حميد حسن جعفر

ناجون بالمصادفة وقوة الاختلاف

1_
حين تتوقف العقيدة عن الارسال - اعني القراءة- يبدأ بالشعر.

هذا ما سوف يحس به، وما يمارسه قارئ- ماجد الحيدر- في مجموعته الشعرية- ناجون بالمصادفة- والصادرة عام 2009.
لم تكن تلك القصائد حالة ندب للحظ، بقدر ما هي حالة احتفاء بالانسان.هذا المكان الوديع، النيبل، الذي مازال مشغولاً بحياة رتبت من اجل ان يمارسها رغم انفه. حياة فيها من الانفلات الشيء اليسير، لكن القادر- اي الانسان – على تغيير ملامح ما يحيط به من حيوات كثار.
القارئ سيجد نفسه وسط باحة واسعة من غمام ينتمي للشعر، مما يوفر له حالة من الايهام بان الشاعر يتحدث عن فنطازيا الحياة. معظم القصائد مكتوبة بعد انهيار منظومة السلطة الشمولية، هذا الانهيار الذي دفع بالشاعر الى ان يجمع الكثير من كسر الحياة ويلمها الى بعضها ليشكل كتلة تنتمي ولا تنتمي لما سبق او لما سيلحق، كتلة تدين وتعري وتكشف عما يوجد خلف هذه الكسر من زجاج هو بالاصل مرآة كبيرة، استطاع عبرها من ينتمي لهذا الرصيف او لذلك ان يمارس حياته قريباً او بعيداً عن سواه. حياة حافظت على تشكيل شظاياها من قبل ان تنهار فعلاً .
*******
ماجد الحيدر لم يكن محايداً في الكتابة، لم يكن فوتوغرافياً، بل كان صانعاً لفعل قادر على التغيير.
هكذا على القارئ ان يتوقع فعبر – اثنتين واربعين قصيدة – استطاع الكائن البشري القار في دواخل الشاعر ان يطلق عناصره المكونة لكائناته البشرية التي ملأت نصوصه. ان يطلقها وسط حالة تقترب من الصرامة في الانتماء الى مفاصل الفعل المكون للحراك. بل ان العديد من كائناته التي تنتمي الى الشيخوخة تتمتع بفاعلية قادرة على خلق حالة من حالات الفعل غير المنتمي للخمول او الانطفاء، اذا ان جذور الحياة ما زالت متقدة وسط هكذا غايات لم تستطع سلطة القمع والحروب ان تتجاوز إلاّ الواجهات الامامية، لتظل اللجة محتدمة، والحياة غير مشغولة بغير نموها.
-2-
فالفضاء الثقافي الذي يحياه الانسان المعاصر، يوجب على الشاعر ان يتمتع بحالة ثقافية قادرة على الكشف، واذا ما كان هذا المفصل من الواجبات التي توفر للشاعر منظاراً كاشفاً، كذلك يتوجب على القارئ ان يتمتع بكم نوعي من ثقافة القراءة ، فما عادت القراءة استقبالاً مباشراً او حالة ازدراد من غير فحص ومعاينة في زمن كثيراً ما تخلى الانسان فيه عن مفصل القراءة بعد انشغاله بمفصل البحث عن لقمة الطعام. او مفصل الابتعاد عن عيون السلطة، او انشغاله بالوقوف خلف اقنعة سواه.
هذا القارئ الذي بات عملة نادرة، او قد تكون مفقودة في عالم الاقتصاد الثقافي، بإمكانه وبشيء من الاحتيال على العالم اللا شعري/ اللاثقافي ان يجد نفسه في جغرافية من اللا معقول الطالع من المعقول. كما هو الحال مع الشاعر الخارج من فوضى الحياة والماسك ببوصلة اليابسة واسطرلاب البحر، ليتمكن بالتالي معتمداً على الفراسة او اقتفاء الاثر من ان يضع ملامح الفضاء الجغرافي القادم، وان كان منتمياً الى الوهم .
لم يجلس ماجد الحيدر في صحراء ليحرض كائناته على الحياة، بل انه راح يطوف المدن والشوارع، والساحات والبيوت والحانات والكتب، ليمسك بأدواته/ كائناته مهما كانت الوانها، وانتماءاتها، واشكالها.
قد يحتفي، او قد يمتدح، او قد يهجو.
لا يترك مخموراً، او بغياً ..
لا يترك حيوانات غابة، لا يترك قارئاً او لصاً من غير ان يمسك بياقته ليتذكره، او ليشير عليه بحكاية، او لحظة صفاء او بتتويج او اشادة .
كائنات ماجد الحيدر تمتلك من الصحو الشيء الكثير، ولكنها بحاجة الى مخيال / يسلبها بعض الصحو- لتقف وسط حالة من الامتحان .
هذا ما يعمل الشاعر على صناعته. صناعة عالم آخر فيه شيء من الانتباه وشيء من الحلم.. وشيء من الغيبوبة المقننة / المسيطر عليها عبر حالة من التساوق الذي لا يفضي الى السكونية، بقدر ما يمنح القارئ / كائنات النصوص فعلاً قادراً على التغيير والوقوف وسط الاختلاف والتبدل.
ان اشكالية الاختلاف تشكل منظومة متشعبة، استطاعت ان تلقي بظلالها على الكثير من القصائد. بل انها استطاعت ان تسحب الشاعر على فضائها بعيداً عن الجبرية، بل نراه ينساق اليها محاذياً سلطتها، ليتمكن من امتلاكها. الشاعر في نماذج عديدة قد يشكل ما ذكرنا.
مثل:-
1.
ناجون بالمصادفة/ ص55 لسنة 2006
2.
هجاء لهذا العالم /ص 57
3.
الهؤلاء /ص 59
4.
هكذا تكلم عمرو بن بحر/ ص61
5.
في عزلتي / ص63
6.
اغنية الاخت الثامنة/ ص67
7.
يوسف /69ص
في العديد من القصائد لم يجد الشاعر بداً من ان يقول وبصراحة ما لم يستطع ان يقوله سواه، ليجد نفسه مغموراً بالوضوح الشديد القسوة. هذا الوضوح الذي يتحول القارئ وسطه الى واحد من كائنات الشاعر، بل قد يصرخ بالشاعر- ان هذا، وذاك ابي، وتلك امي
وهؤلاء اصدقائي ..
وأولئك نسائي ..
ليجد نفسه مسكوناً بما يسمى في يومنا هذا تجاوزاً- بالرفض وعدم الاقتناع. او بالثورة وعدم الرضوخ لما يحدث.


لأن الابداع لا يتقوقع / لا يقف تحت سلطة التحجيم، فقد استطاع ماجد الحيدر ان يفلت ويتخلص من صرامة القوانين الثابتة / القوالب والذهاب - ربما- بعيداً- نحو تخوم الكتابة، حيث يجد اجندته تتحرك، لتنتج حالة ابداعية تنتمي للشعر، كما تنتمي لحالات سردية عديدة.
عبر هكذا منظومة متحررة من النمطية، تنمو القصيدة، ويتحرك الشعر، ليجد الشاعر نفسه مستجيباً للتحول والحركة المكونة للنص الشعري، هذا النص غير الخاضع لزمن قابع. فالزمن لم يعد كتلة متحجرة بل ان الانتقالات التي تدير شؤون النص كثيراً ما تكون ازمنة فاعلة.. ازمنة ساندة للكتابة.. ازمنة ولودة غير منتمية لحالة، وقد تنتمي للعقم اكثر من انتمائها للعطاء والاخصاب.


-3-
ان ابطال كائنات النص الشعري الذي يكتبه ماجد الحيدر – كائنات غير مثالية وكائنات مقتنعة بمدنها التي هندست وفق رؤية الانسان الذي يسكنها، رغم عدم تخليه عن الحلم.. عن المدينة البعيدة.. عن الحروب والاقتتال وسلطة الشرطة.
هذا الكائن لا يتوانى في حديثه عن الاخطاء. فالحياة لا يمكن ان تكون على شاكلة الخطأ فقط وان عدم الحياء من ذكر ارتكاب الخطأ قد ينتمي الى شيء من الفضيلة، التي قد ينتمي جزء منها الى مبدأ الاعتراف بالخطأ.
ان الانسان الذي يخبئ اخطاءه قد يجد نفسه في يوم ما واقفاً على جبل من الاخطاء المتراكمة التي تشكل مجمل حياته/ تاريخه.
ان انسان الشاعر، انسان غير مراءٍ. لا يعتمد التزييف والدجل مبادئ قد تشكل مفاصل الحياة التي يمارسها، او يصفها. انسان لا يملك من الحياة إلا واحدة، قد تكون في يوم ما هدفاً معادياً بالنسبة للسلطة.
هذا الانسان الواضح لا يرتكب من الاخطاء والذنوب، بل وحتى من الآثام، الا ما يشكل البوابة التي ينتظر الخروج منها الى العالم الفسيح.. العالم النظيف الخالي من النقاط المعتمة.
ان الاختلاف الذي يعتمده الشاعر في صناعة النص يشكل مبدأ لا يمكن تجاوزه. هذا الاختلاف قد يشكل حالة عبث الثوابت. ثوابت قراءة الاستقبال، ومن ثم فإن القارئ يجب ان يكون ضمن الرقابة والترقب، حيث ان عنصر الرقابة في الاستقبال لا مكان له. بل الدور وكل الدور لحالات الخرق, والتقويض، وعدم الاسترسال.
حالات كهذه معتمدة المغايرة واستقبال اللا متوقع. اذ لا قوانين تعتمدها الكتابة بل ان النص يعتمد على صناعة القوانين الخاصة به. اذ ان الحفر في الذاكرة ( الاريكولوجيا) تشكل عنصراً مهماً من عناصر الكتابة لدى الشاعر. بل تكاد تشكل البئر الاولى. كما يسمي الطفولة القاص الروائي والشاعر والمترجم والتشكيلي والناقد ( جبرا ابراهيم جبرا)
فمن حجارتها وغبارها تتشكل فضاءات النص وآفاق الكتابة. ومن هواها ينفخ الشاعر في روح الكلمات. ليتحول الى ابداع.


ماجد الحيدر يعيد تشكيل الحياة الفردية، عبر استحضار اعداد كبيرة من الشخصيات التي تشكلت وسطها الطفولة وكذلك الشباب. انه ينتقي ويختار ، وينتخب من اجل صناعة نسيج مجموعة من الصور.. نسيج فيه من القوة والجمال والمتعة وما يذكر القارئ بسنوات طوال استطاع الشاعر ان يخترق ما تتحصن به من حالات النسيان ليمسك بالمضيء ولينتج للقارئ النص الذي بين يديه.
ان القارىء لنصوص تحتضن مفاصل الحياة لتمسك بماء الشعر لا بد له من ان يتوقف كثيراً عند نهايات النصوص تلك ليتدبر امرها، بل ان توقفاً كهذا سيشكل حالة لا بد منها من اجل الاستحواذ على كل مفردات متعة اعادة صناعة الحياة.
ان لذة القراءة تبدو كما لو كانت حالة من حالات النجاة من سلطة معادية، وهذه الحالة ستكون ملازمة للقارئ. وهذا التوقف يتم تحت سلطة (لا شكل نهائي للنص في تصورالشاعر). اذ لا اكتمال نهائي لملامح النص.. لأن النص كائن حي، قد يتناسل على يد قارىء ذكي او قد يتحجم عند مواجهة قارىء ينتمي للأمية المعاصرة. اذ ان قراءة الادب خاصة، والثقافة عامة، لا يمكن ان تنتمي لحالة الكسب المادي التي يمارسها الملايين من البشر. بل ان البعض من القراءة قد ينتمي كثيراً الى جنس المشافهة على الرغم من انها منتج تدويني.
ان ماجد الحيدر ليس في نيته التخلي عن صفة الابن البار للحياة، للجغرافيا، للمدن، للكائنات البشرية التي تشكل عائلة كبيرة. وكذلك هو الابن البار للنصوص التي لا تتشكل وفق مفهوم شكلاني واحد، فهو لا يشعر بالخجل من ان يمد اصابعه الى الحقول الابداعية الاخرى. الثقافة عامة- والنصوص الشعرية كذلك- بإمكانها وبإمكانه كذلك ان ينتميا الى حوارات المسرح، او الى مفاصل السرد. او الى البحث عن الحلم، بل ان المخيال الذي يتمتع به الشاعر لا يمكن ان يخطئ نقاط الضوء وسط عتمة الحياة لينسج منها حالة اضاءة.
ان قراءة لـ آه ما بعد بغداد – ص91-. لا يمكن ان تخطئ في تحديد الهدف من ان الشاعر وفي الكثير من النصوص يحلق عالياً ليعاين، ليكتشف، لينشد، حيث تبدأ عملية الانتصار الوحدات القصيرة التي تشكل منها المدن/الحياة غير معرضٍ مبتعدٍ عن الاشياء المهملة، والتي قد تشكل قلباً نابضاً بمكونات الاختلاف. تلك المكونات التي تتماهى خلف الجدران او الملابس. مكونات قد لا تجدي نفعاً بين ايدي الآخرين الذين لا يملكون عيوناً / او مفاتيح، بل انهم يتمتعون/ تتملكهم حالة عمى يحسدون عليها. انهم لا يرونِ إلا انفسهم، اما ماتبقى فيقف خارج اهتماماتهم.
ان الشاعر يضع اصابعه/ مجساته التي لا تعد على اوجاع بغداد، تلك الاوجاع التي لا يحسن الاحساس بها الا من تخلص من نمطية الحياة، ورمى بما تبقى من جسده وروحه التي ما زالت محافظة على تشكيلاتها في نهر الحياة/ وسط شارع الرشيد، اذ ان الشاعر ماجد الحيدر يعتمد على طفولة ناضجة في استحضار الحياة الماضية.

في- آه ما ابعد بغداد- يجد القارئ ومن قبله الشاعر نفسه ان بغداد لم تغادر لجة الروح والجسد، وانها لم تعلب، ولم تكن معبأة بأكياس النايلون، او متخفية بين اوراق الخرائط، فبغداد وكل ناسها الذين استحضرهم الشاعر لا عبر الشاحنات وحافلات نقل الركاب. بل عبر ذاكرة طرية لم يستطع الخصوم ان يحولوها الى مجموعة من الجرذان الباحثة عن حالة خراب.


-4-
ولان الشاعر كثيراً ما يعتمد السرد كمفصل واضح من مفاصل كتابة النص الشعري، فسيجد القارئ ان المكان وتفاصيله وشاغلي ساحاته يحتل فضاء واسعاً في اثبات نية النص في قول الكثير بعيداً عن الثرثرة والفوضى والتكرار غير المجدي. فهو اي المكان عنصر حراك دائم يسحب المتلقي من الامكنة المنطفئة او الخاملة او الخالية من الاهتمامات ليدفع به نحو اخرى اكثر الفة: اماكن قادرة على توفير مدن/ بيوت، شوارع، ساحات عامة، منتزهات حليفة.

انه اي الشاعر يعمل على تحويل خاصية النسيان الى عامل مساعد لصناعة ذاكرة اخرى متمكنه من استحضار المغيب/ المطمور. وصناعة نص اخر يعتمد المألوف/ المعتاد عليه، بقدر ما يعمل على صناعة الاختلاف، فالانسان العضوي/ الفاعل لا يمتلك جغرافية اثبات/ تحجيم. وما له سوى المغايرة.

فعبر هكذا فضاء مسكون بالتحولات بمقدور كل من الشاعر والقارىء كذلك ان ينتجا التبدلات، وان يتخلصا من خريف الاشياء.
ان امكنة مثل.
كوركان / بحر النجف/ شارع المتنبي
ساحة التحرير/ رأس الشورجة القديم
اعمدة شارع الرشيد/ مقهى الزهاوي
الشابندر/ حمامات فايق حسن/ طيسفون
المدائن/ بغداد/ الايفا.
لا بد لهكذا مفاصل/ مرجعيات من ان تنتج كتابات شعرية مختلفة. لا بد للقارئ من ان يدفع بحسه الشعري الى مسببات هكذا صناعة ابداعية.
اذا سيبدو السر واضحاً. وجلياً وذا مهمة اساسية في الكشف والتعرية التي تصنعها الكتابة.
لقد استطاع الشاعر ماجد الحيدر ان يستفيد من الكثير من المنجزات الابداعية سواء كانت شعرية او سردية، كأشكال من الممكن ان تمنح النص حراكه وتنزيل عنه صدأ الثبات.
فهناك، اضافة لما تم ايضاحه –هناك الرباعيات- المقامات- وقصائد ( والهايكو) التي لم تكن الا الثنائيات بعينها.
فالنص الشعري صاحب الحراك، والمغايرة لا يمكن ان يتحول الى نص قابع اذ لا يمكن ان يتحول الاختلاف الى نوع من انواع النمطية او الى إشكالية النسق الفحل او لنسق العقم. اذ ان التخلص من هيمنات الثبات ومن قدرتها على بسط نفوذها على مساحة واسعة من القول والكتابة، هذا التخلص يشكل مهمة اساسية من المهام التي يجب ان يقوم بها الممسك بالعملية الابداعية، وهذا التخلص لا بد له من ان يمتلك البدائل التي تتحقق على يد المغابرة / الاختلاف وهذه المهمة لا تقع على عاتق الشاعر فحسب، بل على عاتق الطرف الآخر من العملية الابداعية، والذي تعنيه هنا هو المتلقي بأعداده الغفيرة، هذا الطرف الذي يجب ان يقف متحركاً بمحاذاة الشاعر غير بعيد عما يلوح به من تجاوز او خرق، وكتابة مختلفة.
ناجون المصادفة يمتلك مساحة واسعة من رفض النسق / الثابت، ومساحة واسعة كذلك من صناعة المنجز الابداعي الذي يتحرك في فضاء الاختلاف.
فإحساسه بالانتماء الى الانسان المبصر، القارئ المختلف دفع به الى التفكير بأن الكتابة لا يمكن لها ان تطلق اسئلتها وسط حالة من التدجين، بل عليها ان تبحث عن اشتعال وتجارب، عن قارئ مغاير قارئ يحول الورقة الى طرس ليمتلك القراءتين: قراءة الصفحة.. وقراءة الطرس. اي قراءة ما وراء القراءة الاولى (قراءة المحمول) وهذا ما سوف يدفع بالقارئ الى ان يجد بعض ما سبق عندما يصاحب. بعض الناجين من المحرقة في غفلة من الزمن. لان الشاعر مشغول بأمرين مهمين لا يمكن للكتابة ان تبتعد او تتخلى عنهما، وهما النص الشعري اولا، وتوأمه الكائنات البشرية ثانياً.. والتي تفترش جنائن القصيدة وارصفتها.
القارئ المتابع سيضع اصابعه على اهم هذه الكائنات. وما ان يرفع اصبعه حتى تنهض المرأة هذا الكائن المأخوذ بالحياة.
فعند عتبة اول القصائد سيجد القارئ ان الشاعر حول المكان/ انثى الى انثى/ امرأة ... سنختار نماذج من قصائده :-


1 في اثينا ص7
(في الصبح استدير بيمناً نصف دورةٍ
فأراك امامي
ويساراً نصف دورةٍ
فتبتسمين في وجهي
عندها اقر بالهزيمة ) ص3
.
2
في قصيدة (الرأس) ص9 تكون المرأة جارية
عن جارية تتعرى
ورؤوس تتدحرج قبل آوان القطف.. وسوق خضار ) ص13


3
في قصيدة اغنية (الاخت الثامنة) ص67 المرأة ثكلى
(حين لم اجد احداً
في بيتنا القديم
غير شبح لاختي
يهيم في الهيكل المسكون
ويغني للستة الذين مشوا
ولي.. انا الذي اجلس هنا ..
وحيداً اتأمل الخراب !! )ص68

4 في قصيدة (مريم ) ص111 المرأة معجزة.. المرأة في عيدها .. المرأة الواقفة تحت سلطة الذكورة .

( فهزي النخلة
تساقط جثثاً.. وصغاراً مبتورين
وزنزانات لا قعر لها
تمتد .. وتمتد الى اليوم الآخر
تحتك يامريم نهر دمٍ صافٍ
وامامك سلة رمان حجري ) ص112


ان المرأة، هذا الكائن الفريد، وفق هكذا اطرزة غير مقموعة. لا بد لها من ان تكون حقلاً فسيحاً. من الممكن ان تمنح الشاعر حميمية كيما يكتب. هذا ما سوف يجده القارئ وفق آلية فيها الكثير من مواقف الجمال والاقتراب من الآخر بعيداً عن الخوف والانسحاق.


ناجون بالمصادفة /شعر
ماجد الحيدر
الطبعة الاولى / دهوك/2009


ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية