قصائد مختارة من الشعر الإيراني الحديث
الجزء الثاني
ترجمها عن الفارسية: د. ماجد الحيدر
برغم تنوع، وغنى ، وجمال الأدب الإيراني، وبرغم التقارب الجغرافي والحضاري والتاريخي بين الشعوب العربية والشعوب الإيرانية فإن القارئ العربي لم يزل يجهل الشيء الكثير عن الأدب الإيراني الحديث والمعاصر ، إذ لا تكاد معرفته بالأدب الإيراني والفارسي تتعدى نماذج قليلة مترجمة من شعر القرون الوسطى (الخيام ، الرومي ، الشيرازي ..الخ)
هذه الإضمامة الصغيرة من القصائد تمثل، رغم تواضعها، محاولة أولية لتقديم صورة وافية عن الأدب الإيراني الحديث أطمح الى أن تتوسع قريباً وتصدر في كتاب مستقبل.
في هذا الزقاق المسدود
أحمد شاملو
يشمّونَ فاكَ
لئلا قلتَ "أحبك".
يشمّونَ قلبكَ..
غريبةٌ هذه الأيامُ يا حلوتي !
يجلدونَ الُحبَّ
تحتَ أعمدةِ الطرقات.
علينا أن نخفيَ الحُبَّ
في الأقبيةِ الخلفية.
في هذا الزقاقِ المسدود،
من قارسِ البردِ والريحِ
يديمونَ النيرانَ
بقصائدِنا .. والأغنيات.
لا تخاطري بالتفكير !
فالذينَ يطرقونَ الأبوابَ
في انتصافِ الليالي
قادمونَ .. كي يطفئوا السِراج !
خبِّئي الضياءَ
في الأقبيةِ الخلفية ...
الكأسُ أَمِ الماءُ
أحمد شاملو
قد يكون الكأسُ –بالطبعِ- نفيساً
غير أن الماءَ من يطفئُ منّي العَطَشا
ليس من يطري نقوشَ الكأسِ ظمآناً ولكنْ
هو بيّاعُ زجاجٍ ... أو تراهُ
غيرَ صادٍ .. بل يحاكي العَطِشا
فلتصدّق الربيع !
سهراب سبهري
أشرِع الشبابيكَ ، فالنسيمُ
يحتفلُ الساعةَ
بميلادِ الزهور
والربيعُ في كل غصنٍ
وعند كل وريقةٍ خضراء
يشعل الشموع.
قد عادت العصافير كلها
والعذوبة صدحت
والزقاق الصغير
صار قطعةً من الألحان
وتفتحت براعم الكرز
هديةً ... لميلاد الزهور.
أشرع شبابيك يا حبيبُ
أما زلتَ تذكرُ
كيف أحرقَ الظمأُ الوحشي هذه الأرض؟
وكيف ذوتِ الأوراقُ؟
وما فعلَ العطشُ .. في كبد التراب؟
أما زلتَ تذكرُ
في ظلمة الليل الطويل
ما فعل البردُ بالكروم؟
وما فعلتِ الريحُ الهوجاء
في انتصاف الليالي
بذرى الورود البيض .. وفي صدورها؟
أما زلت تذكر؟
أما الآن
فعليك أن تصدِّقّ معجزةَ المطر
وتبصرَ السخاءَ في عيون المروج الخضر
والحبَّ في أنفاس النسيم المحتفل
في هذا الزقاق الضيق
بيديه الخاليتين
بعيد ميلاد الزهور
قد عاد التراب الى الحياة
فعلامَ تبقى كالحجر؟
ولماذا كل هذا الحزن؟
افتح الشبابيك..
وصدِّق الربيع !
هل سيتغير العالم؟
شاعر إيراني مجهول
حرفاً بعد حرف تفوح هذي السطور
برائحة الحزن.
كغروبٍ خريفي بلونِ الدماء
كصمتي المأتمي
كعبور المطر الأخرس
في دروب المصير الكئيبة.
قد يكون للغروب المصبوغ بالدماء
سببٌ ما
ولأمرٍ ما .. قد يعبر المطر
لكن دموعي التي تتحدر
ما لها من تفسير.
في البعيد
عند انحناء سياج المزرعة
عند انتهاء طريق وحدتي
أصل المنتهى
نهاية الوجود
نهاية المعتقدات الباطلة
نهاية الضحكات العقيمة
نهاية النهاية.
أنا الذي لا أبدّل نسمة رقيقةً بكل هذه الدنيا
أنا الذي لا أبيعُ بسمةً حلوةً بكل هذه الأرض
أعصف الساعة مثل طوفانٍ
وأضحك بوجه الوجود ..
ضحكةً بغيضةً.. مسمومةً.
صراخي.. صمتٌ حزين
وصمتي.. صراخ مرير.
سأرحلُ
لا بد أن أرحل
ربما.. في يومٍ ما
سيغير هذا الفُلك القاسي .. صورته ومجراه
يومها .. إن بقيتُ
لن ترى أثراً مني
غير ظلٍ أعجفٍ .. فوق جدار.
لو ...
فريدون مشيري
لو كنت قمراً
لسألتُ الله أن أسعى إليك
أينما حللتِ
لو كنتُ حجراً
لجلستُ لكِ على الدرب
أينما كنتِ
لو كنتِ قمراً
لتمنعتِ ألف مرةٍ
قبل أن تمري بسطح بيتي
ولو كنتِ حجراً
لجلستِ لي على قارعة الطريق
لتكسريني !
لتكسريني !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق