكومبيوتر واستعماله!
وعلى العكس تماماً من صديقي هذا، يزدحم الفضاء الترنتي بالآلاف ممن يصرون "إلحاحاً" على أنهم شعراء وقصاصون تتناثر الدرر من أفواههم دون أن يكونوا قد قرءوا شيئاً يعتد به أو تعلموا أبسط قواعد النحو والإملاء والعَروض.. لا بأس في أن يجرب الهواة حظهم وأن يتمرنوا وأن يتبادلوا الأفكار والنتاجات وأن يستمعوا الى نصائح وآراء العواجيز الذين تسطحت مؤخراتهم من أثر الجلوس الى مناضد القراءة (أنا لست منهم بالطبع) ، فكل الأدباء والفنانين "المحترفين" بدءوا هواة، لكن المزعج في الأمر هو هذا الاستسهال والتعجل الذي يمارسون به الكتابة، يقابله استسهال في فتح أبواب النشر لمواقع وصحف يفترض بها أن تكون رصينة وحريصة على ما تختار للنشر..
أنظر الى هذا الفتى الذي كتب بضعة أسطر من خواطر الحب والهيام وغدر الزمان وخيانة الأصحاب والخلان التي كنا نرقع بها النشرات المدرسية فظن نفسه شاعراً يقول للمتنبي انزل وأنا بمكانك.. وتعال انظر كيف يعلق عليها صديقه بكلمات مثل رائع و كوول وفانتاستك ليجيبه الأول إنته أروع فيصر الأول على رأيه: لا والله إنته الأروع.. حتى ليخطر ببالك أن تعرض الأمر على لجنة التحكيم في الاتحاد الآسيوي للسكواش!
وانظر الى ذلك الكهل الذي لوح الشيب مفرقه واكتشف فجأة أنه شاعر مفلق فراح يمطرنا بوابل من "شعره" الذي يستحق والحق يقال أن يُحفَظ للتاريخ في موقع خاص أقترح تسميته "فقاعات" على وزن الموقع المعروف، رغم أن الكثير مما ينشر ليس إلا نسخ ولصق سيئين لأعمال الآخرين.. الغريب أن بعضاً من أولئك وهؤلاء لا يكف عن "قصفك" بروائعه ويزعل "يزعل أوي وتجيلو روح معدنية" عندما لا تعلق على ما يكتب من خاطرات وهو يتوقع منك ترك السعي وراء قوت العيال ونسيان الدور الخطير الذي تقوم به في "إعادة إعمار العراق" ورمي أكداس الكتب وعشرات المقالات والقصص والروايات ودواوين والكتب العلمية (ومنها ما يقع في صلب اختصاصك) التي تنتظر القراءة وأن تتفرغ بشكل كامل لقراءة إبداعاته ووضع علامات ال like عليها، تلك التي ينتشي بها مثل كلمات أحسنت يا شاطر التي يفرح بها الصغار عندما تكتبها المعلمة على دفاترهم المدرسية ويرونها لأهاليهم ليحصلوا على قبلة في الخد أو دينار أو كيس جبس أو سفرة لمدينة الألعاب (حسب القدرة الشرائية للأهل)..
ثم عرّج على ذلك الأديب المعروف الذي حبس نفسه بين دفات الكتب المطبوعة وراح يبرر عجزه وكسله عن تعلم مبادئ استخدام الحاسوب والترنتة البسيطة والانفتاح على هذا العالم الذي لا يحده خيال وحرمان نفسه من متابعة كل جديد والتواصل السهل السريع المريح مع زملائه ومع الصحافة الأدبية الخارجية والداخلية.. راح يبرر كل ذلك بأن التقنيات الحديثة تفقد القراءة والكتابة طقوسهما القديمة الجميلة التي توارثناها عن الفرزدق وجرير بلَّ الله تربتهما!
ويا أخوتي.. يا أعزائي.. الانترنت مثله أغلب المخترعات العلمية والتكنلوجية.. لا هو ابن حلال ولا ابن حرام.. بل العبرة في الطريقة التي نستخدمها بها ونوظفها للخير والجمال والرفاهية أو للشر والخبث وسواد الوجه! والشعوب المتحضرة "الحبّابة" هي التي تعلم أطفالها كيف يترنتون بطريقة حضارية تكسبهم الاحترام والغنى المادي والمعرفي والروحي.. وكما يقول المثل العربي القديم: الترنتة في الصغر.. ثلثين الولد عالخال!
10/8/2011


أين الديناصور يا سيادة رئيس الوزراء

يا سيادة رئيس الوزراء.. يا صاحب المعالي

قبل يوم من خروج تظاهرات الاحتجاج على الفساد والطائفية وغياب الخدمات خرجت علينا بتصريح خطير أخفتنا فيه من ديناصور مخيف سيخرج علينا من متحف التاريخ الطبيعي فينفث النار من فمه ويلتهم الناس بالآلاف ويدمر "العملية السياسية" المباركة ويهدد "الديمقراطية الوليدة" في بلادنا الحبيبة...

هذا الديناصور أسميته البعث الصدامي مرة، وفلول البعث والإرهاب مرة ثانية، والمتربصين بالعملية السياسية مرة ثالثة..

والحقيقة يا "محبوب الشعب" يا أبا إسراء.. لقد خفت خوفاً شديدا و "بكت هوه" بالعراقي الفصيح، وقفلت الأبواب والشبابيك واشتريت عشر كيلوات تمن وربطة بيبسي وبطل ديتول وكيس قطن طبي ومنعت أبنائي من الخروج.. رغم أني أعيش في مدينة هادئة نظيفة آمنة على بعد تسع ساعات بالسيارة من عاصمتنا المحروسة ببركة الأولياء.

لكن ما رأيته يا "معاليك"، منقولا بشكل مباشر أو بعد المونتاج من على شاشات الفضائيات، وبرغم المحاولات الحثيثة للرفاق سعد البزاز وحارث الضاري ومشعان الجبوري وعبد الرزاق عبد الواحد ورعد بندر وقنواتهم الجهادية الكارتونية، وما وصلني من الأهل والأصدقاء في بغداد، كان شيئاً آخر: كانوا حشوداً من الفقراء والعاطلين والجائعين والمثقفين والشيوخ والعجائز وحتى رجال الدين المسالمين الذين يحملون الورود وخارطة العراق الحمراء ويطالبون بالخدمات والحصة التموينية والتقاعد والتعيين ومحاسبة اللصوص والمفسدين. ولم نجد من بين كل تلك الألوف المؤلفة من الموصل الى البصرة مروراً بساحة التحرير من رفع صورة بطل الحفرة أو نادى بشعاراته العنترية السخيفة أو طالب بإخراجه من قبره وتنظيفه وتلميعه لإعادة تنصيبه قائداً ضرورةً أو تعويضنا عنه بالكائن الشبحي الأحمر الذي خلفه في قيادة حزبه.. أو أحد بقايا حزبه بعبارة أكثر دقة.

الديناصور الذي خفت وأخفتنا منه يا معالي رئيس الوزراء ثبت أنه مجرد "أبو بريص" حقير صغير لا يستحق ثمن الـ... الذي يُضربُ به أو لصقة السيكوتين التي تخيطه في مكانه..

شعبنا يا سيادتك، قد يكون فقيراً، وقد تكون أجياله الشابة قليلة الخبرة في أساليب التظاهر والتعبير السلمي، لكنه ليس بالغبي ولا القاصر الذي لا يعرف مصلحته.. فحاول، ومعك السادة المبجلون "أقطاب العملية السياسية" و"رؤساء الكتل" الذين فوضوك بالحديث نيابة عنهم (ومنهم كما تعرف ونعرف بعثي ابن سطعش بعثي) أن تنصتوا لهذا الشعب النبيل وتصطفوا الى جانبه وتلبوا مطالبه البسيطة المشروعة بدلاً من أن تشككوا بعقله ونضجه وتلعبوا معه لعبة التخويف والترهيب من الموتى وأشباحهم.. أما إذا كنت حريصاً عليناً من البعثيين المتربصين فعليك أن تبحث عنهم في مكان قريب منك.. في المنطقة الخضراء على سبيل المثال... أليس كذلك!؟

النهر

….. الى سليمان البكري


لا تقف هكذا

لا تقل : قد تأخر الوقت

لا تقل : قد ضاع من عمري عشرةٌ وعشرةٌ وعشرةٌ وخمسة !

لا تقل : شاخ قلبي.

أشياء كثيرةٌ تستطيعُ فعلها:

قد تصلحُ غليونكَ القديم

أو تعلم حفيدك المشي

دون أن تخشى عليه من عريفٍ فظ

يصيح به غداً : إيسْ أمْ!

قد تخيط ثوباً مضحكاً

لدميةِ صغيرتك

وتتلقى منها التوبيخ

كما يفعل طفلٌ حكيمٌ بشيخٍ أخرق!

أو قد تعيدُ قراءة بلزاك وهمنغوي وحنا بطاطو

وحين تخنقك الكآبة

حين تحس بالضياع

قد تدسّ يديك في معطفك

وتمضي ساهماً

من شارع المتنبي

حتى منتصف جسر الأحرار

هناك تتوقف

تلتفت يميناً فلا تجد "شريف وحداد"

وتنظر يساراً فلا تجد "جبهة النهر" (1)

ستنظر إذن في النهر

وتهمس له مثل صلاةٍ حميمة:

"يا نهرُ يا نهرْ

بائسٌ أنا وحزين

قد أضاعوا من عمري

عشراً وعشراً وعشراً وخمسا

يا نهرُ قد وددتُ أنْ لم أكنْ

و لا كنتَ ..

أو كانت البلاد .."

ساعتها يضحك النهر

ضحكته ذات الرائحة القديمة

رائحة الغريَنِ وقشور البطيخ

وخشبِ المراكب العَطِن

وتتلقى منه التوبيخ

كما يفعل شيخٌ حكيمٌ بصبّيٍ أخرق

ساعتها سيهمس في أذنيك

رُقيتَهٌ الأبدية

ويربت على مؤخرتك

ويدفعك في رفقٍ صوبَ بيتك

في الطريقِ ستبكي بصمت

ورويداً رويداً

تعيدُ اكتشافَ كلَّ شيء!


27/12/2003

..

(1) "شريف وحداد" و "جبهة النهر" مقصفان كانا قائمين على يمين ويسار جسر الأحرار من جهة الرصافة قبل أن تطالهما معاول "الحملة الإيمانية" !

الصوت الذي... لا أسميه


هسيسُ النارِ-أمانةُ جَدّي زرادشت

دبيبُ الأقدامِ

هديرُ المعادنِ الطائرة

سعلاتُ الشيوخِ

صافراتُ الإسعافِ

دمدمةُ الرعدِ

كلـُّها

لا توقِعُ الاضطرابَ في سمفونيتي

...

اصطفاقُ الأبوابِ الغضبى

أبواقُ الشاحناتِ المسعورة

حفيفُ الأشجارِ المباغَتة

ضرباتُ المطارقِ الصارمة

بكاء المواليد الملفوظينَ من دِفء الأرحام

حشرجةُ الموتى غير المصدقين

كلها.. لا تعكر انسجام النغم

...

صوتٌ وحيدٌ

يوقِعُ الاضطراب

ويشعرني بالخجل

صوت وحيد:

لأنكَ تعرفه... لن أسميّه!

...

بَلى يا صديق

النارُ رفيقتي

والكأسُ.. كرةُ البلّورِ.. بيتُ أسراري

وأنا..

مثل كرديٍّ صغير..

لم يغسل رجليه بعد

من وَعَثِ الجبالِ..

وعينيه..

من عطر السيانيد

سأفـرُّ نحو غيمةٍ

وأطلبُ اللجوء..

الى حيث لا أسمعه..

ذلك الصوت الذي..

لا أسمّيه !

29/6/2011


أغنية ثانية.. الى صورة أخي


(الى الشهيد الخالد صباح الحيدر 1962-1980)


سأمضي اليه

سأترككم كلكم هاهنا

وأمضي اليه

وأبكي طويلاً .. طويلاً … طويلاً

على راحتيه

سأغسل وجهي بضحكته

وصدري بعطر شهادته

والعيون… بمرأى الإله..!

لم تكن غير طفلْ

يمتطي صهوة الحلم

فوق حصانٍ خشبْ

كيف يا صاحبي أنزلوك

قبل أن تكتفي باللَعِب؟!

.. وما بين مشنقةٍ من خشب

و حصان خشب.

مرَّ طيفٌ خجول..

مثل عمر الشهب!

يا لَفخرِ الخشب!

يا لَعارِ الخشب!

يا لحزنِ الخشب!

11/7/2011

الأجراس

دِن.. دانْ

دِن.. دانْ

تخذلني رجلَيّْ

تخذلني يدَيّْ

يخذلني من قبلهم صدري

وأنفاسي وأصغرَيّْ

فأنكفي متمتما: ليس على المريض من حرج !

وأفتح الشباك

فيحمل الهواء

ترنيمة واحدة

تجيء من بعيد

من مليون صدرٍ خائفٍ

كأنها دندنة الأجراس

دِن.. دانْ

دِن.. دانْ

ليس على المريض من حرج

ليس على المريض ..

ليس على المريض .. !


أغنيةٌ في الغبار الثقيل

اليوم يمتد.. بطيئاً يمتدُ

زاحفاً كحيةٍ عجوز..

غير أن السنين تجري

كأنها تفرُ .. تنهزم.. من إلهِ حربٍ

مطارِدٍ.. شديد..

..

لستُ فارساً.. لستُ راجلاً

قدماي في الهواء

ووجهي في النقع الأخرس

تتدافعني أكفال الجياد –هي الأخرى لا تعرف علامَ تجري-

أما أنا.. فقد كففتُ عن السؤال..

آهٍ.. ومن أسأل؟

الخيل؟

فرسانها؟

أم الملوك؟

..

آهٍ

ما أشد السكون!

آهٍ

ما أثقلَ الغبار!



أغنية اللاهث الأبدي

أفسح ليَ الطريق .. ودَعْني كي أمرَّ

ها أنتَ تنافسني في الماء والهواء

في الخبز والحب

في المال والعافية

...

أفسح ليَ الطريق..

من قال أن في الأرضِ منأى؟

من قال أن الخبزَ يكفينا؟

من قالَ إنك تحبني .. أو أنني لا أمقتك؟

لا.. لستُ أخاً لك:

أمّك حواء

وأبي آدم !

...

أفسح ليَ الطريق!

2007



إرحلْ الى النوم

أجِّل كلَّ شيء
القصائدَ والثرثرات
والنوايا والأمنيات
...
هنا يتسكَّعُ الفَناءُ.. والقيلولةُ المُرَّةُ الفمِ..
ودبيبُ الأيّامِ
مثلَ قطارٍ طويلٍ طويل
لا تتبدلُ فيه أوجهُ الراكبين
والحشودُ الصامتةُ التي لا تثيرُ الغبار
تهيمُ على الدروب
ترقَبُها الديدانُ الحكيمةُ المحايدة
من شرفاتِ قصورها .. ومعابدها الآجرّية
دونما اشتهاء
واثقةً من قوتِ يومها والغدِ
...
هنا.. قريبا من الأطلال
ثمةَ شاعرٌ محموم
يمزِّق قصيدَتهُ الأخيرة
ويذروها للريحْ ..
للريحِ الساكنة التي ..
استسلمتْ للرقاد...
..
إرحلْ إلى النوم
إرمِ الدفاترَ المترَبة
والأقلامَ الثِقال
سريرٌ من غَمامٍ يناديك
وأباريقُ من ماءِ الورد
إرحلَْ إلى النوم
لا تتمهّلْ في الطريق
لا تقفْ على واحةٍ أو بئر
فهناك .. هناك
ستشرب طاساً من الجعة الباردة
تغسل الملحَ الذي
أثقلَ مآقيك
....
دعهُ يسقِكَ
ترنحْ .. نُسْ .. وهوِّمْ
ستخفت الأصوات رويداً
وترتخي الأطراف
وتنحني عليك
شبابيكُ من فضّةٍ دافئة
وزخارفُ مسحورةٌ
وهمهماتُ الدوالي
وتأوّهُ العشبِ اللذيذ
...
لا تلتفتْ للوراء
ها قد أوشكتَ على الوصول ..
إرحل
إرحل إلى النوم


بحث هذه المدونة الإلكترونية