ثورة الهـم

تطـامى الهم وازدحمتْ كروبُ

وماجَ الخوفُ وارتفعَ الوجيبُ

وكلكلَ في الصدور جوىً حريق

تصدَّعُ فـرطَ حـرَّتِهِ القـلوبُ

وأسـلمتِ النفوسُ فلا حَـراكٌ

وأطـبقَ فوقها صمت مريبُ

وجالت في الفضا أشـباحُ يأس

وغربان لهن بهِ شـجيـبُ

ولفَّ الكـونَ والأرواحَ لـيـلٌ

ينوءُ بحملهِ الأفـقُ الرحـيبُ

تكـادُ العين تنكــرُ مقـلتيها

وينكـرُ خدنَهُ الخـدنُ الحبيبُ

لهـذا اليوم تـدّخرُ المـراثي

لنا، وتشقُّ –من هلع – جيوبُ

********

ألا من مبلـغ عـنّي مقـالاً

خطـيراً سـاقهُ حادٍ أريـبُ

بعـيدُ الرأيِ ، قـوّالٌ، جرئٌ

إذا ما هـيجَ عـبّاسٌ غَضوبُ

يزجّي النصحَ صَدق لا يداجي

كــما يتلوّنُ الملـق الكـَذوبُ

بأن الخطبَ صعب ذو مراس

إذا ما استسهلتْ يوماً خطوبُ

وإن الأمر جَـد حـينَ تلهـو

وقد جثمت على أرض شَعوبُ

********

ودجـّالينَ ما تركـوا مـريباً

- كما زعموا- الى مالا يريبُ

يسـُرُّكَ قيلهـُم حـتى إذا ما

تعـالى النقعُ ، جد ّلهم هروبُ

يسـوقونَ الأماني كـاذباتٍ

كـأطوال يقـادُ بها الجـنيبُ

تراهم في لحىً مسـترسلاتٍ

يضـيعُ بهنّ تضميخ وطـيبُ

وبين ضـلوعهم قـلب وبيءٌ

تجـاذبـهُ المآثـمُ والذنـوبُ

شـياه فـرقـتْ في كلّ وادٍ

تولى أمـرَها ضـبع وذيـبُ

عبيد للخـنا أحـنوا ظـهوراً

لوقع سـياطـه فيهـا دبيبُ

أجـدكَ أن يكون لهم صلاح ؟

إذا طـالَ البَلا أعيا الطـبيبُ

********

بنـي أمّـي وربَّ دم مـراق

تَنـَزَّفـَهُ فتىً حـر صـليبُ

يسيلُ على الثرى من ألفِ حولٍ

ويصرخُ:من مغيثٌ من مجيبُ ؟

بـني أمي وأُقسـمُ بالثكـالى

وقد شـقَّ السـما هذا النحيبُ

بكــلِّ أبيـّـَةٍ بيعـتْ ببخـس

لـوغـدٍ أُثقـِلتْ منـهُ الجـيوبُ

وفتيانٍ كـزهر الروضِ لطـفاً

وقد سحقتْ عظـامهم الحروبُ:

ليَـنـبثِـقـَـنَّ بحـرٌ من نجـيع

ويطـوي الأُفقَ إعصارٌ رهيبُ

وينهـتكَ الحجابُ فذاكَ قـَزْمٌ

وذاكَ سَـمَيْدَعٌ قـَرْمٌ مَهـيبُ

********

بني أمي ولاتَ زمـانَ لهـو

إذا ولى الصـبا ودنا المشيبُ

فإن وراءكـــم يمّـاً لجـيـبـاً

وليـسَ أمامكــم إلا اللهـــيبُ

فخوضوا النارَ واقتحموا المنايا

فقد تنبو السـيوفُ وقد تصيبُ

وغذّوا السير واغتنموا الليالي

فقد يتخـرَّق الثـوبُ القشيب

وقد يتنكـرُ الزمنُ المصـافي

وقد يتكـسّر الغصنُ الرطيبُ

وما يصفو الشرابُ بكل كأس

وأمُّ الدهـر مغـناجٌ لعـوبُ

وها دنَتِ القطـوفُ لمُجتنيها

وها وضحتْ لسالكها الدروبُ


ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية