ألَمائيل
قصة قصيرة جداً

 

في بريّةِ بابلَ التي تحوّلَ عنها الفراتُ والجنائنُ والطيورُ وبهجةُ المهرجاناتِ كانا يسيرانِ معاً. أبصراهُ من بعيد. كان جالساً بين يدي ثلمةٍ في السور القديم، يحدِّثُ نفسَه ويغني ويخطُّ بِعَصاهُ على الرملِ كلماتٍ ويمحوها.
قال الأولُ، وكان رحّالةً مغرما بزيارةِ المدائنِ التي تلفظُ أنفاسَها:
- أُنظرْ يا صاحبي لهذا الرجلِ الغريبِ الأطوار. هل تعرفه؟
- ومن في بابلَ كلها لا يعرفُ ألَمائيلَ؟!
أنه نبيٌ غير رأيه في آخرِ لحظةٍ
ورأى أن الأمرَ برمّتهِ عقيمٌ
ومملٌّ
ولا يستحقُّ المجازفةَ والعناءَ
فقرر أن يغني لنفسه
ولبضعةِ أنفارٍ من صحابتهِ المقربينَ
تحت سقفٍ آمن.

 

- وماذا يفعل ها هنا، وحدَهُ في العراء؟
- أصحابهُ ماتوا..
أو فَرّوا..
أو وجدوا مأوىً
تحت سقف المعبد!
- وما هذا الذي يكتبُه على الرمال؟
- تلكَ آياتُه التي لا يعبأُ بها أحدٌ؟
- ولماذا يا صديق؟
- ذلك لأن بابلَ كلها يا صاحبي، ما عاد فيها من يعرفُ القراءة!
- ألأنَّ الفراتَ هجرها؟
- بل إن الفراتَ هجرها من أجل ذاك!
11-12-2015

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية