الإله الأعسر - قصة قصيرة





الإله الأعسر
لأنه كان أعسر.. كانت بقية الآلهة تعامله بطريقة أخرى.. تعتزلهُ.. وتُفرِدهُ.. وتسخر منه.
تراكَمَ الحزن في قلبه حتى أصبح عقدة مستعصية فقرر اللجوء الى طبيب نفسي شهير.. لم يكشف شخصيته أمامه بالطبع.. ومَن المغفل الذي يدخل على طبيب نفسي ويقول له:
- مرحبا دكتور أنا الإله... المختص بالـ..
ولأن أولى مستلزمات التحليل النفسي هي الصراحة التامة لكشف ما ترسب في اللاوعي، فقد فشل العلاج فشلاً ذريعاً، وظل يعاني من عقدته...ففكر وفكر.. وأخيراً قرر أن يخلق من يشبهه في عزلته.. ووحدته.. وانكفاء الناس عنه.. فخلق الشعراء!
14-8-2011
CH3CH2OH

ذات يوم اجتمع ثلاثة حكماء مجانين وقرروا أن يصنعوا شيئاً جديدا.
كان الأكبر شيخاً ذا مليون وجه، رقيقاً، هشاً حيناً، صلباً قاسياً حينا، متقلب السحنة بين تجهم.. وبريق يخطف الأبصار، وكان الآخران يجلانه أيما إجلال ولا يتكلمان في حضرته إلا همساً..
أما الثاني فكان امرأة ، نعم امرأة فتية أبداً، مغناج، أثيرية الطباع. وكان مكتوباً في الأقدار أن أحد السحرة الفرنسيين الذين دفنوا أنفسهم في قبوٍ خانق، سيطلق عليها هذا الاسم الغريب الذي يبدو مثل صرخة فرح أو إعجاب بهذه الأنثى التي لولاها ما كانت حياة! ليظل ذلك الاسم عالقاً بها حتى لتنسى اسمها القديم الذي أطلقه عليها أول المجانين.
وكان الثالث فتى خفيفا نزقاً سريع الغضب يعشق تلك الغادة ويجري خلفها منذ الأزل ولا يمل من الالتصاق بها والجري معها في كل وهدةٍ وواد!
اجتمع الثلاثة كما اعتادوا منذ القديم، وقرروا أن يصنعوا شيئاً جديدا.. في خفيةٍ من أعينِ الآلهةِ.
سبق لهم بالطبع أن جلسوا سوية، ثلاثتهم فقط أو برفقة ضيوفٍ طارئين، وكانوا في جلساتهم تلك يصنعون الأعاجيب: أجسادا حيةً ناطقة، دماً، ورقاً، سيوفاً، آلات موسيقية، صخوراً غريبة، حلياً، أقلاماً، وقوداً، أشجاراً باسقات وبقولاً لا تكاد ترفع رأسها عن الأرض.. آها.. الأرض! وما كانت الأرض هي الأخرى لولاهم؟
-إذن سنصنع شيئاً جديداً.. وسنهديه الى بني الإنسان.
-ليكن شيئاً يدخل السرور الى القلوب الحزينة.
-والأمل الى اليائسين.
-والشجاعة للمترددين.
-فلينطق به لسان المتلجلجين.
-وليملأ القساة بالرحمة.
-وليدفع الإنسان للرقص.
-والبكاء.
-والسخاء.
-والإقدام.
-ولينزع الأقنعة عن وجهه.
-والأصفاد عن خياله.
وجلسوا حول النار المقدسة.. وانتزع الشيخ ضلعين من صدره الفاحم، وترددت الحسناء ثم مدت يدها تحت ثديها البض وانتزعت ضلعاً واحداً.. واحداً فحسب.. وصاح الفتى العاشق المقدام:
-لضلعٍ واحد من سيدتي المتمنعة المتعالية سأمنح ستة أضلاع من صدري الملتهب بالعشق!
وألقاها الى القدر الذهبية.. وارتفعت النار.. وبعد أربعين يوماً.. سكبوا السائل الأثيري في قدحٍ عجيب التصاوير.. ونزلوا الى الأرض.. حطوه عند باب الكوخ الطيني.. وطرقوا مرتين.. ثم حلقوا في الغمام..
وفتح الإنسان الباب.. ولم ير غير الكأس.. فرفعه الى فمه.. وكان ذلك.. يوماً مباركاً في الأيام...
13/8/2011
من أين يأتي كل هذا الغباء


من أين يأتي كل هذا الغباء
من حفرةٍ في الأرض؟
أم من سماء
تَمور بالأشباح والعربدات؟

من أين يأتي كل هذا البكاء
من غيمةٍ للملح؟
من كربلاء..
ترضع من أوروك ثدي البلاء؟

من أين
من أين طريق الخلاص
لعالم لا ينحني النخل فيه
لسيد
أو حاكمٍ
أو إله؟

من أين..
لا أين..
(يعيد الصدى..
مختنقاً بصمته)...
لا رجاء!


أوائل الثمانينات-من البواكير غير المنشورة

عناد غزوان.. في بيتنا!



تعود بواكير معرفتي الشخصية بالراحل الكبير الدكتور عناد غزوان الى فترة متأخرة نسبياً (أواخر التسعينات
تقريباً) ربما بسبب من ندرة الوقت المتاح لي للاختلاط المباشر بالوسط الثقافي والأدبي، الأمر الذي يعززه ميلي المتأصل الى العزلة والاقتصار على عدد محدود من الخلصاء. كانت المناسبة هي زيارة يقوم بها عناد غزوان الى بعقوبة لإلقاء محاضرة في النقد الأدبي.. وكان هذا بالنسبة لي استثناءً وإغراءً لا يسعني مقاومته.. فذهبنا أنا وأستاذيَّ سليمان البكري ومحمد الصيداوي ووصلنا في الوقت المناسب..
ما الذي جعل الأمر استثناء.. ولماذا كان الالتقاء بهذا الرجل حدثاً جميلاً أحرص عليه وألغي من أجله كل مشاغلي وتحفظاتي؟ لأنه ببساطة يعني التعرف عن كثب على رجل يجمع العلم والأدب والمعرفة الغزيرة الى المكانة الأكاديمية السامية وطهارة الجانب التي عرف عنها وجعلته (مع عدد لم يكن -والحق يقال- بالكبير من المثقفين والأكاديميين الذين لم يهاجروا الى المنافي القسرية أو الاختيارية) يستنكف عن الانخراط في موجة المدح الرخيص والإسفاف وعبادة الشخصية التي شوهت وجه الثقافة العراقية. هذه الصفات لم تكن خافية على المثقفين العراقيين الذي حرصوا على الاحتفاء به ولا على السلطات الحاكمة التي تحملته على مضض.. ولهذا كنا فرحين حين رأينا القاعة (قاعة اتحاد أدباء ديالى) تغص بالحاضرين من كل الأعمار والمشارب والاهتمامات الأدبية والأكاديمية.. ولقد بادلهم عناد غزوان الود بالود فكان أن تألق في تلك المحاضرة بمضمونها الغني ومنهجها الواضح وأسلوبه الجميل السهل الممتنع، وتحمل بصبر عناء الرد على أسئلة ومداخلات الحاضرين الكثيرة التي لم تنته بانتهاء المحاضرة بل رافقته الى غرفة الجلوس المجاورة التي ازدحمت بتلاميذه ومحبيه الى وقت متأخر من المساء.. وهناك بالتحديد أسعدني الحظ بالتعرف عليه بشكل شخصي في الوقت نفسه الذي تشرفت فيه بالتعرف على أستاذي الراحل الكبير محي الدين زنكنه الذي علمت بأنه حرص على حضور هذه الجلسة على غير عادته في السنوات التي سبقتها..
خلال الحديث أعجبت بالمعرفة الواسعة والدقيقة للرجل ليس فقط بالأدب العربي قديمه وحديثه بل بالأدب الانكليزي ولغة قوم شكسبير التي كان يتحدثها، ويتحدث عنها، بطلاقة وإلمامٍ يحسد عليهما. وهذا (وأعني الإلمام بثقافات الآخرين ولغاتهم) هو –في رأيي المتواضع- عدة مهمة لكل مثقف ومبدع، ناهيك عن أكاديمي رصين.
أذكر أنني سألته في تلك الجلسة إن كان قد جرب كتابة الشعر فرد عليَّ بالإيجاب. وعندما سألته عما يمنعه من نشر شعره أجابني بطريقة شعرت معها بأنه يتهرب –عامدا- من ذلك، ففهمت بأنه لا يريد أن يُعرَف بالشَعر أو يتورط في أمرٍ قد يجلب له متاعب التغريد خارج سرب "الشعر" الإعلامي الرسمي الهزيل!
كانت زيارة عناد غزوان لبيتي المتواضع في شهربان، بصحبة نجله معتز والزميل الدكتور إبراهيم علي شكر الذي تولى نقل دعوتنا اليه ومرافقته من والى شهربان، مناسبة جميلة لا تبارح الذاكرة. وكان قضاء يوم كامل مع هذا العالم الكبير والشخصية المرحة المحبوبة مناسبة سعيدة لي وللعدد القليل من الأصدقاء الذين شاركونا ذلك النهار ومنهم الأستاذ سليمان البكري والصديق الدكتور أسعد محمد تقي الذي حضر من بغداد لهذا الغرض والصديقان القاصان مهند الشهرباني وعمران الغانم.. إضافة بالطبع.. الى أفراد أسرتي وعلى وجه الخصوص ولدي شوان الذي لم يمنع صغر سنه الأستاذ الكبير من الإصغاء الى "مداخلته" حول إحدى المعلومات التاريخية المغلوطة الواردة في أحد الكتب المدرسية فما كان من العالم الجليل إزاء إصرار صغيري إلا أن يطلب منه جلب كتابه المدرسي وقراءة المعلومة الواردة فيه والثناء عليه وتنبيهه الى أن الكثير مما يرد في الكتب المدرسية (وكان هو أحد مؤلفي ذلك الكتاب المدرسي بالتحديد) لا يمثل رأي العلماء وذوي الإختصاص بل رأي السلطات الحاكمة التي تكتب التاريخ على هواها...أما صغيرتي هدى فقد ظلت الى زمن طويل تتذكر مزاحه معها وضحكته الطاغية الجميلة.. وكنا كثيراً ما نسألها: كيف يضحك عناد غزوان؟ فتحاول أن تحاكي ببراءتها المحببة وقفته المميزة وصوته العميق: ها.. ها..ها!
لقد كان للقاءاتي اللاحقة مع الأستاذ الراحل وحضوري لبعض جلساته أو مناقشاته للرسائل العلمية أثر مؤكِّد للانطباع الذي تركه لدي: عالمٌ جليلٌ، متحدثٌ بارع، شخصيةٌ مرحة محبوبة آسرة، أديب مبدع، ومترجم بارع، وأكاديمي رصين لا يجامل على حساب ضميره ومكانته العلمية.. وفوق كل هذا.. رجل يعرف قدر نفسه وقدر تاريخه الذي ظل نظيفاً لم يلوثه نفاق أو ملـَق أو استسهال.
ولا يفوتني وأنا أكتب بهذه العجالة أن أتذكر وكلي ألم المناسبة الأخيرة التي رأيته فيها.. حين دخل الى قاعة أول مؤتمر انتخابي لاتحاد الأدباء بعد سقوط النظام البائد .. لاهثاً.. متعَباً..مستنداً على ذراع تلميذه المخلص إبراهيم علي شكر.. لقد ضجت القاعة بالتصفيق ووقف الكثير احتراما لمقدمه.. وما أن استقر في مقعده حتى توجهت اليه وقبلت جبينه وثمة شيء يتكسر في قلبي.. لقد كنت أنظر بعيني الى واحدة من منارات العراق الشامخة وقد هدها المرض والشيخوخة المبكرة.. ورغم الحفاوة الكبيرة التي استقبلها بها الحاضرون ورغم الإجماع الطاغي على اختياره لقيادة الاتحاد، وانسحاب الكبير ألفريد سمعان من سباق الرئاسة إجلالاً له ولمكانته، فقد كنت أشعر بأن نجمة مشرقة أخرى توشك على الأفول ولا أجد ما أقول غير بيت سيدنا الجواهري في رثاء الرصافي الكبير:
ليت السماءَ الأرضُ، ليتَ مَدارَها
للعبقريّ به مكانُ شِهاب
يُوما لـه ويُقال: ذاك شُعاعُهُ
لا محضُ أخبارٍ ومحضُ كتاب
تحية للذكرى العطرة للمربي والعالم والناقد والأديب والمترجم الكبير عناد غزوان وعسى أن تكون حياته وسيرته المضيئة خير ملهم لنا ولمن يأتي من بعدنا...

أمنية-قصة قصيرة جدا

- أتمنى أن أصبح طيراً. (قال الرجل المقطوع اليدين)
- الكي تحلق في السماء؟ (سأله صاحبه)
- عن أي تحليق تتحدث؟ لا أريد سوى أن أحك ظهري بمنقاري..(وعض على شفاهه كي لا يبكي) أحكه حتى أدميه..
أغنية المومس البلهاء
وأنتِ أيضاَ
أيتها المومس البلهاء
أيتها الكلاسيّة الساذجة
كم كنتِ واهمةً
حين ظننتِ أن النساء
ما زلن يبعنه.. ذلك الشيء النفيس
ليسكتن الجوع؟!
...
لا جوع في بلادي يا عزيزتي
لا جوع!
فمزابل السادة النابتين كالفقع
تملأ الآفاق
وفيها ما لذ وطاب
للقطط
والكلاب
والناخبين!
...
لا تكوني سخيفة
ذلك الشيء البالي
لم يعد غير حجة واهية
علبة صفيح خاوية
ومصباح أعمى
تهزه ريح بليدة
في شارع مهجور
...
لا تكوني سخيفة!

11-4-2012

اللوحة:نساء شوارع باريسيات لشارل لوفيير
ألزهايمر

تعُسَتْ ذاكرتي!
ما كانَ اسمُ الرجلِ الأولِ في هذا العالمِ؟
ما كان اسمُ الأنثى الأولى؟
ولماذا طُرِدوا من تلكَ الـــ...
تلكَ الـــ... لا أدري ماذا؟
..
وعلامَ أحاولُ منذُ نزلتُ الى الأرضِ تذكُّرَ إسمي..
أو مغزايَ ... ورسمي؟
هل أفعلُ هذا من أجلِ الـ...
آهِ .. نسيت!
أم أنّي ...
أنّي ماذا؟!
10-8-2006
وجه مألوف
مسرحية في ثلاثة أسطر

وجهك ليس غريبا علي... أين رأيتك من قبل؟ يا ترى.. أين التقينا؟
- في مقبرة جماعية؟
- نعم.. على الأرجح.. ولكن في عصر أي طاغية؟
ماذا تقصد ؟
(مسرحية في ستة أسطر)


الشخصيات:
المحقق (وهو نفسه حاكم التفتيش والطبيب النفسي ورجل الدين والمكلف بالإعدام)
الشاعر (وهو نفسه المجنون والمتهم والعاشق والفيلسوف)

لا ستار، لا وقت، لا ديكور..

المحقق: ماذا تقصد.. ما الذي تريد قوله؟
الشاعر: لا أعرف يا سيدي.. لست متأكداً.. لا أعرف على وجه التحديد!
المحقق: لم أفهم. قصدك...أريد إجابة واضحة.. ما الذي تريد قوله بالضبط؟
الشاعر: لا أعرف! حقاً لا أعرف!
المحقق: لم أفهم أيضاً، ولهذا سأسألك للمرة الثالثة والأخيرة : ماذا تقصد.. ما الذي تريد قوله؟
الشاعر: لا شيء يا سيدي.. لا شيء على الإطلاق!
مونولوج طويل لرجل مخذول اعتادت الكلمات على خيانته


آه. أنا...... جداً
يا...
متى ...........؟
مساء الخير يا صديق
مع الترجمتين الانكليزية والكوردية



مساء الخير يا صديق
كيف أنت؟
أية مصادفة غريبة
قد كنت قبل لحظات
أقرأ خبراً
عن العثور على جثتك!
وكنت أنوي أن أفعل شيئاً
غير البكاء...

نعم يا صديق
ما زلنا حقل التجارب القديم
لأكثر الآلهة جنونا
.......
الملائكة؟
نعم.. أنها تأتي أحياناً
لكنها تجيء متأخرة دائماً
حين تكون الأجساد قد بردت
فتكتفي بتسجيل رقم جديد
في دفترها المغلف
بخام الأكفان الرخيص
...
هل تسمعون فيروز
هناك.. حيث أنتم؟
...
آسفٌ يا صديق
سأضطر للذهاب
أ الى أين؟
حقاً.. الى أين؟!
...
عِمْ مساءً يا صديق

25-5-2011



Good evening old fellow

Good evening old fellow.
How are you?
What a strange coincidence!
A moments ago I was reading
A piece of news
Telling that they found
Your corpse!
And I entended to do something
Other than crying.

Yes, my friend.
For the craziest
Of crazy gods
We re still the same old
Laboratory animals

Angles?
Yes, they sometimes come.
But their arrival is always late;
When the flesh is cold.

Then they do nothing
But registering a new number
In their large notebooks
Which they like to envelop
In cheap calico;
Yes, the half-white one we use
For shrouding our dreams!

Do you listen to Fayroz
There, in your solitude?

I m sorry old friend.
I will have to go.
Where to?
Oh, My!
Really: where to!?

Good night old friend!

ئيَظارى باش هةظالو

وةرطيَرانا : حسن سليَظانى

ئيَظارى باش هةظالو

تؤ ضاوانى ؟

ض ريَكةفتةكا سةيرة :

بةرى بيَهنةكىَ،من نوضةيةك

لسةر ديتنا تةرمىَ تة دخواند

ئو من دظيا تشتةكىَ بكم

ذ بلى طرى

***

ئةرىَ هةظالو

هيَشتا ئةم لاتا سةربوريَن كةظنين

ذبو خوداظةنديَن ذ هةميان دينتر

***

فريشتة؟؟

بةلىَ .. جارنا دهيَن

لىَ هةردةم درةنط دهيَن

دةمىَ لةش سار دبن دهيَن

تنىَ ذمارةيةكا نوو ددةفتةرا خوة ياب ضاثونىَ ئةرزانىَ

كفنان ثيَضاى، تؤماردكن

***

ئةرىَ هوون طوهداريا فةيروزىَ دكن؟؟

ل ويَرىَ ، جهىَ هوون لىَ؟؟

***

ببورة هةظالو

نةضارم بضم

بؤ كيَرىَ ؟!

ر استة .. بو كيَرىَ ؟؟

***

ئيَظارى باش هةظالو .


أغنيات خالدة-الحلقة 17

دوريس دَي

ابنة الجيران التي غنّت: كل ما هو آتٍ آت


مغنية وممثلة أمريكية شهيرة. ولدت عام 1924 لأبوين من أصول ألمانية، وحفلت مسيرتها الفنية التي استمرت لأكثر من نصف قرن (منذ أول ظهور لها كمغنية غير منفردة في فرقة كبيرة عام 1939) بالكثير من الإنجازات والجوائز والأرقام القياسية؛ فسجلت المئات من الأغنيات ومثلت في قرابة الأربعين فلماً تميزت فيها (بصورتها التي اشتهرت بها كبنت الجيران الجميلة المحبوبة) بروعة الأداء والتنوع الناجح بين الكوميديا الرومانسية والدراما الجادة. سجلت 28 ألبوماً غنائياً وتربعت على قائمة أفضل 40 أغنية لأكثر من 460 أسبوعاً وضمن قائمة العشر الأوائل لعشرة أعوام، ونالت لقب أفضل نجمة شباك لأربعة أعوام في أوائل الستينات ورشحت لجائزة الأوسكار عن دورها في فلم (حديث الوسادة) عام 1956 مع روك هدسون (الذي صار صديق عمرها ومثلت معه فلمين آخرين) وفازت بجائزة كرامي عن مجمل إنجازاتها الغنائية ووسام الحرية الرئاسي وغيرها من الجوائز والشهادات.

أغرمت في صباها بالرقص وشكلت ثنائيا ناجحا مع أحد زملائها، غير أن حادث مرور أصيبت به وأضر برجليها أوقف أحلامها باحتراف الرقص، فلجأت أثناء نقاهتها الطويلة المملة الى الاستماع للراديو ومحاكاة أصوات المطربات الشهيرات في حينها لتكتشف موهبتها في الغناء مما دعا أمها الى الاستعانة بإحدى مدرّسات الموسيقى لإعطائها دروساً خصوصية في الغناء، فكان أن اندهشت تلك المدرسة بجمال صوتها وموهبتها الكبيرة مما دفعها الى مضاعفة دروسها الأسبوعية دون مقابل وكانت خير مشجعة لها في رغبتها الحارقة لولوج عالم الغناء، تلك الرغبة التي دفعت بها الى إضافة سنتين الى عمرها الحقيقي ليسمح لها بالعمل في فرقة غناء محلية.

لكن بداية شهرتها لم تتحقق الا أوائل عام 1945 عندما سجلت أول ضرباتها الفنية بأغنية (السفرة العاطفية) التي سرعان ما أصبحت نشيداً مفضلاً يعبر عن التوق الى الرجوع للوطن عند مئات الآلاف من الشباب العائدين من سوح الحرب العالمية الثانية.

أما في السينما فقد أدت أدوار البطولة في الكثير من الأفلام التي حققت نجاحاً منقطع النظير وأمام العديد من مشاهير زمانها أمثال جاك ليمون وجيمس ستيوارات وجيمس غارنر وغاري غرانت وكلارك غيبل. كما أدت دور البطولة في فلم الفريد هيتشكوك (الرجل الذي عرف الكثير) عام 1956 وفيه غنت رائعتها التي أطبقت شهرتها الأفاق وصارت توقيعها المميز وأعني كل ما هو آت آت.. (Que Sera, Sera بالفرنسية) ونالت عنها جائزة الأوسكار عن أفضل أغنية أصلية.

ورغم كرهها للتمثيل في التلفزيون وجدت دوريس نفسها (بسبب عقد أقحمها فيه زوجها الثالث الذي اكتشفت بعد وفاته بأنه كان يتلاعب بأمورها المالية بالتعاون مع محاميها الشخصي حتى أوصلاها حافة الإفلاس -في قضية شهيرة نالت عنها تعويضا خياليا) .. وجدت نفسها مرغمة على أداء دور البطولة في مسلسل استمر عرضه خمسة أعوام (1968-1973) ألا وهو (استعراض دوريس دي) الذي نال نجاحاً لم تكن لتتوقعه وجعل إطلالتها المحببة وأغنية الافتتاح (وهي نفسها أغنية Que Sera, Sera ) النجمة الأثير عند ملايين الأسر في أنحاء العالم.

ويبدو أن التغير العام الذي حصل في أمزجة الأجيال الجديدة مع أواخر الستينات وشيوع ثقافة الصخب والعنف والمخدرات والإباحية المفرطة قد أسهمت جميعاً في خفوت نجم دوريس دي بصورتها النمطية كفتاة الحي الظريفة المهذبة وأغنياتها ذات الكلمات البسيطة والأداء البعيد عن التشنج والألحان الهادئة المنسابة بلطف، فكان أن تركت دوريس الساحة الفنية بالتدريج لتتفرغ لولعها القديم بالحيوانات (الذي عبرت عنه في عدد من أعمالها) وتصبح واحدة من أهم المدافعين عن حقوق الحيوان في أمريكا والعالم.

(1) كل ما هو آتٍ آت

حين كنت طفلةً.. مجرد طفلة

سألت أمي:

في غدي ما الذي سأكون:

أثريّةً.. أجميلةً؟

وكان هذا الجواب:

فليكن ما يكون

كل ما هو آتٍ آت

قادمات الأيام ليست ملك يدينا

كي نراها.

سيحدث ما يحدث

كل ما هو آتٍ آت.

وحين كبرت قليلاً ووقعت في شِباك الهوى

سألت حبيبي عما ينتظرنا

أأياماً تلو أخرى

مطرزات بقوس قزح؟

وكان هذا الجواب:

فليكن ما يكون

كل ما هو آتٍ آت

قادمات الأيام ليست ملك يدينا

كي نراها

سيحدث ما يحدث

كل ما هو آتٍ آت.

والآن وقد صار عندي صغاري

وأراهم إذ يسألونني: ماذا سنكون؟

أثرياءَ.. وسيمين؟

أجيبهم في حنان:

فليكن ما يكون

كل ما هو آتٍ آت

قادمات الأيام ليست ملك يدينا

كي نراها

سيحدث ما يحدث

كل ما هو آتٍ آت.

Que Sera Sera

When I was just a little girl
I asked my mother what will I be
Will I be pretty will I be rich
Here's what she said to me

Que Sera Sera
Whatever will be will be
The future's not ours to see
Que Sera Sera
What will be will be

When I grew up and fell in love
I asked my sweetheart what lies ahead
Will we have rainbows day after day
Here's what my sweetheart said

Que Sera Sera
Whatever will be will be
The future's not ours to see
Que Sera Sera
What will be will be

Now I have children of my own
They ask their mother what will I be
Will I be handsome will I be rich
I tell them tenderly

Que Sera Sera
Whatever will be will be
The future's not ours to see
Que Sera Sera
What will be will be
Que Sera Sera

رابط الأغنية:

http://www.youtube.com/watch?v=xZbKHDPPrrc&feature=player_embedded

(2) ربما، ربما، ربما

كيف لي أن أعرف بحبك

إن لم تقدم على الاعتراف به

ولم أسمع منك إلا:

ربما، ربما، ربما؟

سألتك مليون مرةٍ

ثم أعدت السؤال

وجوابك الوحيد:

ربما، ربما، ربما

إن لم تحزم أمرك

فلن تبدأ قط

وأنا لا أريد أن ألف وأدور

وأنتهي مهجورة.. مكسورة الفؤاد

إن كنت إذن، تحبني حقا

فقل نعم

وإلا فاعترف لي

وكف عن إخباري:

ربما، ربما، ربما

إن لم تحزم أمرك

فلن تبدأ قط

...

Perhaps, Perhaps, Perhaps

You won't admit you love me
And so how am I ever to know?
You always tell me
Perhaps, perhaps, perhaps

A million times I've asked you,
And then I ask you over again
You only answer
Perhaps, perhaps, perhaps

If you can't make your mind up
We'll never get started
And I don't wanna wind up
Being parted, broken-hearted

So if you really love me
Say yes, but if you don't dear, confess
And please don't tell me
Perhaps, perhaps, perhaps

Perhaps, perhaps, perhaps

If you can't make your mind up
We'll never get started
And I don't wanna wind up
Being parted, broken-hearted

So if you really love me
Say yes, but if you don't dear, confess
And please don't tell me
Perhaps, perhaps, perhaps
Perhaps, perhaps, perhaps
Perhaps, perhaps, (giggle) perhaps
(giggle)

رابط الأغنية:

http://www.youtube.com/watch?v=aKPjxVHgFPs&feature=related

(3) حلّق بي الى القمر

حلِّق بي الى القمر

ودعني ألهو بين النجوم

دعني أرى كيف يبدو الربيع

هناك على المشتري والمريخ

أو، بعبارة أخرى: أمسك يدي

أو، بعبارة أخرى: قبلني يا حبيبي

واملأ حياتي بالأغنيات

ودعني كي أغني للأبد

فأنت كل ما أتوق اليه

وأنت من أقدس وأعبد

أو، بعبارة أخرى: أرجوك كن صادقاً معي

أو، بعبارة أخرى: أحبك!

Fly Me To The Moon

Fly me to the moon
And let me play among the stars
Let me see what spring is like
On Jupiter and Mars
In other words hold my hand
In other words darling kiss me
Fill my life with song
And let me sing forevermore
You are all I long for
All I worship and adore
In other words please be true
In other words I love you

رابط الأغنية:

http://www.youtube.com/watch?v=j7bfudsfZjw&feature=related

(4) الغجري الذي بروحي

لو كنت خلواً من الهوى

وأحببت أن أهيم على وجهي

فلأنَّ في روحي ثمة غجري

ثمة شيء يناديني

من هناك، من بعيد

إنه الغجري الذي بروحي

عواطفي الحبيسة.. لا بد أن أطلقها

راضية أنا وقانعة.. بالطريق الذي اخترت

وما من حياة أخرى أولع بها

حسبي بالغجري الذي بروحي

لا هموم

لا أسلاك

ليس إلا.. الغجري الذي بروحي!

لو كنت خلواً من الهوى

...

The Gypsy in my soul

If I am fancy free,

And love to wander,

It's just the Gypsy in my soul!

There's something calling me

From away out yonder,

It's just the Gypsy in my soul!

I've got to give vent to my emotions,

I'm only content havin' my way

There is no other life,

Of which I'm fonder,

It's just the Gypsy in my soul!

No cares!

No strings!

My heart has wings!

If I am fancy free,

And I love to wander,

It's just the Gypsy in my soul!

(Instrumental Break)

I've got to give vent to my emotions,

I'm only content havin' my way

There is no other life,

Of which I'm fonder,

It's just the Gypsy in my soul!

No cares!

No strings!

My heart has wings!

If I am fancy free,

And love to wander,

It's just the Gypsy in my soul!

It's just the Gypsy in my soul!

Just the Gypsy in my soul!

رابط الأغنية:

http://www.youtube.com/watch?v=-RfzO90f74U

قصائد مختارة للشاعرة الامريكية آن سكستون




Sexton, Anne
(1924-1974)

ولدت آن سكستون في نيوتن-ماساتشوستس عام 1928. أكملت دراستها الأولية والتحقت بالدراسة الجامعية لكنها تركتها بعد عام واحد لتتزوج وهي في التاسعة عشرة. بعد إنجابها طفلتها الأولى أصيبت عام 1954بمرض الكآبة ما بعد الولادية وانهارت صحتها العقلية مما استدعى إدخالها المستشفى ثم ازداد تفاقم المرض يعد ولادتها لابنتها الثانية عام 1955 فأدخلت المستشفى ثانية وفصلت عن طفلتيها اللتين أرسلتا لتعيشا مع والدي زوجها فأقدمت في عيد ميلادها في العام نفسه على أولى محاولات انتحارها. في عام 1957 انضمت –بتشجيع من طبيبها الذي نصحها بمعاودة اهتمامها السابق بالشعر- الى ورشة شعرية في مركز لتعليم الكبار في بوسطن وسرعان ما برزت موهبتها وسطع نجمها وظهرت قصائدها في كبريات الصحف الأمريكية. كانت كتابة الشعر –كما اعترفت لأصدقائها- طريقتها الوحيدة لتحمل الحياة وتأجيل موتها حتى عام 1974 حين خسرت المعركة ضد المرض العقلي ووضعت حداً لحياتها رغم ما حازته من شهرةٍ ونجاح وتكريم شمل عضويتها في الجمعية الأمريكية للفنون والآداب والجمعية الملكية للآداب وحصولها على جائزة "البولتزر" للكتاب. تعد سكستن واحدة من أبرز الشعراء الاعترافيين" "confessional poets جنباً الى جنب مع سلفيا بلاث وروبرت لويل الذين تميز شعرهم بالجرأة والصراحة الشديدة والتطرق الى مواضيع شديدة الخصوصية والحساسية الأمر الذي لقي ترحيبا وتقديرا من البعض واستهجاناً من البعض الآخر. أصدرت العديد من المجموعات الشعرية والنثرية وكتب الأطفال والألبومات الصوتية ونالت شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة تافت رغم أنها لم تكمل تعليمها الجامعي.


"1"
القُبلة

فمي يتورَّدُ .. مثلَ جرحٍ.
عامٌ من القهرِ تحمّلتُهُ،
من ليالٍ مضجراتٍ ليس فيها
غيرَ أذرعٍ تآكلَتْ مرافقُها
وعلبٍ ناعماتٍ
من مناديلَ تصيحُ بي :
أيّتُها البكّاءةُ ، أيتها البكّاءةُ الحمقاء!
**
بالأمسِ.. كانَ جسدي عقيماً
لكنه الساعةَ .. ينشقُّ عندَ زواياهِ القائماتِ
ويمزِّقُ رداءَ "مريمَ" البالي .. عقدةً بعد عقدة.
هاكَ فانظرْ : إنهُ مشحونٌ بالبُروق:
زِنككك! أزيزٌ ... ثم انبعاث !
**
ولقد كانَ زورقاً ، يابساً ، مهجوراً
لا ملحَ في قعرِهِ.
يحنُّ للطلاءِ.
لم يكنْ أكثرَ من كومةِ أخشابٍ.
لكنكَ أخرجتَهُ للماءِ ، ورفَعتَ أشرعتَهُ
لقد اصطفيتَهِ للبحرِ!
**
عروقي تتوهّجُ .. إنّي لأَسمعُها
كَجوقٍ من الآلاتِ.
وهنا .. حيثُ كانتِ الطبولُ خُرساً
تلعبُ الأوتارُ في جنونٍ.
أنتَ فعلتَ هذا.
أيها العبقريُّ في العملِ
أيها الحبيبُ ..
وارتمى المؤلِّفُ في الحريق!
___________

"2"
نصائح الى شخصٍ عزيز

احترس من السلطة
فقد تدفنك حياً.تحت انهياراتها الثلجية.
ثلج .. ثلج .. ثلج قد يخنق جبلك.
**
احترس من الضغينة
يمكنها أن تفتحُ أشداقها فتطرحُ نفسك
لتلتهمُ ساقك .. كمجذوم منبوذ !
**
احترس من الأصدقاء
لأنك حينَ تخونهم ، كما ستفعلُ
سيدفنون رؤوسهم في المراحيض
ويسحبون الشافطة ويغيبون.
**
احترس من الذكاء
لأنه يعرف كثيراً حتى لا يعود يعرف شيئاً
ويتركك معلقاً من رأسك
يتشدق بالمعرفة وقلبك يسقط من فمك.
**
احترس من الألعاب ، من دور الممثل ،
من الخُطَب المُعَدَّة ، المعلومة ، المُلقاة،
لأنها ستخذلك
وستقف كأنك طفلٍ عارٍ
تتبولُ في مهدك !
**
احترس من الحبِّ
(ما لم يكن حقيقيا .. وكل عضوٍ فيك، حتى أصابع القدمين
يهتفُ: نعم )
لسوف يلفُّكَ مثل مومياءٍ
ولن يُسمعَ صراخُك
لن تكف عن الجري.
**
الحبُّ ؟ إن كان رجلا ، إن كان امرأة
لا بد أن يكون موجةً تريد التزحلق عليها
وأن تُسلمها جسدك ، أن تسلمها ضحكتك
وإن تمنحَ ، ساعةَ يأخذك الرمل المفروش بالحصى ،
أن تمنح الأرض دموعكَ.
أن تحب غيرك شيء كالصلاة لا يمكن التخطيط له.
أنت تسقط فحسب .. تسقط في أحضانه
لأن إيمانك يُبطِلُ إنكارك.
**
أيها الشخص العزيز
لو كنتُ مكانك لما أعرتُ نصائحي اهتماماً.
ولمزجتُ في عملٍ مشترك
بعضاً من كلماتي وبعضاً من كلماتك.
أنا لا أؤمن بحرفٍ مما قلت
إلا بعضها .. إلا كوني أعُدُّكَ مثل شجرةٍ يافعة
بأغصان مُلصقَة
عالمةً أنك ستمد الجذور
وتطلعَ أوراقاً خضرا حقيقية.
**
أفسح الطريق أفسِح الطريق أيها الشخص العزيز.
كاتبةُ الطابعةِ هذه
تحبك وأنت في طريقك
الى تلك الأوراق المرتجاة
لكنها تريد أن تكسر كؤوس الكريستال
في الاحتفال من أجلك ،
حينَ ترمي القشرة المعتمة
وتحلق في الأرجاء
كبالونٍ يطيرُ دونَ هدي
_____

"3"
لعنة بوجهِ المراثي

لماذا ، يا حبيبي ، نكثرُ الجدال ؟
قد تعبك من حديثك الورِع.
كذاك تعبتُ .. من كلِّ الموتى.
إنهم يرفضون الإصغاء.
فاتركهم لوحدهم
واسحب قدميك من المقبرة
إنهم مشغولون بموتهم؟

كان الجميع منهمكين بإلقاء اللوم:
على الخمس الأخير من كأس الشراب
على الأظافر القذرة وريش الدجاج
اللاصق بطين سلالم الباب الخلفي
والديدان التي تعيش خلف آذان القطط
والواعظ النحيل الشفتين
الذي رفض الزيارة غير مرّةٍ واحدة
في يومٍ غشيتهُ البراغيث
حين جاء يجر قدميه خلال الفِناء
باحثاً عن كبشِ فداءٍ.
واختبأتُ في المطبخ تحت كيس السجادة.
**
أرفضُ أن أتذكرَ الموتى
والموتى أنفسهم ملّوا الأمر كله.
لكنك أنتَ .. أنت تمضي قُدما
تمضي راجعاً الى الأسفل
الى المقبرة
وترقد حيث تظن وجوهم
وتُكَلِّمُ أحلامك الرديئة القديمة.
_________

"4"
45 شارع الرحمة

في حلمي
حلمي الحقيقي الذي ينفذ الى النخاع
من كل عظامي
أسير جيئةً وذهاباً في "بيكون هِل"
باحثة عن لوحة شارعٍ
عن شارع الرحمة بالتحديد ..
لا .. ليسَ موجوداً.
**
أجرب "باك بَيْ"
لا يوجد
لا يوجد.
ورغم هذا فأنا أعرف الرقم:
45 شارع الرحمة.
أعرف النوافذ ذات الزجاج المصبوغ
في ردهة البيت
وطبقات سلالمه الثلاث
وأرضياته الخشبية الملونة.
أعرف الأثاث
والأمَّ .. والجدة .. وأمَّ الجدة .. والخدم.
أعرف خزانة الخزف الانكليزي
ووعاء الثلج الزورقي ، فضة خالصة
حيث يجلس الزبد في مربعات متقنة
مثل أسنان عملاق غريب
فوق منضدة الخشب الماغوني الأحمر.
أعرفه جيداً
غير موجود.
**
أين ذهبتَ
يا 54 شارع الرحمة ؟
بأمَّ الجدة التي تركع
في الخامسة صباحاً.
في مشد خصرها المصنوع من عظم الحوت
وتتضرع .. برقةٍ لكن في ضراوة
لحوض الغسيل.
وتغفو في الظهيرة
في كرسيها الهزاز
والجدُّ يقيلُ في حجرة المؤونة
والجدة تضغط الجرس لخادمة الطابق الاسفل
و "نانا" وهي تهز أمّي
وزهرة كبيرة تغطي
خصلة الشعر فوق الجبين
حين تكون سليمةً أو حينَ تكونُ ..
وحيث ولِدَت وحيث ولدتني
أُماً ثالثةً في تسلسل الأجيال.
ببذور الدخيل الغريب التي تنمو
لتصير وردةً اسمها البشاعة.
**
أتمشى في رداءٍ أصفر
ومحفظة جيب بيضاء محشوةٍ بالسجائر
وما يكفي من الحبوب ، ومحفظة نقودي ومفاتيحي
وأنا في الثامنة والعشرين
أم هي الخامسة والأربعين ؟
أسيرُ .. وأسير.
وأشعل أعواد الثقاب عند علامات الشوارع
فهي ظلماء
ظلماء كالموتى اليابسين كالجلد
وأنا قد أضعت "فوردي" الخضراء
وبيتي في الضواحي
وطفليَّ الصغيرين
المدللين كغبار طلعٍ في نحلةٍ بداخلي
وبزوجٍ مسح عينيه
كي لا يرى باطني خارجاً
وأنا أسيرُ وأنظر
وهذا ليس حلماً
إنها فقط حياتي الملوثة بالزيت
حيث الناس يتذرعون
بالغياب عن مسرح الجريمة
والشوارع لا يمكن العثور عليها
طوال العمر.
**
أنزِلِ الظلال
أنا لا أبالي !
سمّري الأبواب يا رحمة
امسحي الأرقام
مزقي علامات الشوارع
ما الذي سيهم هذا الشحيح الذي
يريد امتلاك الماضي
الذي خرج في سفينة ميتة
وتركني وليس معي .. غير الأوراق
**
لا يوجد.
**
أفتح محفظة جيبي
كما تفعل النساء
فتسبح الأسماك جيئة وذهاباً
بين الدولارات وأصابع الحمرة
فانتشلها واحدة واحدة
وأرميها عند علامات الشوارع
وأرمي محفظة جيبي في "نهر تشارلز".
وأعود لأنتزعَ حلمي
وأصفُقُ الجدار الاسمنتي
للتقويم الأخرق الذي أعيشُ فيه
بحياتي
ومفكراتي التي انتشلتها الحبال.
______

"5"
آنا التي كانت مجنونة

آنا .. التي كانت مجنونة
عندي سكّينٌ تحت ابطي.
حينَ اقف على روؤس أصابعي
أنقرُ البرقيات.
هل أنا مرضٌ معدٍ ؟
هل جعلتكِ تجنّين ؟
هل جعلتُ الأصوات بغيضة هكذا ؟
هل طلبتُ منك تسلّقَ النافذة ؟
سامحيني .. سامحيني.
لا تقولي إنني فعلتُ ذلك
لا تقولي أنني
لا تقولي
**
صبي كلماتٍ مريميةً في وسادتنا
خذيني طفلةً طويلة نحيلة
في الثانية عشرة من عمرها
في أحضانك الغائرة
اهمسي مثل أوراق عشب
كُليني .. ابتلعيني مثل حلوى الكريمة
أدخليني في فمكِ
أدخليني
أدخلي.
**
أعطيني تقريراً عن حالة روحي
أعطيني بياناً مفصلاً عن أفعالي
ناوليني زهرة برية ودعيني أنصت الى جوفها
ضعيني في الركاب ومرري فوجاً من السائحين
رقّمي خطايايَ في لائحة البقالة ودعيني أشتريها
هل جعلتكِ تجنّين ؟
هل رفعت سماعات أذنك
وأدخلت فيها صافرات إنذارٍ ؟
هل فتحتُ الباب لطبيب الأمراض العقلية ذي الشاربين
الذي جرك خارجاً مثل عربة يد محملة بالذهب؟
هل جعلتكِ تجنّين ؟
أكتبي لي من القبر يا آنّا !
لستِ سوى رمادٍ لكن رغم ذاك
ارفعي قلم "الباركر" الذي أعطيتك إياه
واكتبي لي
اكتبي...
_______

"6"
17 آب

"مناسب لزيارة المستشفيات وللأعمال الخيرية. خصِّصْ بعض الوقت للعناية بصحتك"

سأكون منزعجة بالتأكيد
من المستشفى : منطقةِ الأجسادِ تلكَ ،
حيث الأجسادُ الملفوفةُ بالأشرطة البلاستيكية
والأجسادُ الموضوعة في صناديق خشبية
أو المستخدمة مثل الهواتف
والأجساد المصلوبة في العكازات
والأجساد التي تلبس أكياس مطاطية بين أفخاذها
والأجساد التي تتقيأ عصاراتها مثل سوائل التنظيف.
هنا .. في هذا المنزل
ثمة أجسادٌ أخرى :
كلما رأيتُ طفلاً في السادسة
يسبح في حمام سباحتنا
صوتٌ في داخلي يقول ما لا يُقال:
هيه . يوماً ما ستصبح عجوزاً وذاوياً
وسيدخلون في أنفك الأنابيب لتشرب طعامك
يوماً ما ستعود القهقرى ، ستنغلق كعلبة أحذية
وستُلعَنُ وأنت تشق الطريق الى الموت وأقدامك أولاً.
**
هنا ، في هذا المستشفى أقولُ :
ذاك ليس جسدي .. ليسَ جسدي
لستُ هنا لأراجعَ الأطباء
ليقرأوني كوصفةِ طبيخ.
لا .. أنا فتاة زهرة الربيع
الطائرة في الريح كقطعةٍ من الشمس.
في الردهة رقم 7 ثمة زهرات ربيع
من زبدةٍ ولآلئ
لكنْ جوارَ رجلٍ أعمى لا يقدر إلا
على أكل التويجات والعدِّ الى العشرة
الممرضاتُ من حوله يلعبنَ نطَّ الحبال ، ويرتجفن
كلما ترجرجت عيناه كالزئبق
ثم يرقصن من مريض لمريض لمريض
وينثرن كؤوس دواءٍ ورقِيّة صغيرة
ويلعبن لعبة الرمي والإمساك
بزجاجات الحُقَن المخدِّرة
وهنَّ ينتظرن حادثة جديدة.
أجسادٌ مجبولة من مواد مصنَّعة
أجسادٌ مقمَّطةٌ كالدُمى
أزورها وأتملقها وكل ما تفعله هو الهمهمة
مثل الحاسبات التي تنجزُ ضرائبنا دولاراً بعد آخر.
كل جسدٍ في حاويته.
يضع الجرّاحُ صمغه . ويُحشر كلُّ جسدٍ
في علبةِ آيس كريمه
ويُخاطُ ثانيةً لأجل الرحلة الطويلة ..
الى الوراء.

بحث هذه المدونة الإلكترونية