CH3CH2OH

ذات يوم اجتمع ثلاثة حكماء مجانين وقرروا أن يصنعوا شيئاً جديدا.
كان الأكبر شيخاً ذا مليون وجه، رقيقاً، هشاً حيناً، صلباً قاسياً حينا، متقلب السحنة بين تجهم.. وبريق يخطف الأبصار، وكان الآخران يجلانه أيما إجلال ولا يتكلمان في حضرته إلا همساً..
أما الثاني فكان امرأة ، نعم امرأة فتية أبداً، مغناج، أثيرية الطباع. وكان مكتوباً في الأقدار أن أحد السحرة الفرنسيين الذين دفنوا أنفسهم في قبوٍ خانق، سيطلق عليها هذا الاسم الغريب الذي يبدو مثل صرخة فرح أو إعجاب بهذه الأنثى التي لولاها ما كانت حياة! ليظل ذلك الاسم عالقاً بها حتى لتنسى اسمها القديم الذي أطلقه عليها أول المجانين.
وكان الثالث فتى خفيفا نزقاً سريع الغضب يعشق تلك الغادة ويجري خلفها منذ الأزل ولا يمل من الالتصاق بها والجري معها في كل وهدةٍ وواد!
اجتمع الثلاثة كما اعتادوا منذ القديم، وقرروا أن يصنعوا شيئاً جديدا.. في خفيةٍ من أعينِ الآلهةِ.
سبق لهم بالطبع أن جلسوا سوية، ثلاثتهم فقط أو برفقة ضيوفٍ طارئين، وكانوا في جلساتهم تلك يصنعون الأعاجيب: أجسادا حيةً ناطقة، دماً، ورقاً، سيوفاً، آلات موسيقية، صخوراً غريبة، حلياً، أقلاماً، وقوداً، أشجاراً باسقات وبقولاً لا تكاد ترفع رأسها عن الأرض.. آها.. الأرض! وما كانت الأرض هي الأخرى لولاهم؟
-إذن سنصنع شيئاً جديداً.. وسنهديه الى بني الإنسان.
-ليكن شيئاً يدخل السرور الى القلوب الحزينة.
-والأمل الى اليائسين.
-والشجاعة للمترددين.
-فلينطق به لسان المتلجلجين.
-وليملأ القساة بالرحمة.
-وليدفع الإنسان للرقص.
-والبكاء.
-والسخاء.
-والإقدام.
-ولينزع الأقنعة عن وجهه.
-والأصفاد عن خياله.
وجلسوا حول النار المقدسة.. وانتزع الشيخ ضلعين من صدره الفاحم، وترددت الحسناء ثم مدت يدها تحت ثديها البض وانتزعت ضلعاً واحداً.. واحداً فحسب.. وصاح الفتى العاشق المقدام:
-لضلعٍ واحد من سيدتي المتمنعة المتعالية سأمنح ستة أضلاع من صدري الملتهب بالعشق!
وألقاها الى القدر الذهبية.. وارتفعت النار.. وبعد أربعين يوماً.. سكبوا السائل الأثيري في قدحٍ عجيب التصاوير.. ونزلوا الى الأرض.. حطوه عند باب الكوخ الطيني.. وطرقوا مرتين.. ثم حلقوا في الغمام..
وفتح الإنسان الباب.. ولم ير غير الكأس.. فرفعه الى فمه.. وكان ذلك.. يوماً مباركاً في الأيام...
13/8/2011

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية