في كل مساء
د. ماجد الحيدر
في كلِّ مساءٍ
بعدَ الكأسِ الأولِ
تتسللُ هذي اللغةُ الشمطاءُ
من الناووسِ الحجريِّ المختومِ
وتملأُ جوَّ الغرفةِ بالزرنيخِ
تنيخُ على صدري
وتمارسُ ضدي
لعبةَ هرٍّ ساديٍّ مخبولٍ
بجريذِيٍّ أعمى ...
وأقول إذن : في كل مساء
تلبسُ هذي اللغة الشمطاء
ثيابَ عروسٍ ميتةٍ
تخطفها من كرّاساتِ الشعراءِ الطاوينَ
تكحِّلُ عينيها بمدادِ هزائمهم
في الحبِّ ، وفي الحربِ ،
وفي غرفِ التعذيبِ المفتوحةِ أبداً
رغم تبدّلِ وجهِ السجّانِ
وصورةِ مولانا في ظهرِ الكرسيِّ الدوارْ
....
عمداً تتعابثُ / تسفحُ كأسي كل مساءٍ
وتُبَلِّلُ كسوةَ منضدتي
المثقوبةَ مثلَ خرائطِ ذاكرتي /
تنشرُ لمَّتَها: هذي المكروهةَ للشَمِّ وللتقبيلِ
وتكشفُ عن فَخذيها العجفاوينِ
وعن أثداءٍ شائكةٍ لا عدَّ لها
وتنادي : يا ابنَ اللخناءِ تعالَ الى أحضاني
واسكبْ أسراركَ
أو فاكتم في جوفك
حتى يتفجرَ قيحاً ودما !
أولستُ أنا أولَ من أوجدَ قاموسَ الإذلالْ :
أخنى يُخني ... أذعنَ يُذعِنُ .. خانَ يخونْ !؟
أولستُ أنا أعظمَ بحرٍٍ للخوفِ وللجبروت ؟
فكبف تريد نجاةً ... يا للحمقى !
في كل مساءٍ تنذرني آخر إنذارٍ
فأكابرُ .. أرفضُ .. تسلخ ظهري :
- ألفٌ.
- آهٍ !
- باءٌ.
- ويلي !
- تاءٌ ، ثاءٌ ، جيمٌ .....
- إني أستسلمُ يا سيدتي الحسناءْ !
في كل مساءٍ
بعد الكأسِ الأولِ
تمسكني من رأسي
تضربُ بي الجدرانَ الستةَ
تمضغني حتى آخرةِ الليلِ
وتلفظني أشلاءْ !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق