حوار في ساحة التحرير


المشنوق الأول:- مرحبا.أشلونك؟
المشنوق الثاني:- الحمد لله، كواك.. وأنت؟
المشنوق الأول:- منيح والحمد لله. ما اسمك؟
المشنوق الثاني:- لا أتذكر بالضبط، لكن من المؤكد أنني كنت أحمل اسماً حتى صباح اليوم. وأنت.. ما اسمك؟
المشنوق الأول:- اسمي مكتوب في هذه الورقة الملصقة على صدري، لكنني نسيته. عذراً، لا أستطيع إحناء رأسي كي أقرأه.
المشنوق الثاني:- إذن أنت مثلي معلق من رقبتك؟
المشنوق الأول:- أوه.. أأنت أيضا معلق هنا؟ يا للمصادفة!
المشنوق الثاني:- نعم، يا للمصادفة!
المشنوق الأول:- أعذرني، لم أستطع رؤيتك. حسبتك واحداً من المارة.
المشنوق الثاني:- ولكن لماذا أنت معلق؟ أعني لماذا نحن معلقان هنا؟
المشنوق الأول:- لست متأكداً حتى الآن. حين اقتادوني من البيت صفعني أحدهم وقال لي إنني خائن وعميل. وأنت؟
المشنوق الثاني:- أتذكر أنهم أخذوني من دكان ابن خالتي في السوق الكبير. هناك في الناصرية. أنا سمعتهم وهم ينادونني بالخائن والمتواطئ.. بالمناسبة هل تعرف معنى الكلمة الأخيرة؟





***

المشنوق الأول:- أتدري.. الحديقة جميلة هنا.
المشنوق الثاني:- نعم.. والصباح جميل أيضاً.
المشنوق الأول:- أتدري... أنا كل صباح أتسكع قليلا هنا قبل أن أصعد الى شقتي... هناك.. أنظر الى تلك العمارة.. يمكنك رؤيتها من هنا دون أن تدير رأسك.. عيادتي هناك.. في الطابق الثالث.
المشنوق الثاني:- آها ! أنت إذن طبيب!
المشنوق الأول:- نعم.. طبيب عظام ومفاصل.
المشنوق الثاني:- ما هذه المصادفات الغريبة! لقد قضيت السنتين الماضيتين في مراجعة أطباء المفاصل. آخر طبيب قال لي إنني بحاجة الى الذهاب الى العاصمة من أجل شيء اسمه سحب الفقرات، لكنني خفت. على كل حال لن أحتاج الى ذلك الآن، رغم وجودي في العاصمة. أليس كذلك؟
المشنوق الأول:- كلا بالتأكيد هههههههه.
المشنوق الثاني:- أنت تضحك.
المشنوق الأول:- نعم. وأنت أيضا.

***

المشنوق الثاني:- تدري؟.بدأت أشعر بالملل. منذ أمس ونحن معلقان هنا. والناس لا يكفون عن التوافد للتفرج علينا.
المشنوق الأول:- نعم. وكأنها أول مرة يشاهدون فيها رجالا معلقين.
المشنوق الثاني:- ما يزعجني هو هؤلاء الصبية الذين يتحسسون أقدامي. ويهزونني مثل دمية.
المشنوق الأول:- لا تنزعج. إنهم مجرد صبية صغار. ما آلمني حقا هو تلك السيدة العجوز التي وقفت تبكي أمامي بصمت. يخيل لي أنني رأيتها من قبل، ولكن أين.. أين؟

***

المشنوق الثاني:- أڱول: شوكت ينزلونا من هنا؟
المشنوق الأول:- وليش الاستعجال؟ أول وتالي يخلونا بحفرة ويهيلون علينا التراب!
المشنوق الثاني:- خطرت لي فكرة. شنو رأيك نخدعهم ونشرد من هنا؟
المشنوق الأول:- نشرد؟
المشنوق الثاني:- إي. نغافلهم وننهزم بعد حلول الظلام.
المشنوق الأول:- والله فكرة مليحة. ليش لا. ما خسرانين شي.
المشنوق الثاني:- أريد اتفرج على بغداد. يقولون بغداد حلوة بالليل.
المشنوق الأول:- صحيح. راح أفرجك على بغداد دربونة دربونة.
المشنوق الثاني:- وتوديني لأبو النواس؟
المشنوق الأول:- وأوديك لأبو نواس. وبعدين....
المشنوق الثاني:- وبعدين؟
المشنوق الأول:- نروح للناصرية. وتشوفني الهور.. أريد أقشع الهور..
المشنوق الثاني:- وأشوفك الهور. وبعدين..
المشنوق الأول:- وبعدين؟
المشنوق الثاني:- وبعدين نروح.
المشنوق الأول:- نروح وما نوكف..
المشنوق الثاني:- ما نوكف... لآخر الزمان.
المشنوق الأول:- إي. لما نشوف الله.
المشنوق الثاني:- إي ونخلي عينّه بعينه.
المشنوق الأول:- ونحجيله كل شي.
المشنوق الثاني:- إي نحجي كل شي.. كل شي....



نشرت في جريدة العالم البغدادية

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية