ماجد الحيدر .. ومجد الشعر-حسب الله يحيى



حسب الله يحيى

ماجد الحيدر .. ومجد الشعر

2010-07-14

هذا الحميمي مع نفسه ومع الآخرين .. هذا الباسم المتفجر تفاؤلاً ، والعذب فرحاً ، والصميمي المتجذر المعمق في قلب البراءة وصنو الشجر الباسق .. هذا الذي سكن العلم واتخذه مهنة شفاء للانسانية .. يضيء البياض في الشفاه ويسكت حتى يهمس بالمحبة .. ويرتوي من صفاء الخير اينما وجد وفي اي أفق انطلق .. هذا الطيب الذي طيب الله له عقله وانامله حتى يداوي ..

هذا الذي عرفنا فيه طبع النقاء ، وبذور النبل ..

هذا .. هذا .. الذي يشكله د. ماجد الحيدر انساناً وطبيباً ومترجماً وقاصا وشاعرا وكاتباً .. ماالذي جعله يكتب : (ناجون .. بالمصادفة!) ؟

يكتب كما لو انه يداوي ويعالج .. ليس بادوات الطبيب واختبارته ومهاراته العلمية ، وانما هذه المرة بادوات اللغة وقاموسها الحي .

يكتب لأنه يريد ان يبريء نفسه من اثم السكوت ولوثة الصمت ، لائذاً بالكلمة المنتقاة ، المصفاة .. ليسكن بيت الشعر متخذا منه مكاناً يلتئم من وجوده وانسانيته وموافقه .. يكتب ماجد الحيدر ، انطلاقا من مجد الانسان وعظمته في اغناء الحياة والارتقاء بها والذود عن حمامات سلامها .

يكتب الحيدر .. وقد وجد نفسه ينجو صدفة .. ومثله كثرة ، حتى لنصبح جميعا مثيلا وقرينا واليفا الى المصادفة التي انقذتنا من الموت وما كان يؤجل سلطته وطغيانه وثقله وجفافه وجفاءه .. لو لم تكن الصدفة .. منقذاً

فهل يعود الشعر الى الصدفة ، وهل تتكىء البراءة على الكلمة المنقذة ، وهل يقوم الحدث الدامي ، على الحدث الذي يأتي مصادفة ؟

لم يكن الحيدر شاعراً .. صدفة ، وانما كان هناك وجود حي لدأبه المتواصل وعشقه الاصيل لقاموس اللغة وضوء العقل ، ومن ثم كانت تجربة الألم المضني والمعتق .. هما العاملان الاساسيان اللذان شكلا شاعراً مبتكرا من طراز ماجد الحيدر .. الذي نحتفي به لمرتين :

خروجه من دائرة الموت .. صدفة ، وخروج ديوانه الفني والاثير والدال والمعمق من دائرة الصمت واليأس والاحباط والعبور العاجل ..

ولكنه هذه المرة ليس التألق .. صدفة ، وانما كانت الصدفة مفتاح الحدث الدامي الذي فتح كل الابواب المغلقة ، وجعل حدائق الشعر تتنفس خضرتها وعطرها ونموها الباسق .

اهلاً .. بمن نجا من العتمة الدامية ، ليكتب لنا هذا السفر الذي امسك بالقلم كما لو انه امسك بالحياة كلها ..

اهلا بماجد الحيدر .. شاعراً وانساناً وطبيباً .. اهلاً بالهلا التي تستقبل مجده وشجاعة حروفه ونور موافقه ..


حسب الله يحيى


ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية