هل يخون الشاعر قصائده؟

حسن سليفاني.. شاعراً .. ومترجماً


"ترجمة الشعر خيانة" حكم قاطع لا أدري –بالضبط- أول من أطلقه من بين العديد من النقاد والأدباء الذين حملوا على عملية ترجمة النص الشعري قديما وحديثاًً.متأثرين –أو مؤثرين - بالحكمة الرومانية الأكثر قسوة وشمولا: Traduttore traditore (المترجم خائن) سائقين الكثير من الحجج التي تدور في الغالب حول فشل المترجم في إيصال رسالة النص الأدبي في لغته الأصلية شكلاً ومضموناً وإحساساً.
ولكن ماذا لو أقدم الشاعر على ترجمة قصائده؟ هل ستظل التهمة قائمة بتوحد المبدع للنصين؟ هل ستتهافت تلك الحجج؟ هل ستقل صعوبة العملية أم ستبقى تلك القيود والمصاعب التي تحيط بالترجمة الأدبية عموما وبترجمة الشعر على وجه الخصوص؟
سأحاول، في هذه الانطباعات الأولية (التي لا تطمح الى أن تكون دراسة مفصلة) لاثنتي عشرة قصيدة ترجمها الشاعر لنفسه، أن أسلط بعض الضوء على تجربة الشاعر والروائي والمترجم الكردي العراقي حسن سليفاني في ترجمته لتلك القصائد التي ظهرت (باستثناء قصيدة صور مساء السبت) ضمن مجموعته الشعرية الأخيرة (ئةو خانما هةنىَ – تلك السيدة) الصادرة مؤخراً عن اتحاد الأدباء الكورد-فرع دهوك)
والصديق السليفاني –لمن لا يعرف- واحد ممن جمع كتابة الشعر الى ترجمته فصار بحق ممن "لا يكتفي بأن ينوء طوعا بحمل صليب الشعر الثقيل المدمى... بل يأبى إلا أن "يزيّن" جبينه بإكليل من أشواك الترجمة التي تنغرس عميقاً.." في زمن قل فيه من يحفل بالشعر ناهيك عن ترجمته وهذا –لعمري- يكفي لأن نسمي من يقدم عليه مغامراً.. أو عاشقاً.. أو غريب أطوار!
وهو –علاوة على تجربته في الترجمة من والى اللغتين العربية والكردية- يمارس كتابة الرواية والقصة والشعر باللغتين معا، يساعده في ذلك احتكاكه المباشر بكِلا الثقافتين (ذلك الاحتكاك الذي أتاح له فيما بعد إدارة مؤسسة ثقافية نشطة وناجحة وذات علاقات ممتازة مع المثقفين الكرد والعرب مثل اتحاد الأدباء الكورد- فرع دهوك). فقد ولد في دهوك عام 1957 وعاش ودرس في الموصل وبغداد وتعرف على (ثم اندمج في) الحياة الثقافية العراقية منذ الثمانينات وقرأ الكثير من الأدب العراقي والعربي والعالمي (المترجم الى العربية).ليبدأ الكتابة باللغة العربية (لغة التربية والتعليم الوحيدة المتاحة أمامه) قبل أن يبحر (شأن العديد من زملائه) في رحلة البحث عن الهوية الثقافية القومية قارئاً، ثم كاتباً باللغة الكردية.. دون أن ينسى إعجابه واحترامه للأولى.. ولم يكتف بهذا بل دفعه حبه للغات ودراستها الى الالتحاق فيما بعد بفرع اللغة الانكليزية بكلية الآداب لينال شهادة البكالوريوس في آداب اللغة الانكليزية، رغم أنه لم يقدم حتى الساعة (كما أحسب) على الخوض في مجال الترجمة من أو الى الانكليزية.
ثم إنه–أي السليفاني- يشعر بالتأكيد بجدوى ترجمة الشعر وضرورتها، مؤكداً "..أننا بحاجة ماسة للترجمة في الأدب الكردي.. لأنها جسر إنساني شاسع للتعارف والتمازج وتلاقح الثقافات، وحب الحياة" ومؤمنا أن "عدم ترجمة الشعر خيانة أخرى" مُقرا في الوقت نفسه بأن ترجمة الشعر ليست بالسهلة وبأن التمرين والتدريب المستمرين ومزج الترجمة بجزء من روح المترجم الأدبية أسباب أخرى لسد الثغرات أمام هفوات الترجمة.
ما أريد قوله في هذه المقدمة أن الزميل السليفاني قد استكمل العديد من الأدوات الضرورية التي يحتاج اليها من يقدم على خوض تجربة ترجمة الشعر بشكل خاص وهي الأدوات التي لا تخرج (في رأيي المواضع) عن: الإلمام الواسع باللغتين، الاحتكاك العميق المباشر أو غير المباشر بالثقافتين ومنجزاتهما وتراثهما الأدبي والشعري، الموهبة، الذائقة الشعرية (لكي لا أكون متشددا فأطالب بأن يكون المترجم شاعراً حصرا)، القدرة على الإحساس بالرسالة الجمالية والتعبيرية والرمزية للكلمات والنصوص، وأخيراً الحب أو التعاطف أو المشاركة أو الإعجاب (أو سمه ما شئت) مع النص الأصلي وكاتبه وهو في اعتقادي شرط ضروري للغاية قبل الإقدام على ترجمة النص الشعري والتغلب على الصعوبات العامة (من نحوية ومعجمية أو جمالية أو اجتماعية-حضارية أو سياقية أو بلاغية .. الخ) التي تواجه المترجم بشكل عام، ومترجم الشعر على وجه التخصيص.

فكيف تعامل السليفاني مع تلك الصعوبات؟ وما هي الآلية التي استخدمها لسد الثغرات أمام هفوات الترجمة التي يشير اليها؟
بداية أقول أن القارئ لشعر سليفاني سيكتشف بسرعة أنه (في قصائده هذه بالتحديد) بإزاء شاعر صورة، صورة مكثفة موحية تمتاز عادة بالإيجاز الشديد (وهي ظاهرة لافتة في الشعر الكردي المعاصر). وهو لا يكتفي بتسجيل هذه اللقطات الشعرية بل نص صراحة على كلمة صورة في العديد من عناوين قصائده مثل "صور مساء السبت" أو "ثلاث صور" التي يستخدم فيها تقنية الصور الموجزة المتتابعة الشبيهة بفلم توثيقي قصير من ثلاثة مشاهد تظهر في الأول ثلاث شخصيات هي التفاح غير الناضج والحسناوات والعصافير ينتهون جميعا ميتين من هول الأسلحة الكيمائية ليعود في المشهد الثاني ليرسم صورة الجنود الذين يتساقطون وهم يتقدمون نحو التفاح فيتساقطون هم أيضا وتظل الزنابير تعزف فوق رؤوسهم سيمفونية الموت ليختتم القصيدة بالمشهد الثالث الذي يظهر فيه الأطباء العسكريون الذين لا يملكون إلا العجب من هذا القلب القاسي الذي يمتلكه "هذا الرجل"
وهو ينجح في الوصول الى مستوى عال من الإيجاز والجمال في العديد من صوره القلمية:
ورقة الشجرة التي داعبتْ خدها
خبيرة كانت
أضافت لنفسها رائحة أخرى
لذا في الربيع الآتي
ستقصدها العصافير،
وستجيد لغة أخرى (من قصيدة نزهة تحت المطر)

أو في صورة الألوان التي لم تسمَّ بعد في هذا المقطع:

ابتسامة طفلتي
فرح انتفاضة
وألوان
لم "تسمى" بعد

لكن هذه الطبيعة التصويرية في تناول المواضيع الأثيرة لدى الشاعر (المرأة، الحب، الحرب، ويلات الأنفال، التطلع الى الحرية) لا تنفي أن أداة الشاعر في رسمها هي الكلمات وطاقتها الإيحائية والرمزية، فاللغة هنا أيضا (بالنسبة الى المترجم) عامل محدد لحرية المترجم رغم أن الطبيعة النثرية لقصائد السليفاني (وهي ظاهرة لافتة أخرى في الشعر الكردي المعاصر) تتيح للمترجم التحرر النسبي من القيود المتعلقة بالجانب الموسيقى وإغراءات محاولة مراعاته (إن لم يكن محاكاته) عند ترجمة النص.
إن الشاعر المترجم لشعره (مثل الزميل السليفاني) سيكون بالتأكيد أقرب الى فهم النص من سواه وسيكون أقرب الى الجو النفسي والإسقاطات الفكرية والسياسية والتاريخية لكلماته ورموزه مما يخفف كثيراً من صعوبة المرحلة الأولى لعملية الترجمة وأعني بها مرحلة دراسة النص واستيعابه وتمثله. لكن الصعوبات التالية المتعلقة بصياغة النص المقابل تظل قائمة خصوصا اذا كان يترجم من اللغة الأم الى لغته الثانية؛ فمن المعروف أن صعوبة ترجمة النص الفني تتضاعف عندما تكون اللغة-الهدف (target language) هي اللغة الثانية للمترجم أي أنه يترجم من اللغة الأم (حتى لو تأخر في الكتابة بها كما في حالة السليفاني) الى اللغة الأخرى، وهنا تكمن أغلب الصعوبات وتصادف أكثر الهفوات التي قلما ينجو منها مترجم.
وإحدى المسائل البالغة الحساسية حتى في حالة الترجمة "الذاتية" هي مقدار الحرية التي يسمح بها المترجم لنفسه حذفاً وإضافةً وتغييراً واسترسالا .. الخ. وقد يكون من الأجدى أحيانا للمترجم/الشاعر (وقد تحرر من الصراع الذي يثقل ضمير كل من خاض في هذا المجال بين شخصيته شاعراً وأمانته مترجما) أن يعيد كتابة القصيدة في لغتها/لغته الثانية، إلا إذا كان حريصاً على الجانب التوثيقي (إن صح التعبير) أو ارتأى، لهذا السبب أو ذاك، أن يتعامل مع القصيدة بحيادية الناقل الأمين لباقة من الزهور يرسلها حبيب لحبيب.. وهذا ما فعله الزميل السليفاني في أغلب الترجمات إلا في بعض الحالات التي منح لنفسه فيها قدراً أكبر من الحرية:
فقد يعمد أحياناً الى حذف كلمات أو عبارات من النص الأصلي أو نقلها كما هي بلغتها الأصلية أو الاكتفاء بترجمتها ترجمة صوتية (transliteration) لغياب مكافئ مقبول لها أو بسبب محددات أيديولوجية أو دينية أو لغوية وهي حالة معروفة في عالم الترجمة يصطلح عليها أحيانا بعجز الترجمة (under-translation) مقابل ما يسمى بفرط الترجمة (over-translation) أي إيراد عبارات أو كلمات غير موجودة في النص الأصلي بهدف إيصال رسالة النص أو إيضاح معناه. وقد يلجأ في أحيان أخرى الى تغيير بعض الكلمات أو العبارات كنوع من أنواع المرونة إزاء الاختلافات اللغوية والثقافية والبيئية بين اللغتين التي تصل أحيانا الى عدم قابلية ترجمة الكلمات من اللغة المصدر SL إلى اللغة المنقول إليها TL وهو ما يعرف بعدم القابلية على الترجمة (untranslatability).
ولقد كان النجاح حليفه في الشطر الأكبر من تلك الحالات:
ففي قصيدته "تلك السيدة" ترجم الشاعر المقطع التالي:
ئةو خانما دبةر مةرة بورى و
سةرىَ خوة يىَ قذاظذ هةذاندى
ياساييَن ظيانىَ دناسين
الى:
تلك السيدة التى هزت
شعرها الغجري
واجتازتنا
كانت تجيد قوانين العشق
مبدلا وصف شعر سيدته من"قذاظذ " (أشعث) الى "الغجري" لما للكلمة الأخيرة من وقع إيحائي ومدلول جمالي في الأدب العربي ربما يفتقده مقابلها في الأدب الكردي. ثم نراه في القصيدة نفسها يترجم هذا المقطع:
ئةو خانما هةنىَ
ئةوا خودى
د جوانيىَ دا داهيَلاى
بهذين البيتين:
تلك السيدة
التي قد غمسها الله
في دنً الجمال
فأضاف الى الصورة في النص الكردي التي تعني حرفيا "تلك السيدة التي غمرها الله بالجمال" صورة أكثر عمقاً عندما أضاف لفظة الدن الموحية بالخمر والعسل.
وفي مكان آخر، وفي قصيدته "3 صور" ترجم عبارة "شةظ ديلانا دلى ية" الى عبارة "الليل عرس القلب" متجاوزا المعنى الحرفي-المعجمي لكلمة "ديلان" التي تعني (رقصة، دبكة، حلقة رقص الخ) الى كلمة عرس التي حملت معنى دلالياً أكثر غنى في النص العربي.
وهو يلجأ أحيانا الى تخطي عبارات معينة حين يراها غير قابلة للترجمة بسبب الاختلافات اللغوية والبيئية التي أشرنا اليها مثل العبارة الكردية الشائعة " مالويَران " التي كثيراً ما تستعمل في الحديث اليومي كنوع من أنواع الإطراء أو التعجب أو الدعاء والتي نجد أقرب مكافئ لها في العبارة العامية العراقية "مهجوم البيت" أو العبارة المصرية "يخرب بيتك" وذلك في المقطع التالي من قصيدته "أنت":
وةرة ببينة كةربا رؤذىَ
ذ ديَمىَ تة يىَ مالويَران
الذي يترجمه الى:
أنظري الى غضب الشمس
من وجهك المشرق
ثم نراه يحذف (ربما للسبب نفسه) هذين السطرين الكاملين من نفس القصيدة، التي منحتها العبارات الدارجة في الأصل الكردي خفة وظرفاً يصعب نقلهما:
ئةو بؤ كىَ دكةنت ثرضا تة ؟
هةى ئةز طؤرى طةردةنا تة .
حيث يكمن وجه الصعوبة مرة ثانية في الدعاء الكردي المحبب في السطر الثاني الذي يمكن أن نعثر على أقرب مكافئ له في العبارة اللبنانية الظريفة :وليك تقبرني هالرقبة!
لكنه يجد ضالته في الترجمة الحرفية لدعاء ثالث من قصيدة تلك السيدة:
ئاظا بت مالا وىَ
فيهتف لسيدته الجميلة: ليزدهرْ بيتها!
وقد يغفل المترجم عن ترجمة كلمات أو عبارات بعينها دون مسوغ واضح مثل ما فعل في هذا المقطع من قصيدة صور مساء السبت:
طر ، طيانىَ طياى د كوزرينت
ذ كةربا ، ل بةر سيمفؤنيا سر و سةرمايىَ
دةست ب سةمايىَ دكت .
حين يترجمها الى:
الغضبُ يشتعل في روح العشب
الذي يبدأ الرقص غيظاً
حاذفا عبارة "ل بةر سيمفؤنيا سر و سةرمايىَ" التي لو لم تحذف لربما قرئ النص كالآتي:
الغضبُ يشتعل في روح العشب
الذي يبدأ الرقص غيظاً
أمام سيمفونية البرد القارس
كما يبتر أحيانا مقطعاً كاملاً من القصيدة مثل هذه الفقرة الجميلة من قصيدة تلك السيدة:
ئةو خانما هةنىَ
ئةوا ذ شيشا شةرابا
هةظالا من زةلالتر
هةذيية مرؤظ
مؤركيَن رستكا وىَ
ماضيكت
(تلك السيدة
الأصفى من كؤوس نداماي
ليس كثيراً عليها
أن أهوي مقبلاً
خرزات قلادتها –ترجمة مقترحة)
وقد يقع الحذف غير المبرر في عنوان القصيدة نفسه مثل ترجمة العنوان "سيَظيَن ساظا و سيانيد" الى "التفاح والسيانيد" مسقطاً عن التفاح صفة " ساظا " التي تعني الرضيع أو الغض أو غير الناضج كما يتبين من متن النص.
وقد يسبب حذف كلمة أو اثنتين في حيرة القارئ لهذا المقطع المترجم من قصيدة الفراشة:
نعم هذه الفراشة الملونة الرقيقة
لا تستطيع ان تكمل دورتها حول
روض الزهور
وكرعب الأسماك
في ليلي يحوم الظلام
حول النهر
تهرب الى الاعماق ‘ لتنام بسلام
التي تبدو ملتبسة المعنى بسبب حذف عبارة "ب ترس درةظت" (تفر مذعورة) التي لو لم تسقط في الترجمة لاستقام المعنى واتضح للقارئ أن الفراشة هي التي تفر مذعورة كذعر الأسماك في ليلة مظلمة تدفعها الى الهروب الى الأعماق.
ومن جانب آخر قد يلجأ بعض المترجمين (في محاولة منه للتغلب على بعض مصاعب الترجمة) الى ما يعرف بالترجمة الصوتية transliteration حين يعجز عن العثور على مقابل مقنع فينقل الكلمة حسب طريقة نطقها في اللغة المصدر كما حدث مع كلمات مثل الديمقراطية والتكنولوجيا والتلفزيون ومئات غيرها مما نقل كما هو الى اللغة العربية، وهذا ما فعله السليفاني أيضاً، لكن هذا الأسلوب لا يحبذ عند توفر المقابل السائغ المقبول كما في كلمة "كاذ" (قصيدة قمر الثلاثاء) التي ترجمها ترجمة صوتية الى كلمة "كاز" رغم وجود المقابل الدقيق وهو "الصنوبر" أو في ترجمة عبارة "ميَزيَن زيوانى" في القصيدة نفسها الى الموائد الزيوانية (حيث أن المقابل الدقيق لكلمة زيوان الكردية هو زؤان) رغم أن هذه الأخيرة تبقى غامضة حتى بعد تصحيح الخطأ، إذ إنها تكاد تكون مهجورة في العربية المعاصرة وكان من الأجدر ترجمتها الى أقرب المعاني اليها أو شرحها في الهامش (شوائب، عشب رديء ينبت بين أعواد الحنطة أو الشعير..الخ) حتى تتضح الصورة الجميلة التي تراها في النص الأصلي (وهو في رأيي أحد أجمل نصوص المجموعة). ولا أدري إن كانت ترجمته لكلمة "سيم" الى لفظة "سيم" العامية تقع في هذا السياق رغم توفر البديل العربي الفصيح: سلك، أسلاك شائكة الخ (قصيدة صور مساء السبت) أم أنها زلة غير مقصودة.
ويقودنا الحديث هنا الى الحاجة الملحة في بعض الأحيان الى تعزيز النص بهوامش مقتضبة لا تفسد متعة القراءة لكنها تعرف قارئ النص المترجم بالأشخاص والوقائع التاريخية أو الحقائق الجغرافية التي لا غنى عنها كما في قصيدة سليفاني الجميلة القصيرة "كاروخ" التي خلت ولو من إشارة بسيطة الى أن "كاروخ" جبل في كردستان يقع في المنطقة الفانية وحدثت فيه الواقعة الفلانية. كما يجدر بنا التنبيه الى بعض الزلات والهفوات التي لا ينجو منها كاتب أو مترجم مثل قوله "في الراديو الذي يلغي" (الصحيح يلغو -قصيدة عين الليل) أو "لم تسمى" (الصحيح لم تسم -قصيدة 3 صور) أو "لا زال الوقت مبكرا" (الصحيح ما زال أو ما يزال-قصيدة عين الليل) أو بعض الهفوات في الإملاء أو علامات الترقيم كعلامات التعجب والاستفهام والفاصلات. ولا عيب هنا على الإطلاق في استشارة منقح أو خبير لغوي، وهو الأمر الذي لا يتحرج منه كبار الكتاب العالميين حيث يوجد خبير مختص بإعداد العمل نظير أجور محترمة في أغلب دور النشر العالمية. ولا ننسى أن بعض كبار الشعراء القدامى (ممن أطلق عليهم الأصمعي لقب عبيد الشعر) اعتاد نمطاً متطرفاً من هذه الممارسة حين كان يعرض قصائده حولاً كاملاً على أهل بيته وحولا كاملاً على أبناء قبيلته قبل أن يعلنها على الملأ، حتى ذهب الشاعر الحطيئة الى أن "خير الشعر الحولي المنقَّح" وسمّى زهير بن أبي سلمى كُبرى قصائده الحوليات، والأمثال تضرب ولا تقاس!
...
إن هذه الملاحظات السريعة تؤكد –ولا تتعارض مع- الانطباع الإيجابي العام للجهد الكبير الذي بذله الزميل السليفاني في ترجمته لهذه القصائد (التي تشكل إضافة أخرى الى مشروعه الترجمي الغني: قصص من بلاد النرجس، قصائد من بلاد النرجس وغيرها) عندما نجح في إيصال محتواها ورسالتها الفنية والمحافظة على إيقاعها العام وجوها النفسي وتوالي صورها الشعرية الجميلة التي كشفت، عبر أساليبها التي تراوحت بين الواقعية والرومانسية، عن التماهي الجلي بين الذاتي والعام.. وبين المشهد أو المكون الطبيعي والمشهد النفسي الداخلي للشاعر فردا أو ناطقا بهموم المجموع وتطلعاته المشروعة وقضاياه الاجتماعية والإنسانية.

ماجد الحيدر
majidalhydar@yahoo.com
دهوك 9-9-2010

المراجع
• حسن سليفاني- ئةو خانما هةنىَ – مجموعة شعرية من منشورات اتحاد الأدباء الكورد فرع دهوك-2010
• محمد حسن يوسف-كيف تترجم-ط1- الكويت-1997
• يوئيل يوسف عزيز وآخرون- الترجمة العلمية والتقنية والصحفية والأدبية-ج2-وزارة التعليم العالي والبحث العلمي-العراق.
• صفاء خلوصي- فن الترجمة في ضوء الدراسات المقارنة- وزارة الثقافة والإعلام-بغداد 1982
• حافظ قاضي-فةرهةنطا قازي- دار سبيريز للطباعة والنشر-دهوك 2005
• محمد أمين دوسكي-قاموس سبيريز – دار سبيريز للطباعة والنشر-دهوك 2008
• مجمع اللغة العربية بالقاهرة-المعجم الوسيط
• ماجد الحيدر- ترجمة الشعر.. مهنة المجانين-جريدة الأهالي-العدد 265 في 27-8- 2008.
• جريدة الصباح-ملحق خاص عن الترجمة في 29-10-2008
• حسن سليفاني-حوار أجراه الكاتب والناقد العراقي جمال كريم – جريدة المدى في 4-11-2009
• Gwyneth Box- Poetry Translation- http://www.translationdirectory.com/article128.htm
• Sugeng Hariyanto -Problems in Translating Poetry-http://www.translationdirectory.com/article638.htm




ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية