قل لي كيف تترنت أقل لك من أنت!


يقال أن مسطولاً مثقفاً أحب أن يتفيقه على زميلٍ له فقال له:
- قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت.
فقال الثاني وهو غارقٌ في عالمه الماورائي:
- ماذا تقرأ؟
فما كان من الأول إلا أن يسحب نفساً عميقاً ويجيبه بكل ثقة من بين غيمة الدخان:
- من أنت!!
لا أسوق هذه النكتة لأهيئ ذهن القارئ الكريم لجواب "تحشيشي" على سؤالي المعنوِن لهذه المقالة، بل لكي أُعلمه سلفاً بمقصدي البريء الممازح وبأن "أي تشابه بين من أعرض لأحوالهم وبين هذا القارئ أو ذاك هو من قبيل المصادفة ولا أتحمل عليه ومنه أية مسؤولية قانونية أو جزائية". أو ربما كنت أسوقها كانعكاس شرطي لما أقوم به كل صباح حين أستعرض بريدي لأبحث أولاً عن أية نكات جديدة يرسلها لي الأصدقاء وأفتتح بها يومي السعيد.. الأمر الذي يدفعني لفعل هذا مع أصدقائي القراء..
وبدايةً أقول وبعد الاتكال:
إن المُتَرْنِت، يا أخوة الإيمان، كلمة أزعم أنني اخترعتها منذ بضع سنوات تزامناً مع عدد من شقيقاتها في نوبة من التمرد (سمه الطيش) اللغوي، رغم احتجاجات صديقي الشاعر و"حامي العربية الفصحى" محمد الصيداوي (وربما بقصد إثارته ومعابثته وسماع جملته الاحتجاجية التي أحن اليها كثيراً: إي.. مو هيّه بكيفك سيّد ماجد!!) فمنها: تَرْنَتُ يُتَرنِتُ ترنَتَةً أي استخدم الإنترنت، وسَتْلَتَ يُسَتْلِتُ سَتْلَتَةً أي استخدم الستلايت أو بث من خلاله ثم تلتها كلمات غَوْغَلَ يغوغِلُ غوْغَلةً (وفي لهجة قبائل نجدٍ وما جاورها قَوقلَ يقوقلُ قوقلةً) أي بحث عن الشيء في غوغل وياوَهَ يُياوِهُ يَوْهَوَةً أي بحث عنه في الياهو، وأمْيَلَ يؤَمْيِِلُ أميَلَةً وأيملةً (على غير القياس) أي أرسل رسالة بالإيميل، وفَروَدَ يُفَروِدُ فَروَدةً أي أحال رسالة من شخص الى آخر عن طريق زر (FORWARD) المبارك، وأخيراً وليس آخراً فَسْبَكَ يُفَسْبِكُ فَسْبَكَةً أي استعمل الفيسبوك وتَيتَرَ يُتَيتِرُ تيترةً .. أي استلم الحصة التموينية!! ... وقس على ذلك الكثير مما سأترك اختراعه واشتقاقه الى أحفاد سيبويهٍ والفراهيدي والأخفش (الأخيرة ليست شتيمة).
...
المترنِت (ومؤنثه مترنِتة) بكسر النون هو إذن اسم الفاعل من الفعل أعلاه ويجمع جمعاً مذكراً سالماً (سلمكم الله) على مترنتون ومترنتين ومؤنثا سالماً (سلمكن الله) على مترنتات..
المهم أن المترنتين يتزايدون في العالم وفي منطقتنا وخصوصاً في عراقنا الزاهر بسرعة صاروخية مذهلة حتى أصبح الوقت الذي يصير فيه الانترنت في متناول كل (زغيرون) ما زال ينشد بفخر واعتزاز: إحنه صف الأول أحسن الصفوف، وكل زايرة (مديورة عليك) وكل شيخ احترقت مؤخرته من الجلوس أمام دائرة التقاعد، بل وحتى أعضاء البرلمان الذين تشير إحدى الدراسات الاستراتيجية الى أن نصف أعضائه و"عضواته" لا يجيدون "استخدامه" ولا يملكون بريداً الكترونيا خاصاً بهم!
والمترنتون (بحسب علاقتهم بالثقافة والأدب) فريقان: فريق لا تربطهم بهما رابطة من قريب أو بعيد. وهؤلاء بدورهم يتوزعون الى رهطين:
رهط بريء على العموم من محبين للتسلية أو للثرثرة وإضاعة الوقت وإدامة تراث بنات وبني آدم في القيل والقال أو متابعين لأخبار الفن والفنانين وأحدث الأغنيات والأفلام والمسلسلات أو صور الغرانيق والحسناوات أو وصفات الطبخات أو موديلات السيارات أو أخبار الرياضات أو أجدد الأزياء والقصات أو ربما بحثاً عن تقرير علمي يرقعون به درجاتهم في الامتحانات. ولا بأس أحياناً في مزج هذا مع بعض الحكم والنصائح (التي نرى أمثالها على مقدمات وأعجاز اللوريات والكوسترات) والمواعظ الخلقية والدينية الموسمية والفتاوى العصرية وآخر فبركات مختبرات الإعجاز العلمي التي يعج الفضاء الترنتي بالملايين منها وكثيراً ما يجود بها عليك البعض من طيبي النية الذين يرغبون بشدة في مرافقتك لهم في الجنة (التي لا يشكّون ساعة في ذهابهم اليها)... وهم لا ينسون طبعا أن يطلبوا منك إعادة إرسال رسالتهم الخطيرة (أي فرودتها) الى أكبر عدد من الناس (أحيانا يحددون لك العدد بالضبط) ليدور عدّاد حسناتك بأسرع ما يكون..
ورهط يرفعون شعار "الترنتة في خدمة الشيطان" فمنهم من حولها الى أداة عصرية للنصب والاحتيال وتشويه سمعة الخلق وبث السموم والأحقاد والإشاعات أو اصطياد المغفلين والمغفلات أو تبادل الشتائم الطائفية والعنصرية والنكات غير البريئة أو تذكيرنا بأمجاد سيدهم صكر البيدة حفظه الله حيث كان، أو تجنيد المجاهدين القرمين الشهوانيين (القرِم هو الذي يشتهي اللحم) المستعدين لتفجير أجسادهم وبضمنها أدمغتهم النفيسة في أقرب مدرسة أو سوق شعبي نظير وجبةِ كباب ساخن مع النبي الكريم و"التمرغل" في تراب الفردوس الذهبي مع درزينة من الحوريات المربربات...
ولا حاجة لنا بالطبع الى تذكير القارئ برهط ثالث وهم الذين تقتضي طبيعة عملهم استخدام الانترنت بشكلٍ روتيني من الباحثين والعلماء والدارسين والمبرمجين والمشغلين ..الخ وهؤلاء فوق الرأس لا نتحارش بهم وسلامٌ من الله عليهم ورضوان..
أما الفريق الثاني (بحسب العلاقة بالثقافة والأدب كما أسلفنا) فهم واحد من اثنين نوع قاده الأدب الى الانترنت ونوع قاده الانترنت الى الأدب. وهذا أمر –في ذاته- واضح وجلي (بتشديد الياء) ، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يحلو القول لإخوتنا المحللين السياسيين؛ فهل يتساوى الجميع في قدرتهم على الإتيان بثمار طيبة شهية من هذا التلاقح بين الخيال المبدع والتكنلوجيا الرقمية؟
(بالطبع لا) هكذا تجيب الحسناء التي يوجعها سنها على محمد عبد الوهاب الذي يسألها إن كان الأبله الواقف أمامها هو حبيب القلب. وهكذا أجيب أنا متذكراً العشرات والمئات ممن تحولت الترنتة على أيديهم الى مزحة ثقيلة وضياع عبثي للوقت والجهد والمال. وهنا سأتوقف قليلاً لأعرّج بكم على هذه "السالفة" التي حدثت معي:

في إحدى الليالي الصيفية الرومانسية الهانئة وبعد أن تجمد جسدي من التبريد ومللت من أصوات الموسيقى العذبة القادمة الينا من مكبرات الصوت المتنافسة القريبة من رأس شارعنا، ساقني الفضول الى الدخول في إحدى غرف النقاش عبر الانترنت لحلقة من الشباب الأمريكي، وقررت في البداية أن أقرأ ما كتبوا لأعرف موضوع نقاشهم. كان موسم الانتخابات الرئاسية في بلادهم على الأبواب.. أتدرون بم كانوا يضيعون وقتهم؟ لقد كانوا يتناقشون بحماس بل وَحِدّة حول مواضيع الاحتباس الحراري وسياسة كل مرشح بخصوص قضايا البيئة والطاقة واتفاقية المكسيك (شنو هاي؟!) والإنفاق على برامج التعليم والتسلح والرعاية الصحية واستكشاف الفضاء .. أي والعباس أبو فاضل.. إشكد تافهين!! كان هذا ما يتحدثون به. أما شبابنا الوعي، رجال الغد.. بناة المستقبل (بضم الباء).. حماة الوطن (وأيضاً بضم الحاء) فقد كانت الأمور قد وصلت بينهم الى حد التراشق بالنعــ... العتيكة في نقاشاتهم الودية حول مباراة ريال مدريد وبرشلونة وهو موضوعهم الأثير الى جانب الموضوع الآخر الذي ما زلنا نتباحث فيه منذ 1400 سنة: من هو الأحق بالرئاسة.. عفواً بالخلافة بعد وفاة مؤسس الدولة العربية-الإسلامية المجيدة؟
- الله يساعدهم شباب!
طبعاً قلتها بالإنكليزية فلم يعرني أحدهم انتباها وظلت تعليقاتهم وآراؤهم تتوالى بسرعة البرق..
- إحم إحم.. مرحبا شباب!
كتبت مرة ثانية وأنا أقول مع نفسي:
- إشتعلوا أجدادكم ليش ما تجاوبون.. إحنه مو بعينكم؟
وأخيراً لاحظ أحدهم وجودي فحن عليّ بالتفاتة كريمة:
- أهلاً وسهلاً.. حضرتك جديد على هذه الغرفة؟
- نعم.
- أهلاً بك. ومن أي العمام إنته؟ (طبعا قالها بالانكليزي)
- عراقي والنعم (الما ينعم على نفسه محد ينعم عليه)
- عراقي.. oh, my gosh!! تعالوا شباب, هذا واحد عراقي ويانه!
وتخيلتهم وهم يتحلقون حولي ويفحصوني بفضول مثل حشرة استوائية نادرة.
- ما قصتكم يا أهل العراق؟ (سألني أحدهم) لماذا تتعاركون فيما بينكم؟ ما سبب الـ civil conflict عندكم؟
- لا شيء.. مجرد اختلاف تاريخي عميق، أعني سطحي طارئ بين مكونات متناحرة.. أقصد متحابة تمثل الطيف العراقي الجميل!
- وهل يستدعي هذا الاختلاف أن تذبّحوا بعضكم؟ (سألني وكأنه يقول لي بالبغدادي: علينه؟ مو ملّينه!)
- كلا بالتأكيد.
- لماذا لا تجلسون الى بعض إذن وتحلون خلافاتكم ما دامت سطحية؟
- لا .. المسألة أعقد بكثير.. يعني.. ثمة رواسب قديمة ومصالح متشابكة دولية وإقليمية.
- لماذا إذن لا تقسمون البلد فيما بينكم وتحلون المشكلة؟
سألني واحد آخر وكأنه يضربني على يافوخي (طبعاً عرفت على الفور بأنه فد واحد إمبريالي صهيوني شعوبي حاسد) لكنني أجبته بأدب محاولاً إفهامه العمق الاستراتيجي والجيوبوليتكي لطركاعتنه السوده:
- لا.. ليس الى هذه الدرجة.. المسألة أبسط بكثير.. نحن في هذا البلد أخوة وأحباء يجمعنا التاريخ والتراب والعلاقات العائلية والوطن الواحد..
لكن ملعوناً آخر قطع علي الأسطوانة:
- احترنا معكم! أما أن تتفقوا أو تتفارقوا!
ثم التفت الى زملائه (طبعاً هذا ما أحسست به من رجفة الشاشة) وكأنه يقول لهم دعوكم من هذا المهبول وكتب لهم دون احترام لمشاعري الرقيقة:
- O.k. guys, let s go back to our debate!
وتركوني وأنا أردد مخذولاً:
- المسألة أعمق بكثير.. صدقوني بليييز، لسنا مخابيل، المسألة أعمق بكثير.. المسألة أبسط بكثير..!
...
ودارت الأيام.. ومرت الأيام..
وإذا بي ذات ليلة أبيت عند صديق أديب لم أره لفترة طويلة.. طبعاً أخذنا الكلام يميناً ويساراً فسألته عن عمله الحالي فأجاب متأففاً:
- يا شغل يا بطيخ؟ هو وين الشغل؟ ما تعرف الوضع خـ...؟
ثم سألته عن آخر الكتب التي قرأها فأجابني غاضباً:
- يا كتب يا صخام؟ والله انته بطران على دينك. إنته ما تدري الوضع خـــ..؟
وأخيراً سألته عن آخر كتاباته لكنني تراجعت سريعاً وأجبت بدلاً عنه:
- يا قراءة يا كتابة؟ مو الوضع خـ...
وعندما اقتربت الساعة من منتصف الليل وقد بدأ النعاس يمسك بتلابيبي انتفض هو كالملدوغ وهرع الى "لابتوبه" وتسلّح بـ"الهيدفون و المايك" وأولج سلك الانترنت فقلت ما بالك وفيم تركض هكذا فأجاب مشكوراً:
- خــ.. بعرض الوكت شوف شلون سرقنا ونسيت "الجماعة"!
وصار يسابق الزمن بين نقر على "الكيبورد" وحديث على "المايك" مرة بالفصحى ومرة بالعراقي ومرة بالشامي ومرة بالمغربي حتى ظننته قد "تعين" سراً أمينا عاماً مساعداً للجامعة العربية، وكان من جملة ما سمعته من أحاديثه القومية:
- أوكي خل نسمع رأي فاتن بالموضوع.. زين عيني سوسو إشوكت نسمع صوتك؟ ترى فد عصفورة قالتلي صوتك كلش حلو بالغناء..هههه.. كلامك كله حكم يا نورس الصباح.. أوكي مسافر الخيال راح أحاول أتدخل وأحل مشكلتك مع حبيبتك ولو مشغول وما عندي وقت..
وسألته وأنا معجب باندفاعه وحماسه المؤثر:
- ما هذا العمل المهم الذي يشغلك في أنصاف الليالي؟ فأجاب دون أن يرفع عينه اليّ:
- مو آني مشرف (أو مدير.. لا أتذكر)
- مشرف على شنو.. محطات توليد الكهرباء؟
- دا تصنِّف حضرتك؟.. لا يابه لا.. مشرف على كروب دردشة؟
وسألته مثل "حجي راضي" حين سأل "دخو" صانع الطيارات الورقية:
- وكم مهندس جوه إيدك؟ أقصد كم عضو عندك بالكروب؟
- أووه .. هوايه: سحر وشيماء وسندس (هاي تملِّخ) ولولا وبنت الشام وشمس النهار والمغربية السمراء وعاشق الظلام ومسافر الخيال وابن الجزيرة وعذاب الحب والكوسوفي وطائر الفرات وأمير العشاق وووو...
- خخخخخخ... وارتفع صوت شخيري!
وعندما استيقظت من نومي قريب الفجر كان صاحبي ما زال منهمكاً في "عمله" الخطير:
- أهلاً وسهلاً بدخولك يا نجمة الصباح.. وين كنتي هاي المدة.. أهلين وسهلين فيكي حبيبة ألبي فدوى اللبنانية.. كيفك، منيحة.. يسلمو على الهدية المهضومة.. تقبريني!!
للعلم والإطلاع: هذا الصديق بدأ الكتابة منذ سنوات طويلة وكان يملك من الموهبة ما يمكن أن يجعله واحدا من الكتّاب المعروفين والمؤثرين على الساحة الأدبية لكنه فضل التكاسل وإضاعة الساعات والأيام والسنوات فارساً على الساحة الدردشية حتى جعلني أندم على أنني عرفته على شيء اسمه الكومبيوتر واستعماله!
وعلى العكس تماماً من صديقي هذا، يزدحم الفضاء الترنتي بالآلاف ممن يصرون "إلحاحاً" على أنهم شعراء وقصاصون تتناثر الدرر من أفواههم دون أن يكونوا قد قرءوا شيئاً يعتد به أو تعلموا أبسط قواعد النحو والإملاء والعَروض.. لا بأس في أن يجرب الهواة حظهم وأن يتمرنوا وأن يتبادلوا الأفكار والنتاجات وأن يستمعوا الى نصائح وآراء العواجيز الذين تسطحت مؤخراتهم من أثر الجلوس الى مناضد القراءة (أنا لست منهم بالطبع) ، فكل الأدباء والفنانين "المحترفين" بدءوا هواة، لكن المزعج في الأمر هو هذا الاستسهال والتعجل الذي يمارسون به الكتابة، يقابله استسهال في فتح أبواب النشر لمواقع وصحف يفترض بها أن تكون رصينة وحريصة على ما تختار للنشر..
أنظر الى هذا الفتى الذي كتب بضعة أسطر من خواطر الحب والهيام وغدر الزمان وخيانة الأصحاب والخلان التي كنا نرقع بها النشرات المدرسية فظن نفسه شاعراً يقول للمتنبي انزل وأنا بمكانك.. وتعال انظر كيف يعلق عليها صديقه بكلمات مثل رائع و كوول وفانتاستك ليجيبه الأول إنته أروع فيصر الأول على رأيه: لا والله إنته الأروع.. حتى ليخطر ببالك أن تعرض الأمر على لجنة التحكيم في الاتحاد الآسيوي للسكواش!
وانظر الى ذلك الكهل الذي لوح الشيب مفرقه واكتشف فجأة أنه شاعر مفلق فراح يمطرنا بوابل من "شعره" الذي يستحق والحق يقال أن يُحفَظ للتاريخ في موقع خاص أقترح تسميته "فقاعات" على وزن الموقع المعروف، رغم أن الكثير مما ينشر ليس إلا نسخ ولصق سيئين لأعمال الآخرين.. الغريب أن بعضاً من أولئك وهؤلاء لا يكف عن "قصفك" بروائعه ويزعل "يزعل أوي وتجيلو روح معدنية" عندما لا تعلق على ما يكتب من خاطرات وهو يتوقع منك ترك السعي وراء قوت العيال ونسيان الدور الخطير الذي تقوم به في "إعادة إعمار العراق" ورمي أكداس الكتب وعشرات المقالات والقصص والروايات ودواوين والكتب العلمية (ومنها ما يقع في صلب اختصاصك) التي تنتظر القراءة وأن تتفرغ بشكل كامل لقراءة إبداعاته ووضع علامات ال like عليها، تلك التي ينتشي بها مثل كلمات أحسنت يا شاطر التي يفرح بها الصغار عندما تكتبها المعلمة على دفاترهم المدرسية ويرونها لأهاليهم ليحصلوا على قبلة في الخد أو دينار أو كيس جبس أو سفرة لمدينة الألعاب (حسب القدرة الشرائية للأهل)..
ثم عرّج على ذلك الأديب المعروف الذي حبس نفسه بين دفات الكتب المطبوعة وراح يبرر عجزه وكسله عن تعلم مبادئ استخدام الحاسوب والترنتة البسيطة والانفتاح على هذا العالم الذي لا يحده خيال وحرمان نفسه من متابعة كل جديد والتواصل السهل السريع المريح مع زملائه ومع الصحافة الأدبية الخارجية والداخلية.. راح يبرر كل ذلك بأن التقنيات الحديثة تفقد القراءة والكتابة طقوسهما القديمة الجميلة التي توارثناها عن الفرزدق وجرير بلَّ الله تربتهما!
ويا أخوتي.. يا أعزائي.. الانترنت مثله أغلب المخترعات العلمية والتكنلوجية.. لا هو ابن حلال ولا ابن حرام.. بل العبرة في الطريقة التي نستخدمها بها ونوظفها للخير والجمال والرفاهية أو للشر والخبث وسواد الوجه! والشعوب المتحضرة "الحبّابة" هي التي تعلم أطفالها كيف يترنتون بطريقة حضارية تكسبهم الاحترام والغنى المادي والمعرفي والروحي.. وكما يقول المثل العربي القديم: الترنتة في الصغر.. ثلثين الولد عالخال!
10/8/2011

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية