الرجل الميت ذو اللحية المشذبة


الرجل الميت
ذو اللحية المشذبة
لا ينسى أن يأخذ
دواءه اليومي في موعده:
"حقنة في الوريد
وكبسولتان"
...
الحقنة (يعرف الرجل الميت)
تمنعه من التفسخ،
الكبسولة الحمراء
لمقاومة النسيان،
والأخرى
الزرقاء والصفراء
كي يصون لسانه
من الزلل القديم.
...
الرجل الميت
لا يغادر قبره كثيرا
ربما يخرج في بعض الأيام المشمسة
لينشف جلده العطن
وعندما تنفد سجائره
ورصيد هاتفه المفقود
أو يتسلل في آخر الليل
الى مقهى الانترنت القريب
ليفتح إيميله المنسي.
...
كل صباح
يأتي بائع الجرائد
ذو الرجل الواحدة
نحو القبة المجصصة
ليبصرَ حفنة
من نقود مجعدة
يرفعها ويترك في مكانها
رزمة من صحف بائتة
يخرجها من بين إبطه
وسرج عكازته.
ويمضي
على رجله الوحيدة
متمتما:
"عجبا
ماذا يفعل الأموات بالصحف؟!"
...
"لكنها عادة قديمة"
يجيب الرجل الميت
إذ يحدث النمل الذي
يدرج فوق وجهه
"عادة قديمة
والشيخ لا يترك أخلاقه.. حتى...
وبعد ذاك!"
...
"ما أفتقده هنا"
يصرح الرجل الميت
"علاوة على امرأتي
ولابتوبي
ورفاق المقهى العجائز
هو الورود.
لماذا لا أرى باقة ورد حقيقية واحدة
في يد كل هذي الملايين
التي تقلق نومنا
فجر كل عيد؟"
...
أحزنُ من أجل الرجل الميت
أتعاطف معه
لكنني -في داخلي-
أكرهه
لأنه يذكرني
بالخواء الذي سيأتي!
23-2-2014


نشرت في جريدة التيار الديمقراطي 11-5-2014

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية