في مخزن الأحذية
قصة قصيرة
قصة قصيرة
التقيا بالمصادفة..
في مخزن الأحذية الكبير، ربما أكبر مخزن في المدينة، في الدور
الخامس من المجمع التجاري العملاق، أكبر مجمع تجاري في البلاد.
كانت رفوف طويلة لا تكاد تنتهي من
الأحذية تمتد وتمتد على طول الجدران، وفي وسط القاعات، وفي الممرات والاستدارات
والزوايا وفوق محامل الزهور.
-ياااه! ما أكثر الأحذية هنا؟ لم أر
في حياتي كل هذا العدد من الأشكال والألوان والأحجام.
-نعم لا بد أنها ثلاثة,, أربعة.. بل
خمسة آلاف طراز في أقل تقدير.
-نعم، نعم.. وربما أكثر من هذا.
-كيف يتسنى للمرء أن يختار الطراز
الأفضل؟ كيف يعرف أن طرازاً بعينه هو الأنسب والأفضل؟
-صحيح. إن المرء ليحتاج الى عمر
بأكمله ليجرب كل زوج منها ويتأكد من جماله ومتانته ومناسبته وراحة القدمين فيه.
-ولهذا ربما يختار البعض أقربها الى
متناول يديه.
-أو أول ما تقع عليه عيناه.
-أو أرخصها.
-أو ربما يلجأ ببساطة الى تقليد
الآخرين ومجاراة أذواقهم.
-نعم، نعم. كلامك صوابٌ كله.
-وكلامك ينم عن الحكمة. أنا أحب
محادثة الأذكياء.
-وأنا كذلك يا سيد.. آه. لقد نسيت حتى
أن أسألك عن اسمك!
-هههه. حقا. وأنا كذلك. إسمي راشانا
سابانو.
-تشرفت بمعرفتك. وأنا كاندانا
مورانين.
-مورانين؟ يبدو لي أنك من الديانة
المورانكانية.
-نعم. أنا مورانكاني. لماذا السؤال؟
-عذرا على التطفل. ولكنني سمعت
عن دينكم أشياء غريبة.
-أشياء غريبة؟ مثل ماذا؟
-حسناً. بالنسبة الى عاداتكم
وتقاليدكم.. أنت تعرف.. أشياء مثل طريقة زواجكم وبناء معابدكم وأداء صلواتكم..
يعني.. بعض الأمور الغريبة التي لا يجد العقل تفسيراً لها.
-كل ما تسمعه ويتناقلونه محض هراء
وأكاذيب. ديننا
اصح الأديان وأحسنها. بل هو الدين الصحيح الوحيد. وأتحدى
من يدعي غير ذلك!
شعر الأول بالارتباك من هذه اللهجة،
لكنه استدرك:
-عفواً. لا أريد إزعاجك. ولكنني قرأت
مرةً أن في عالمنا أكثر من 5000 دين!
ولم يجب الثاني. بل استدار غاضباً
وتوجه الى أحد البائعين وناداه في عصبية لم يستطع كبتها:
-أعطني زوجاً من هذا النوع. نعم.نعم.
هذا لا غير. أسود. مقاس 42.
ودفع الثمن و حمل الرزمة ثم خرج مسرعاً،
مكفهر الوجه.. دون أن يلتفت الى الوراء.
وشيعه الأول بنظراته ثم هز رأسه في
أسف وهو يتمتم:
-خمسة آلاف.. نعم. خمسة آلاف كما قرأت... وربما
أكثر!2012
نشرت في المجموعة القصصية (الملاغ الألثغ الصغير) - دمشق 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق