الـواحُ إنليـل
رؤيـا كاتبٌ من نفّـر
رؤيـا كاتبٌ من نفّـر
اللـوح الأول :
أتسـامرُ هذي الليلةَ مع إنليل
كـان دعاني من قَبلُ فمـا لبَّـيْت
كـنتُ كـسولاً أو خجـِلاً – لا أدري ...
الليـلةَ سـاقوني عِـبرَ سـماءٍ مقفِـرةٍ
نحـوَ المَلَكـوتِ الأسـمى
أدخلَـني مَـلَكٌ / شـرطيٌّ يحملُ فوقَ جناحَـيهِ
وسـامُ النصـرِ على " تَـيْماتَ " إلى البهـوِ الأعظـمِ
كـانَ هـناكْ ..
يجلـسُ في أقصـى القاعـةِ
فـوقَ العـرشِ الأبَنـوسيِّ الأسـودِ
أدركَ خـوفي للفـورِ
فأدنـانـي منه وهشَّ وأفرخَ من رَوعـي
فتنفَّـسْـتُ الصُـعَداءْ …
اللـوح الثـاني :
يدعـوني إنليـلُ إلى الشـطرنجِ
ويغلِبُـنـي في يُسـرٍ
أتحـدّاهُ ، فيغلـِبُني ثانيـةً
يضـحكُ منّـي مـلءَ الأشـداقِ ويغمـزني :
-أوَمـا تـدري يا ولـدي
أنـي ألعـبُ منـذُ قـرونٍ
ببيـادقَ من بشـرٍ فـانٍ
ومـلوكٍ من ورقٍ
أنفـخُ فيهـم ، وأَنـَقِّـلُهُمْ أنـّى شـئتُ
لأُرغـِمَ أنفَ التعسـاءْ ؟!
اللـوح الثـالث :
..يسـألُني إنلـيلُ عن الخَـمرِ
فأنصَـحُهُ :
-لا تكـثِرْ منهـا !
إنـكَ مسـؤولٌ – قد عُـلِّمْـنا – عن هـذي الأكـوانْ
إن تشـربْ لتكـن كـأسُكَ من قطـنٍ
حتـى إن أزَّتْ فيكَ حُـمـَيّاهـا
ورمَـيتَ بهـا من ضجـَرٍ صـوبَ جمـاجمنا …
ما كـَسَرَتـْهـا !
اللـوح الـرابع :
.. يسـألني عن وطـني :
-كـيفَ الحـالُ بأرضِ بلادِكَ تلكَ التُـدعى ..
تُـدعى .. آهٍ .. تبـّاً للنسـيانْ !
( يهمـسُ في أذنَـيْهِ ملاكٌ ذو أدَبٍ جَـمٍّ .. )
-آهِ .. تذكّـرت !
تلـكَ بـلادُ الشـعراء القـلِقـينَ
وأرضُ النخـلِ ومـأوى النـار
لـمْ أسـمعْ عنكـمْ أخباراً منـذ قـرونْ ..
أَ وَمـا زِلــتُم تبنـونَ لأجلـي الزقـورات ؟!
- !! ..
يسـألُني إن كـانوا لليـوم يؤدون فـروضَ الطـاعةِ
والصـلواتِ فأكـذبُ :
- بعضـهُمُ .. كـلّهُمُ يسـتمطـرُ رحمتكـمْ….
…….. ……..
- كــذّابٌ !
( يصـرخُ رجلٌ في الستّيـن
يجلـسُ عند يميـنِ العـرشِ
ويرميـني بعيـونٍ تقـدحُ شـرّاً !!
……. …….
يسكـتُ ، أسـألهُ :
- عـذراٍ من أنتَ ؟
فلا يسـمعُني
يتحـوّلُ تمثـالاً ثم يـذوبُ كـما الشـمعِ
ولا يتـركُ أثَـرا
يقـراُ إنلـيلُ بعينـيَّ الدهشـةَ
يأمـرني أن أنسـى المشـهدَ
أرضـخُ ، أحنـي رأسـي في استخـذاءْ !
اللوح الخـامس :
-إسـألْنـي شـيئاً قبل رحيـلكَ
أنتَ اللـيلةَ ضـيفي
فاسـأل ما شـئتَ بلا اسـتحياءْ
خـذْ مـالاً ، مُـلكـاً ، حـوراً
آنيـةً من ذهـبٍ ، خمـراً ..
- شكـراً يا إنليلَ الأعظـمَ
سـامِحْنـي ..
إنـي لا أطـلبُ غيـرَ جـوابٍ
لسـؤالٍ أرَّقـَنـي :
فيـمَ خلَـقتَ عبيـدَكَ ؟
فيـمَ رسـمتهمُ أَمـماً ورجـالاً ونسـاءً ؟
أحـراراً وإمـاءْ ؟
فيـمَ تـذلَّ وتـرفعُ ، تعطـي ، تمنـعُ
تُـدني ، تقصـي ، تهـدمُ ، تَبنـي ؟..
إنـي أتسـاءلُ – لا بـرماً ، حاشا –
عن مغزى الأشـياء !
....
وتفكّـرَ إنلـيلُ طـويلاً
مسـّدَ لحيـتَـه القدسـيةَ :
-يا ولـدي .. أشـجَيتَ فـؤادي
أوقـدتَ بقـلبي نـاراً
غطــَّتها الشـيخوخةُ
تحـتَ رمـادِ التكـرارْ
يا ولـدي إنكَ تسـألُ عن سـرِّ الأسـرار
عـن سـرٍّ لا يعـرفهُ آنـو ، أو أنكـي
سـرٍّ لا يعـرفهُ حتـى من تمثـلُ في
حضـرتهِ
لا يعـرفهُ إنلـيلْ !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق