فه رهه نكا قازي ومبادئ الصناعة المعجمية



فه رهه نكا قازي[1]

ومبادئ الصناعة المعجمية

د. ماجد الحيدر




فه رهه نكا قازي[1]

ومبادئ الصناعة المعجمية

د. ماجد الحيدر

majidalhydar@yahoo.com

هذه دراسة متواضعة أردت منها استعراض بعض المبادئ الأولية لما يدعى بالصناعة المعجمية (lexicography) وبيان مدى انسجام الصناعة المعجمية الكوردية ممثلة بكتاب (فةرهةنطا قازي) لمؤلفه الأستاذ حافظ قازي مع تلكم الأسس.

تمهيد


رغم أن للّغة الكردية تاريخاً عريقاً يمتد الى آلاف السنين فإنها تعد من اللغات الحديثة العهد بالتوثيق والدرس والتحليل وذلك لأسباب كثيرة لا تتسع لها هذه الدراسة، إذ أن تاريخ أقدم المعاجم الكوردية-العربية المطبوعة -على سبيل المثال- لا يزيد حسب علمنا على بضعة عقود من الزمان، وكذلك الحال بالنسبة الى كتب النحو الكوردي. ولهذا الأمر –بقدر ما يتعلق الأمر بموضوعنا- جانبان أحدهما سلبي وهو افتقار اللغة الكوردية الى المصادر والمراجع التي تبحث في قواعدها وتحيط بخزينها اللغوي، والثاني، وهو الإيجابي، يشير الى أن المجال ما يزال واسعاً أمام تأسيس علمي رصين لهذه العلوم وفق قواعد أكاديمية حديثة تستفيد من خبرة الشعوب الأخرى في هذا المجال، وتجنبها ما أصاب علوم اللغة عند غيرها من تعقيد وترهل وجمود. أضف الى ذلك أن اللغة الكوردية شهدت في السنوات الأخيرة –وما تزال- ما يمكن أن نسميه ثورةً أو انفجاراً كبيراً في الانتشار الأفقي (وأعني به هذا العدد الهائل من الكتب والمجلات والإذاعات والقنوات التلفزيونية ومواقع الانترنت الناطقة بالكوردية) والعمودي (استخدام اللغة الكوردية في مجالات علمية وثقافية وأكاديمية كانت حكراً على اللغتين الانكليزية والعربية أو اللغات الأخرى المجاورة وما تبع ذلك من تطور دفع الى ظهور واختراع واشتقاق واستعارة مفردات ومصطلحات ومختصرات ومعانٍ وأساليب لغوية جديدة تحتاج الى من يهذبها ويضبط إيقاعها ويتابع الجديد منها) وهذه المهمات تستدعي قيام واضعي المعاجم العامة والمتخصصة بمتابعة هذا التوسع وتحديث وتوسيع معاجمهم بصورة دورية.

وتعد الصناعة المعجمية من الفنون المهمة الوثيقة الصلة بالعلوم اللغوية وقد تطورت هذه الصناعة على مر السنين حتى بلغت درجةً عالية من الدقة والإتقان على يد العديد من العلماء الأجلاء من مختلف العصور والأوطان الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا العلم الجليل.

إن الصناعة المعجمية الكوردية في حاجة ماسة الى علماء وباحثين متخصصين في الصناعة المعجمية وحبذا لو لجأت الجامعات الكوردية الى إعداد كوادر متخصصة ومؤهلة أكاديمياً في هذا المجال وعدم الاعتماد على الجهود الفردية المبعثرة هنا وهناك والتي يبذلها أشخاص غير متخصصين في الغالب رغم أنهم يتميزون بغيرةٍ شديدةٍ وحبٍ كبير للغتهم الأم وإخلاصٍ شديد وحماسة في العمل في ظل ظروف صعبة أشبه بظروف الرواد الأوائل في كل المجالات العلمية، ولقد أحسن المؤلف الفاضل في تشبيهه اللغة الكوردية بالبستان المليء بالأحراش الذي يحتاج الى جهود المخلصين لتنظيفها وإبراز ثرواتها. ولنا في تجربة بريطانيا الطويلة في جمع وتوثيق تراثها اللغوي والتي بدأت منذ عدة قرون ولمّا تنتهي بعد قدوة وأنموذج يمكن أن يحتذى.

ويقيناً أن ما سأورده في هذه الدراسة من ملاحظات ليس سوى نماذج مختارة لما حفل به المعجم من هنات وأخطاء وهي الهنات والأخطاء التي لا يخلو منها أكثر المعاجم الكوردية وليس القصد منها التقليل من قيمة هذا المعجم ولا جسامة الجهد المشكور الذي بذله المؤلف الفاضل في تأليفه.

ما هو القاموس الناجح ؟


ليس هناك من شك في أن الصفات الأساسية التي ينبغي أن يتصف بها أي قاموس ناجح هي على وجه العموم:

1-الدقة: في تناول المفردة من الناحية الإملائية والطباعية ومن ناحية إدراج المقابل الدقيق لها.

2-الشمول: أي محاولة الإحاطة بأكبر عدد ممكن من مفردات اللغة المترجم منها.

3-الإيجاز: أي العمل على إيصال أكبر كم من المعلومات في أصغر حيز ممكن.

4-سهولة الاستخدام: من ناحية البحث والإخراج والترتيب والحروف الطباعية ..الخ.

5-غنى المحتوى: أي العمل على جعل القاموس مرجعا يفيد في تعلم اللغة وتعليمها والاطلاع على ثقافة وحضارة الأمة التي تتحدث بها.

ويواجه واضعو القواميس في سبيل ذلك عددا من التحديات والإشكاليات التي يتعاملون معها من خلال آليات محددة جرى تطويرها عبر قرون طويلة من تاريخ الصناعة المعجمية سنحاول فيما يلي استعراضها ومقارنتها بالنموذج الذي اخترناه.

أولاً


تعمد أكثر القواميس الرصينة الى عدم الاكتفاء بذكر معاني الكلمات الواردة فيه بل تسعى الى جعل القاموس وسيلة غنية ومرجعاً يعتمد عليه متعلم اللغة ومعلمها ودارسها ومستخدمها في التعرف على تلك اللغة وكشف أسرارها ومبادئها الأساسية –وهو الغرض الأول من المعاجم- ناهيك عن إلقاء مزيد من الضوء على حضارة وثقافة وتراث الشعب المتكلم بها وذلك عبر عدد من الوسائل منها:

1-إيضاح جنس المَدخل من حيث التذكير والتأنيث وكونه فعلاً أو اسماً أو صفة أو ظرفاً أو حرفاً..الخ.

2- في حالة الأفعال إيضاح نوع الفعل (لازم أو متعدٍ) وتصريفه حيث تنقسم الأفعال الى أفعال قياسية من ناحية التصريف وفي هذه الحالة تفرد بضع صفحات في بداية القاموس أو ختامه (وفي المتن أحياناً) لشرح طريقة (أو طرق) تصريف الأفعال القياسية وتقسيم أساليب صرف الأفعال (في حالة وجود أكثر من أسلوب) الى مجاميع يمنح كل منها رقماً أو رمزاً تجري الإشارة اليه ضمن شرح معنى الفعل ليتسنى للقارئ معرفة كيفية تصريف الفعل المذكور في حالة الماضي والمضارع والأمر والتام والمستمر ومع الضمائر المختلفة..الخ؛ أما الأفعال غير القياسية فيوضع لها أحيانا ملحق خاص في نهاية القاموس أو تُشرح طريقة التصريف ضمن شرح المدخل المعني، ذلك لأن تصريف الفعل في اللغة الكوردية كثيراً ما يتخذ شكلاً لا يتوقعه غير المتكلم بها، فمصدر الفعل (هنارتن) أي (إرسال) يصبح في حالة الأمر (بنيَره) أي (أرسِل) وفعل الأمر من (طوتن) هو (بيذه) وهكذا في كثير من الأفعال مما يستدعي بيان تصريف الفعل بعد ذكر مصدره وبخاصةٍ في الأفعال غير القياسية كما أسلفنا. فإذا تصفحنا قاموسنا محل البحث سنجد أن المؤلف الفاضل قد أهمل كلياً كل ما أشرنا اليه في الحالتين 1و2 بل اكتفى بذكر مصدر الفعل أو فعله الماضي دون أية إشارات تساعد القارئ على استخدام الكلمة بصورة صحيحة.

3-تستخدم المعاجم الحديثة أسلوب الإحالة cross-reference)) لغرض لفت أنظار القارئ الى كلمات أو مداخل أخرى في المعجم تفيد المزيد من الإيضاح أو الفائدة؛ إذ يمكن مثلاُ بالنسبة الى معجمنا هذا أن نضيف الى تعريف كلمة (ئةزبةني : سيدي –ص16) الجملة التالية (راجع أو (را) ئةزخودام) ليعرف القارئ المعنى والاستعمال الصحيحين للكلمتين. وقد تكون الإحالة الى مفردة مرادفة (synonym) لها نفس المعنى كأن نورد كلمة (سنوور-بمعنى حدود) ثم نحيل بواسطة كلمة (راجع) أو (را) أو علامة (=) الى مفردة (توخيب) التي تؤدي المعنى نفسه. لكن المشكلة أن القاموس تجاهل الكثير من الكلمات (غير ما ذكرنا للتو) التي كانت فرصة جيدة للإحالة والمزيد من التوضيح.

4-ولا تكتفي المعاجم الجيدة بمجرد ذكر المفردات وما يقابلها (فيما يمكن أن نسميه بالمسرد اللغوي) لكنها تُتبع ذلك بمعاني التراكيب والعبارات الاصطلاحية (idioms) التي تدخل فيها تلك الكلمات وهي تعد بعشرات ومئات الألوف في كل لغة وتكاد تشبه اللحم والجلد والأعضاء التي تغطي وتتخلل الهيكل العظمي الذي تشكله المفردات ويكفينا مثلاً أن نفتح أي قاموس انكليزي وننظر الى كلمة مثل (look) أو (take) لنرى كم من التراكيب والاصطلاحات ذوات المعاني المختلفة -والتي لا تخطر أحياناً على البال- يمكن أن تتجمع لدينا. ولا تختلف اللغة الكوردية عن غيرها في هذا الأمر رغم أن المؤلف الفاضل كاد يغفل بشكل كامل أية إشارة لمثل هذه التراكيب والمعاني الإصطلاحية أو المجازية.

5-تلجأ الكثير من المعاجم المتطورة الى بيان أصل الكلمة وكيف وصلت الينا بالصيغة الحالية مستفيدة من معطيات علم أصول الكلمات وتاريخها أو ما يعرف بالايتيمولوجي (Etymology) ومن ذلك بيان اللغة الأجنبية التي استعيرت منها المفردات وهو ما تزخر به اللغة الكوردية وخصوصاً من اللغات العربية والفارسية والتركية و-حديثا- اللغة الانكليزية. غير أن القاموس أغفل هذا المنهج برمته رغم أن بعض الكلمات حظيت بتفصيلٍ جيد مثل (نوَذدار-ص198).

6-المقدمات والمداخل: تتصدر القواميس –بالإضافة الى المقدمة التقليدية التي تتصدر عادةً كل كتاب- مقدمات ومداخل إضافية يمكن أن تتضمن:

أ-تعريفاً بالقواميس السابقة وجهود القائمين بها وما يسجله المؤلف من ملاحظات على تلك القواميس وما جاء به القاموس الحالي من إضافة أو تجديد.

ب-المنهج الذي سلكه المؤلف في وضع قاموسه.

ج-طريقة استخدام القاموس.

د-القواعد الأساسية للإملاء في اللغة أو اللغات المعنية.

هـ-القواعد الرئيسية لاشتقاق الصفات والمصادر والظروف والجمع والتذكير والتأنيث والأزمنة وتصريف الأفعال...الخ.

وبالعودة الى قاموسنا موضوع البحث نلاحظ أنه لم يتضمن غير مقدمة عمومية لا تتطرق الى المنهج المتبع في وضع القاموس أو الجديد المختلف عن القواميس السابقة التي أشار اليها المؤلف رغم أنها (أي المقدمة) تضمنت عدداً من الملاحظات الصائبة عن حالة اللغة الكردية وما تحتاج اليه من جهد توثيقي وتقويمي. كما أن هذه المقدمة جاءت باللغة الكوردية فقط وكان ينبغي أن ترد باللغتين العربية والكوردية لأننا نتعامل مع معجم مزدوج ثنائي اللغة.

الملاحق


تتضمن الكثير من المعاجم ملاحق خاصة تهدف أما الى زيادة التعريف باللغة وتسهيل استعمالها أو الى تعريف المستخدم بتراث وحضارة وتاريخ وجغرافية الشعب الذي يتحدث هذه اللغة أو تلك ومن هذه الملاحق التي لا يخلو معجم من واحد أو أكثر منها:

-ملحق للأمثال والحكم الشائعة في تلك اللغة.

-ملحق للأماكن والبلدان والجبال والانهار والبحار.. الخ.

-ملحق بالأعلام والحوادث التاريخية الكبرى وخاصة المرتبطة بتاريخ الشعب المتحدث باللغة موضوع البحث.

-ملحق بالشاذ من الجموع وتصاريف الأفعال والتأنيث والتذكير .

-ملحق بالأصوات ورموزها الدولية.

-ملحق باللواحق والبوادئ ومعانيها.

-ملحق بأسماء الناس الشائعة المذكرة والمؤنثة.

-ملحق بالمختصرات (abbreviations) الشائعة: وهذا الموضوع يحتاج الى وقفة قصيرة لبيان أهميته الخاصة؛ إن شيوع المختصرات وكثرتها يعدان في رأيي المتواضع دليلاً على مرونة وحيوية اللغة وعلى قدرتها على مجاراة روح العصر وما تتطلبه وسائل الإعلام المرئية والمقروءة من سرعة ودقة في نقل الخبر والمعلومة، ولنتخيل مثلاً اضطرار الكاتب أو المذيع الى تكرار عبارة "منظمة التربية والعلم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة" في كل مرة يحتاج فيها الى الإشارة الى تلك المنظمة بدلاً من الكلمة المختصرة البسيطة الشائعة "اليونسكو"! وقس على ذلك في الآلاف المؤلفة من المختصرات التي تزداد عدداً يوما بعد يوم حتى ظهرت لها المعاجم والموسوعات الخاصة بها ناهيك عن الكتب والدراسات التي تبحث في أصولها وأنواعها وأهميتها وأساليب اشتقاقها. واللغة الكوردية المعاصرة ليست في منأى عن هذا التوسع في استخدام المختصرات الحديثة لما شهدته من توسع أفقي وعمودي سبقت الإشارة إليهما. وقد لجأ المعجميون في العالم الى عدد من الأساليب في توثيق وبسط هذا الكم الهائل من المختصرات منها إدراجها في سياق المعاجم ضمن التسلسل الأبجدي للكلمة أو تخصيص ملاحق خاصة في آخر المعجم أو تأليف معاجم خاصة بالمختصرات أو تأسيس بنوك رقمية على شبكة الانترنت توثق هذه المختصرات ويضاف اليها كل يوم ما يستجد منها. فإذا ما رجعنا الى قاموسنا وجدنا –مع الأسف- غياباً كاملاً لتلك المختصرات التي تزخر بها لغة الحياة العامة والكتابة والصحافة والعلم والمخاطبات الرسمية في كوردستان. ولنضرب بعض الأمثلة البسيطة على ذلك: فهناك مختصر (ز) اختصاراً لـ (زايينى - للميلاد) و (ك) اختصاراً لـ (كوضي - للهجرة) و (هتد) اختصاراً لـ (هه تا دوماهي - الى آخره) و (ز) اختصاراً لـ (زه نجيره - تسلسل) و (س. ل) اختصاراً لـ (سه لا ظيَن خودي لسة ربن - صلى الله عيه وسلم) و (ب) اختصاراً لـ (با بة ت- الموضوع) و(ب.ن) اختصاراً لـ (بة ري نيظرو - قبل الظهر) و(ث.ن) اختصاراً لـ (ثشت نيظرو) و(بب) اختصاراً لـ (بة رثةر-صفحة) و(د) اختصارا لـ (دوختوَر- دكتور) و(ث) اختصاراً لـ (ثسيار- سؤال) و (ذ) اختصاراً لـ (ذمارة) و (ب) اختصاراً لـ (بةرسظ- جواب) ..الخ ناهيك عن الإشارات التي تسخدم بشكل عالمي مثل (%) للإشارة الى النسبة المئوية و($) للإشارة الى الدولار الأمريكي وكثير غيرها مما لا تهمله أكثر المعاجم العالمية حتى لو اختصت بلغة دون غيرها.

وجدير بالذكر أن هذه الملاحق يمكن أن يستعاض عنها في متن القاموس كأن نذكر جمع الاسم بعد مفرده أو صيغة المضارع والأمر من الفعل بعد ذكر مصدره الخ.

أضف الى ذلك أن الكثير من القواميس تتضمن صوراً توضيحية وجداول وخرائط تغني القاموس وتزيد فائدته.

لقد أغفل المؤلف الفاضل إدراج أي من الملاحق المذكورة أعلاه فيما اكتفى في بعض الحالات بذكر عدد من المسميات الجغرافية داخل المتن دون تحديد لأماكنها أو صفاتها؛ فقد وردت مثلاً كلمة (ئاميَدى - ص14) وأمامها شرح من كلمتين فقط (مدينة كردية) وكان الأجدر بالمؤلف الفاضل أن يذكر المحافظة التي تقع فيها أو موقعها الجغرافي التقريبي (شمال، شمال غربي، شرق..الخ) من كوردستان (مع ملاحظة أن القواميس المتقدمة لا تكتفي بهذا بل تذكر موقع الأماكن الجغرافية بالنسبة الى خطوط الطول والعرض، وهذا مطمح خيالي بالنسبة الى قاموسنا!!). وبالعودة الى المثال المتقدم كان للمؤلف الفاضل أن يذكر الإسم العربي للمدينة (العمادية) مع ذكر كونها تقع في محافظة دهوك وإنها كانت مركزا لإمارة العمادية التي نشأت بين سنة كذا وسنة كذا أو أن يذكر أنها تشتهر بالصناعة الفلانية أو الزراعة الفلانية ..الخ كل ذلك في سطر أو سطرين لايخلوان من عظيم فائدة أسوة بما فعله مع مدينة (ناكازاكي) اليابانية التي حظيت بتفصيل تحسده عليه المدن الكوردية المذكورة في القاموس! وقس على ذلك ما يتعلق بجبال كوردستان ومواقعها وارتفاعها؛ وأنهارها ومنابعها وأطوالها ومصباتها؛ وقبائلها وأماكن سكناها؛ ومشاهير التاريخ الكوردي وسني ولادتهم ووفاتهم وسبب اشتهارهم والأحداث والمعارك التاريخية الكبرى في التاريخ الكوردي (ئة نفال، ئة ربائيلو، جالديران، دة م دةم .. الخ وأطرافها ومتى وأين دارت وغير ذلك من المعلومات الموجزة) مثلما أحسن في شرحه لكلمة (سيظةر) وهي المعاهدة المشهورة.

ثانياً


ضم القاموس (شأنه شأن أي قاموس) كلمات لها أكثر من معنى أو مقابل في اللغة العربية وقد سلك المؤلف طريقتين في التعامل مع هذه الحالات : إذ أورد الكلمات ذوات المعنى المتباعد في مداخل منفصلة لكل من تلك المعاني وهو أسلوب عملت به بعض المعاجم الشهيرة ومنها قاموس المورد للعلامة منير البعلبكي فنجد المؤلف قد خصص مثلاً ثلاثة مداخل منفصلة لكلمة (ثلة- ص41) الأول يقابله (مطر أوائل الشتاء) والثاني يقابله (مرتبة، مقام) والثالث يقابله (درجة حرارة) ، كذلك الحال مع كلمة (ريَز- ص101) إذ أورد ثلاثة مداخل منفصلة (احترام، صف، سطر)، أو مادة (شةق- ص130) التي خصها المؤلف بأربعة مداخل (فطر، صفعة، ضربة قدم وشق- فلق) مع ملاحظة أن المعنيين الأول والرابع شديدتا التشابه وكان يمكن دمجهما. أما في الحالات التي كان للكلمة فيها أكثر من معنى متقارب فقد أهمل المؤلف في كثير من الحالات ذكر تلكم المعاني واقتصر على ذكر معنى واحد وترك لخيال القارئ تخمين المعاني الأخرى المقاربة فمثلاً وبالعودة الى المدخل الثالث لكلمة (ثلة- ص41) فقد أورد المؤلف مقابلها (درجة حرارة) وأهمل مثلاً معنى (درجة مدرسية). ومن الحالات الأخرى التي يمكن أن نسوقها في هذا المجال على سبيل المثال لا الحصر:

- وردت كلمة (كرمي - ص160) بمعنى (مصاب بحشرة) وكان المفترض أن يضاف لها (متسوس).

- كذلك الأمر في كلمة (سالوخ-ص113) التي تحمل معنى (وصف أو شرح) بالإضافة الى معنى (نبأ) الذي أورده المؤلف الفاضل.

- أما كلمة (باليوَز-ص24) فقد قابلتها كلمة (سفير) والحق إنها قد تعني أي شخص يمثل جهة ما عند جهة أخرى وليس السفير فقط.

- تُرجمت مفردة (ئاخ-ص11) الى (تراب) وهي تعني أيضاً (أرض) و (يابسة- بَر)

- تُرجمت كلمة (ئوَغر-ص15) الى (سفر) وكان المفترض إضافة (رحيل) أو (موت) وهو المعنى المجازي الشائع للكلمة.

أضف الى ذلك أن هناك عدد من الكلمات المهمة لم يشر اليها من قريب أو بعيد نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

-(حرف الدال: أثناء، في)

-(دا: لكي، لاحقة تأتي بعد الإسم المجرور بالدال)

-(يا: الذي، أل التعريف للمؤنث)

-(يى: التي، أل التعريف للمذكر)

-(ييَت: الذين، أل التعريف للجمع)

-(ل: حرف جر بمعنى في)

-(دامة زراندن: تعيين، تأسيس)

-(هة لبة ست) و(هة لبة ستظان) بمعنى (أدب-أو إبداع أدبي) و (أديب-مبدع)

-(بنة ما) بمعنى (أساس)

-(ئاسايي) بمعنى (بساطة)

-(خوولةك) وتعني (دقيقة)

وهنا قد يقول قائل أن بعض الكلمات تستعمل في اللهجة السورانية فقط فلا داعي لذكرها في قاموس للهجة البهدينية وهذا قول مردود لأسباب عدة منها تشجيعه على العزلة بين المتحدثين باللهجتين ناهيك عن أن واقع الحال يشير الى أن السنوات الأخيرة شهدت اندماجا وتداخلاً كبيرين بين اللهجتين نظراً الى ازدياد قدرة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة على الانتشار في عموم كوردستان إضافة الى تبني المناهج الدراسية للهجة وسيطة يراد منها أن تكون في المستقبل اللهجة المعيارية المشتركة.

من جهة أخرى فقد أغفل المؤلف ذكر العديد من الأدوات اللغوية الهامة(articles) مثل حروف الجر واللواحق والبوادئ وأدوات التعريف والتنكير والإضافة وهي الأدوات التي لا غنى للمستخدم والمتعلم من الإطلاع عليها ومعرفة معناها الدقيق والأسلوب الصحيح لاستعمالها.

ثالثاً


لا يخفى على القارئ الكريم أن سهولة المأخذ والوضوح والدقة والاختصار في إيراد معاني الكلمات أركان أساسية في أي قاموس ناجح؛ فلا يجوز مثلاً إدراج كلمات مبهمة أو ركيكة أو مهجورة أو تحتمل أكثر من معنى في معرض الترجمة أو الشرح حتى لو اضطر واضع القاموس الى تحريك الكلمات في اللغة-الهدف أو إيراد أكثر من كلمة أو ضرب عدد من الأمثلة زيادة في تقريب المعنى. فليس من المقبول مثلاً ترجمة كلمة (brook) الإنكليزية الى كلمة (جعفر) العربية إلا في حالات بلاغية أو علمية خاصة لا تقع ضمن اختصاص القاموس الثنائي اللغة برغم أن كلمة (جعفر) تؤدي بالضبط معنى الكلمة الانكليزية ألا وهو (الجدول أو النهر الصغير).

والقاموس الثنائي اللغة ينبغي أن يكون –كما أسلفنا- مرجعا سهل الاستخدام يغني القارئ عن تقليب عشرات الصفحات بحثاً عن جذر الكلمة أو اشتقاقها أو أقرب الكلمات اليها (كما يحدث عند استخدام المعاجم العربية-العربية الكلاسيكية) أو عن تخمين المعنى ثم التأكد منه في مكان آخر من القاموس أو في قاموس أحادي اللغة يخص اللغة-الهدف.

أضف الى ذلك أن ذكر المقابل الدقيق للكلمة يفيد في تفسير الكلمات المشتقة من الكلمة الأصلية، فإيراد كلمتي (حاضر) و (مستعِدّ) عند شرح كلمة (ئاماده) الكوردية وعدم الاكتفاء بكلمة (جاهز) كما فعل المؤلف الفاضل في ص14 يسهل على المتعلم معرفة أن كلمة (ئامادةيى) تعني مدرسة إعدادية وليس ثانوية كما ذكر المؤلف، كما يسهل عليه معرفة أن كلمة (ئاماده بوويان) تعني جمهور الحاضرين.

ولقد وقع المؤلف الفاضل في العديد من الأخطاء في هذا الجانب نذكر منها على سبيل المثال:

-وردت كلمة (ئاظز) في ص 13 وقبالتها كلمة واحدة هي (حامل) مما يدعو مستخدم القاموس الى التساؤل إن كانت كلمة (حامل) مشتقة من حمَل الشيءَ يحمله أم إنها تشير الى المرأة الحبلى. لكن المفاجأة غير السارة التي قد يكتشفها أو لا يكتشفها هي أن كلمة (ئاظز) لا تستخدم عادةً الا للإشارة الى الحبلى من إناث الحيوان! ولك أن تتصور مقدار الحرج الذي قد يسببه استخدام الكلمة للإشارة الى إحدى السيدات المحترمات!

-وقريباً من ذلك جاءت كلمة (بةرخ-ص 30) وقد تُرجمت الى (حمل) دون تحريك وكان من الواجب وضع الفتحة على الحرفين الأولين ليعرف القارئ أنها تعني الصغير من الخراف لا حمْل الشيء أي رفعه أو حمل المرأة لجنينها!

-وردت عبارة (مطرح خفيف) في شرح كلمة (نيمدةركـ–ص202) فما معنى مطرح خفيف؟

-وردت كلمة (قتول) دون تحريك في شرح كلمة (كوذي–ص162). فما الذي عناه المؤلف بكلمة (قتول) هذه؟

-وفي نفس الصفحة أعلاه شرح المؤلف كلمة (كورتكرن) بعبارة (تقصير الثوب) في حين أن هذه الكلمة تعني تقصير الشيء أو اختصاره سواء كان ثوباً أو شَعراً أو خطاباً!

-فسر القاموس كلمة (مري–ص185) بكلمة (متوفي) والصحيح أن نضيف اليها كلمة (ميّت) لأن الكلمة الكوردية تستخدم للعاقل وغير العاقل من حيوان ونبات.

-وتَرجم كلمة (كوهـ–ص164) الى (ثالم) ولم نجد في أمهات المعاجم العربية مثل كتاب العين أو كتاب الصحاح أو لسان العرب أية إشارة تذكر الى كلمة (ثالم) هذه ولا نعرف المقصود منها!

-أما كلمة (نه هيَلان-ص201) فتُرجِمت الى (عدم ترك) وهي ترجمة حرفية ركيكة للمقطعين الذي تتألف منهما الكلمة وكان الأجدر ترجمتها الى (منع) أو (مكافحة)

-وتُرجمت كلمة (سةرداب-ص114) الى (ملجأ تحت أرضية الدار) وكان الأدق والأسهل ترجمتها الى (قبو)

_وأورد المؤلف كلمة (كاريتاس-ص158) على أنها (منظمة انسانية) دون أن يوضح ماهية هذه المنظمة ولا السبب الذي دعاه الى إدراجها –دون غيرها- في قاموسٍ من هذا النوع!

-وذكر في الصفحة نفسها ترجمة لكلمة (كاري) مفادها (بنات اللوف) ولا نحسب القارئ العادي يعرف ما هو اللوف أو بناته (يقصد نباته) إلا بالرجوع الى المعاجم العربية القديمة أو المعاجم المتخصصة بعلم النبات لأنها كلمة شبه مهجورة وكان من الأفضل القول أن (الكاري) عشبة ربيعية تنبت قرب الجبال وتؤكل مطبوخة!

وتواجه واضعي القواميس في أغلب اللغات مشكلة الكلمات اللاتي يُكتبن أو يُلفظن بأكثر من شكل. وقد اتفقت أغلب المعاجم العالمية الرصينة على إيراد أكثر الأشكال شيوعاً وذكر شرحها أو ما يقابلها في اللغة المترجم اليها، ثم إيراد الشكل أو الأشكال الأخرى (التي قد تكون أقل شيوعا) في أماكنها المناسبة والاكتفاء بإشارة (=) أو شيء قريب منها ثم ذكر الشكل الأول (الأكثر شيوعاً) للكلمة ليفهم القارئ أن عليه البحث عن معنى الكلمة هناك أو أن يوضع الشكل الثاني بين قوسين بعد الشكل الأول وهو ما فعله القاموس في حالات نادرة جداً مثل كلمة (هةدام-ص210) التي ذكر شكلها المختلف وهو (ئةندام). غير أن القاموس تجاهل في الغالبية العظمى من الحالات ذكر التنوع الإملائي للكلمة؛ مثال على ذلك كلمة (سحار: فجر- ص114) التي تُكتب وتلفظ أحيانا (سةحةر) إذ كان المفترض إيراد كلمة (سحار) في موضعها المناسب ثم (=سةحةر) وعدم ترك القارئ بين مخالب الحيرة عند مصادفته لهذه الكلمة قراءةً أو سماعاً فكيف يمكن للقارئ العربي الذي يتعلم الكوردية أن يكتشف لوحده أن (سةحةر) هي نفسها (سحار)!! ومن الأمثلة الأخرى التي قد يرد فيها شكلان إملائيان للكلمة الواحدة (ترخان-تخصيص-ص49) التي وردت (تةرخان-ص262) و(ئةفراندن-إبداع -ص17) التي قد تُكتَب (ئافراندن) و (ئوَغر-سفر-ص15) التي وردت (وةغةر-ص330)

إن أكثر ما تواجهنا هذه المشكلة في إملاء الكلمات التي تُلفظ في بعض اللهجات بصوت بين الياء والواو (كما في كلمة rue الفرنسية) وتلفظ في لهجات أخرى واواً طويلة وفي لهجات ثالثة ياءً طويلة مثل كلمات (سوير) و (سير) و (سوور) التي تتداخل في اللفظ والكتابة أو كلمة (دويف-ذيل) التي أوردها المؤلف في مكان آخر من القاموس بصيغة (ديف) . وهذه المشكلة تواجهنا أيضا في غير ذلك من أحرف العلة مثل (الواو والألف) الذين يستبدلان بالألف وحدها كما في (جواني و جاني). كذلك نواجه هذه المشكلة -ولوبشكل أقل- في الحروف الصحيحة كما يحدث أحيانا في الحروف المتجاورة المتقاربة اللفظ مثل (ريَـط طرتن) التي تكتب أحيانا (ريَـطرتن) أو الكلمات المركبة التي تتضمن كلمة (دةست) التي تُكتب أحيانا بصيغة (دةس).

وهنا قد نعطي الحق للمؤلف الفاضل بسبب التنوع الكبير للهجات الكوردية إذ يوجد في كثير من الأحيان عدد كبير حقاً من طرائق تلفظ أو كتابة الكلمة الواحدة بسبب حالات القلب والإبدال والإدغام ..الخ التي لا تقتصر على اللغة الكوردية؛ وكذلك بسبب ما ذهب اليه المؤلف الفاضل وجمهرة كثيرة من الباحثين والمثقفين الكورد من عجز حروف الكتابة العربية عن تمثيل الأصوات الكوردية بشكل صحيح. ولكن لامناص في رأينا من ذكر أكثر الأشكال شيوعاً في لغة الكتابة وفي اللهجات الواسعة الانتشار الى أن يأتي اليوم التي تستقر فيه الكلمة من الناحية الإملائية واللفظية على شكل رسمي (formal) أو قياسي (standard) تأخذ به وسائل الإعلام والتربية والتعليم كما هو الحال في اللغة الانكليزية مثلاً.

ومن المعلوم أيضاً أن القواميس تنقسم من جهة عدد اللغات التي تتعامل معها الى قواميس أحادية اللغة (عربي-عربي أو كوردي-كوردي...الخ) وقواميس ثنائية اللغة (كوردي-عربي أو انكليزي-فرنسي ..الخ) وقواميس مزدوجة تضم بين دفيتها قاموسين أحدهما من اللغة (أ) الى اللغة (ب) والثاني من اللغة (ب) الى اللغة (أ) مثل قاموسنا مدار البحث، وأخيراً قواميس متعددة اللغات (multilingual) كأن يكون قاموساً عربيا-كورديا-انكليزياً أو بالعكس. وما يهمنا هنا هو أن النوعين الأخيرين يحتاجان الى اهتمام خاص بمسألة التوافق –إن لم نقل التطابق- بين الجزأين (أو الأجزاء) في المنهج والمحتوى فلا يجوز مثلاً إدراج مفردات معينة في أحد الأقسام وإهمال المفردات التي تقابلها عند وضع القسم الثاني أو إختلاف إملاء المفردات أو معانيها بين الجزأين. وبالعودة الى قاموسنا يمكن أن نسجل بعض الملاحظات في هذا الصدد منها:

وردت العديد من الكلمات الكوردية في معرض تفسير الكلمات العربية في القسم العربي-الكوردي لكنها غابت في القسم الكوردي-العربي. ومن الأمثلة على ذلك فإن كلمة (رحيل- ص314- القسم العربي-الكوردي) جرى تفسيرها هكذا (وةغةركرن، كوَضكرن) لكن كلمة (وةغةركرن) غابت عن القسم الكوردي-العربي فكيف يستطيع المتعلم والدارس العربي للغة الكوردية أن يصل الى معنى كلمة (وةغةركرن) إذا صادفها في لافتةٍ في الشارع أو جملة في كتاب أو جريدة؟ هل عليه أن يحزر المعنى ثم يراجع القسم العربي-الكوردي ليتأكد من صواب تخمينه؟! الأمر نفسه ينطبق مثلاً على كلمة (رِوَناكبير=مثقف) أو كلمة (جظاكى) الواردة في شرح كلمة (إجتماعي) في القسم العربي-الكوردي والغائبة عن القسم الكوردي-العربي والطريف أنها، أي (جظاكى) وردت في مقدمة الكتاب نفسه، فكيف أغفلها المؤلف الفاضل؟

وفيما يلي عدد آخر من الكلمات التي أغفل المؤلف الفاضل إيرادها في القسم الكوردي-العربي رغم ورودها في القسم العربي- الكوردي مع أرقام الصفحات التي وردت فيها في القسم الثاني:

- موَلةت (إجازة) ص 225

- رةوشةنبيرى (ثقافة) ص 278

- ئيزطة (محطّة) ص 414

- بةرِةظانى (دفاع) ص307

- سةردةم (عصر) ص365

- ثول (صف دراسي) ص347

- توخيب (حدود) ص290

- لا ثةرِة (صفحة) ص 347

- بةرثةرِ (صفحة كتاب) ص 347

- دامةزراندن (تعيين موظف) ص270

- تيَكوَشان (كفاح) ص296

- سستى (تراخي) ص263

- هاظيَتن (رمي) ص 318

- طولجيسك (كِلية-والصحيح كُلية) ص397

- دادوةرى (عدالة) 362

- ب ناظ وده نط (مشهور) ص425

- موَزيكذةن (موسيقار) ص446

- بيَهوَشكرن (تخدير) ص262

- مارةبةند (عقد زواج) ص366

ثم إن هنالك حالات جرى فيها العكس تماماً إذ وردت الكلمة الكوردية في القسم الأول ولم تظهر المفردة التي تقابلها في القسم الثاني (العربي-الكوردي) مثل كلمة (عةداظـ-خُراج-ص134)

ومن جهة ثانية فإن هناك عدداً من حالات عدم التوافق بين قسمي الكتاب منها أن كلمة (سر- ص328-القسم العربي-الكوردي) تقابلها بالكوردية كلمة (نةهيَنى) في حين إن كلمة (نهينى –وليست نةهيَنى- ص 201-القسم الكوردي العربي) تقابلها بالعربية (سري) ومعلوم لدى القارئ أن (سر) تختلف عن (سري) لأن الأولى إسم والثانية صفة. كذلك وردت كلمة (زارظةكةر) في القسم الكوردي-العربي –ص 103 بمعنى (مقلِّد) لكن نفس الكلمة، أي (زارظةكةر) جاءت في القسم العربي-الكوردي –ص439 تفسيراً لكلمة (ممثل سينمائي) هذا ناهيك عن أن كلمة (مقلد) لم ترد في القسم الأخير! وكذلك الحال مع كلمة (تاوانبار) التي ترجمت في ص49 الى (مذنب) في حين تُرجمت كلمة (اتهام-ص225) الى (تاوانبارى) وبذلك صار المتهم مذنبا قبل ان تثبت إدانته!

ومن المعلوم أن القواميس وكتب وبرامج تعليم اللغات ينبغي أن تتوفر على أقصى درجةٍ ممكنة من الدقة الطباعية والإملائية مما يجعل ورود خطأ طباعي أو إملائي في مثل هذه الكتب فضيحةً في حد ذاته؛ الأمر الذي يستدعي إجراء مراجعة (بل عدة مراجعات) دقيقة وشاملة لكل كلمة وسطر.

أضف الى ذلك إن الأسماء التي يسمي بها الناس أبناءهم تحمل في أكثر الأحوال معاني محددة حتى إذا غابت عن أذهان الكثير منهم فأسماء؛ مثل (ئازاد) أو (ئوَميَد) أو (ديمةن) أو (ضيمةن) ليست –كما هو معلوم- مجرد أسماء علم كوردية مذكرة أو مؤنثة. فينبغي والحالة هذه أن لا نكتفي –كما فعل المؤلف الفاضل في كثير من الحالات- بذكر الإسم ثم نضع قبالتها عبارة (اسم علم) دون ذكر معناه وما إذا كان يستخدم للذكور أو للإناث.

رابعاً

-لكل معجم مفتاح للرموز المستخدمة فيه يوضع في بداية الكتاب ويشير الى معاني الرموز المستخدمة في شرح الكلمات مثل (ف) للإشارة الى الفعل و(مص) للاشارة الى المصدر و (ج) للاشارة الى الجمع.. الخ لكن قاموسنا خلا من هذا المفتاح لأنه لم يستخدم أصلاً أية رموز.

- لم يلتزم المؤلف في عدد كبير جدا من الحالات بالترتيب الألفبائي الصحيح للكلمات بل وردت الكلمات بشكل عشوائي واعتباطي. ومثال على التخبط في الترتيب إن كلمة (كةظت) وردت في ص164 متبوعة بكلمة (كةظتن) ثم العودة الى كلمة (كةتوار ..الخ) ثم العودة الى (كةفتى) ثم (كةتيك) ثم العودة بعد صفحتين الى (كةف) و(كةفتن) !!

ولقد حفل القاموس بالكثير جداً من الكلمات التي وردت في غير مكانها المفترض الذي يقتضيه الترتيب الألفبائي مثل:

-(ثيَشظة-عوضا عن) و (ثيَشظة نيَر-مندوب، ممثل) ص 45

-(بةرىَ خودان-نظر، رؤية) ص30

-(ئاظانوَس-شجرة الأبنوس) ص13

-(جاتر-عشبة تؤكل) ص63

-(لووش-عشبة جبلية) ص181

-(شةفةر-آلة حفر) ص 131

-(سةنج – مغص) ص113

-(سه رداب-ملجأ تحت ارضية الدار) ص114

-(بةرِةظان-مُدافع) ص30

-(رِكمان-عنيد) ص97

-(هاوسىَ-جيران) ص211

-(سةيوان-مظلة مطر) ص124

-(سيظةر-المعاهدة التي..الخ) ص123

إن ما تقدم من أمثلة هو "غيضٌ من فيض" كما يقال غير أن مثالاً أخيراً سألحقه بها ليصيب المرء بالحيرة ويدفعه الى التساؤل عن كيفية وقوع هذا الخطأ ألا وهو ورود كلمة (نيةت) في مفتتح القسم الخاص بحرف (الواو) فكيف حدث هذا يا ترى!؟

ولم يقتصر هذا الأمر على القسم العربي-الكوردي فنجد أن كلمة (مسح) تُطلع رأسها دون مناسبة بين كلمتي (مأساة) و(ماسك) كما إن ترتيب الكلمات التي تتضمن الهمزة جرى في كثير من الحالات بشكل كيفي دون الرجوع الى أصل الهمزة ووضع الكلمة في محلها بالاستناد الى ذلك كما تقتضي اللغة العربية.

إن هذه العشوائية في ترتيب المفردات أمرٌ يدعو الى التساؤل ويذكرني بطُرفةٍ كنت شاهداً عليها مع بعض الأصدقاء عندما صرَّح طالب في مرحلةٍ متقدمة من دراسته الجامعية في إحدى كليات اللغات بأنه اكتشف شيئاً في غاية الأهمية وهو أن الكلمات في القواميس مرتبة حسب الحروف الأبجدية! وكان قبلاً يضطر مثلاً الى تقليب فصل (s) برمته حين يبحث عن كلمة تبدأ بهذا الحرف. ولا أدري إن كان ذلك الطالب النبيه سيعيد النظر في اكتشافه هذا بعد اطلاعه على ترتيب الكلمات في هذا القاموس!!

خامساً


إن اختلاف الشعوب في جوانب حضارتها وتاريخها وقيمها واهتماماتها وأساليب حياتها يؤدي بالضرورة الى إختلاف "التركيز اللغوي" (وأعني بذلك ظهور عدد أكبر من المفردات) على جانب دون آخر. ولتوضيح ذلك نشير الى أن اللغة العربية على سبيل المثال أولت الطبيعة الصحراوية وحياة البداوة والغزو والحرب والترحل وما يرافقها من آلات وأدوات وحيوانات الكثير من اهتمامها حتى أنها كادت تخصص مفردة منفصلة لكل عضلة في جسد البعير أو الحصان أو أجزاء الخيمة ..الخ فيما انعكست الحضارة البحرية لإنكلترا على اللغة الانكليزية حتى صارت تعج بمئات المفردات التي تخص أنواع السفن وتقلبات البحار وأنوائها وكل خشبة أو مسمار أو حبلٍ في سفنهم وقس على ذلك عند بقية الأقوام والشعوب. هذا الأمر أدى بالطبع الى أن الكثير من المفردات في اللغة-المصدر (source language) لا تجد عند ترجمتها الى اللغة- الهدف (target language) مفردة متداولة مقابلة مما يلجئ المترجمين وواضعي القواميس الى العديد من الأساليب و"المناورات" من استعارة واشتقاق ونحت وترجمة حرفية وترجمة صوتية ..الخ أو يُلجِئهم ببساطة –وهذا ما يهمنا الآن- الى ترجمة المفردة الأصلية بعبارة (جملة أو شبه جملة) تشرح المفردة المعنية أو تقربها الى الأذهان. ولنعد الى أمثلتنا لنذكر أن كلمة (البازل) في اللغة العربية تعني ضمن ما تعنيه "البعير الذي شق نابه أي الذي بلغ الثامنة أو التاسعة من العمر" ولما كانت اللغة الانكليزية لا تتوفر على مفردة مقابلة فإن المترجم أو واضع القاموس العربي-الانكليزي قد يضطر الى إيراد عبارة مثل "a camel whose canine tooth has just erupted i.e. between 8th and-9th year of life" . أو قد يترجمها بعبارة تختلف قليلاً أو كثيراً عن ذلك. كذلك الحال حين يواجه المترجم من الكوردية الى العربية مفردة مثل (مشتاخة) التي قد يضطر الى ترجمتها بعبارة (مكان تجفيف العنب) وذلك لخلو العربية من مفردة دقيقة ومقبولة تؤدي معناها. ولنفترض مثلاً أنك تؤلف قاموساً من اللغة (أ) الى اللغة (ب) ولجأت الى شرح عدد من من مفردات اللغة (أ) بهذه الطريقة ثم أردت تأليف قاموس من اللغة (ب) الى اللغة (أ) فهل يجور لك أن تفرد للجمل والعبارات الشرحية التي استخدمتها في القاموس الأول مداخل منفصلة ثم تفسرها بمفردات من اللغة (أ) ؟ الجواب طبعاً هو (كلا) لأن ذلك أمر فوق قدرة أي قاموس ولأن مستخدم القاموس لن يستطيع العثور على غايته لأنه لا يعرف بالضبط أية عبارة فضلها المؤلف في شرح مفردة اللغة (أ). هذه الحقيقة البسيطة يبدو أنها غابت عن ذهن مؤلف قاموسنا الفاضل فخص عبارات معينة مثل "مكان تجفيف العنب" و"مكان صناعة الفحم" و"مكان السباحة في الجداول" و"مطر أوائل الشتاء" و"مطر بمصاحبة الريح" الخ بمداخل منفصلة في القسم العربي ثم شرع بإيراد المفردات الكوردية المقابلة لكل عبارة من تلكم العبارات! ولا أدري لماذا لم يخص عبارات مثل"مكان حلاقة الرأس" و"مكان التجمع للصلاة" و"مكان طبخ الطعام" و"مكان خزن الثياب" و"مكان الاستحمام" و"مطر الربيع" و"مطر يصاحبه البَرَد" ..ومئات الألوف من العبارات الأخرى بمداخل منفصلة أسوة بما فعل مع تلك العبارات المحظوظة!؟

كذلك أورد المؤلف عدداً من أسماء العلم التي لا ترد عادة إلا في الموسوعات أو القواميس المتخصصة ومثال على ذلك كلمة (ظالةنتينا تريشكوَظا- ص 154) و (بيط بيَن- ص 36) و(سيَظن ئاث-ص123) و (هرقةل-ص208) .. الخ ولا أدري ما الذي حدا بالمؤلف الفاضل الى إيراد هذه الأسماء دون غيرها من بين مئات الآلاف بل الملايين من أسماء المشاهير والمواقع والأحداث العالمية بدءً من "إبراهيم باشا" وانتهاءً بـ"ييريفان"!؟

أضف الى ذلك أن القاموس قد تضمن عددا كبيراً جداً من الكلمات التي تتطابق لفظاً ومعنى مع أصولها العربية وهذا ما يسمى في اصطلاح علماء اللغة (الدخيل) وأحسب أن إدراج كل هذا العدد من الكلمات العربية الأصل أمر لا يحتاجه قاموس كوردي-عربي فما حاجة القارئ الى معرفة أن (هجووم) في الكردية تعني (هجوم) في العربية وأن (قةديم) تعني (قديم) وأن (قةفةس) تعني (قفص) وأن (ميحراب) تعني (محراب) وأن (خةيال) تعني (خيال) ..الخ؟ اللهم إلا إذا كان للكلمة في اللغة الكوردية معنى مختلفاً أو إضافياً عن معناها في العربية مثل كلمة (قةومى) التي تعني في الكوردية (حَدَث) أو (قةوس) التي تعني في الكوردية (حاجب) أو (شةق) التي قد تعني (صفعة).

ونلاحظ كذلك أن عدداً كبيرا من المداخل ورد في أكثر من مكان ومن الأمثلة على ذلك:

- (سرت) التي وردت مرتين في الصفحتين114 و118.

-(كاركرى) وردت في مكانين متباعدين في ص158 وبمعنى مختلف في كل مكان.

-(نووسةط-) ص 198 و ص202 مع بعض الإضافة.

-(ريَطر) ص100 و 101

-وردت كلمة (كيَلى) في ص169 بمعنى (دلالة قبر) ثم تكررت بعد ثمانية أسطر وبمعنى (قمة الجبل)

-(شيَت) تكررت مرتين في ص131

-وردت كلمة (كيَك) في صفحة 166 بمعنى (كعك، بخصم!!) ثم تكررت في ص 169 بمعنى (تورته) ولا تحتاج هذه المعاني الى تعليق!

وهناك حالة غريبة وردت في ص384 إذ أفرد المؤلف الفاضل مدخلين منفصلين واحد للفعل (قال) وقابلها بكلمة (طوَت) والثاني للفعل (قالت) وقابلها أيضا بـ(طوَت) دون وجود سبب وجيه لذلك، إذ لا فرق في اللغة الكوردية في صياغة هذا الفعل سواء كان فاعله مذكراً أو مؤنثاً في الوقت الذي أهمل المؤلف الفاضل مثل هذا الفرق بالنسبة الى الفعل (تزوج) حيث يقال للذكر (ذن ئينا) أي تزوَّجَ وللأنثى (شوى كر) أي تزوجَتْ!

إن كل ما أوردنا من ملاحظات وتعليقات لا ينافي كون القاموس جهداً كبيراً ومشكوراً قام به المؤلف الفاضل خدمة للغة الكوردية على طريق انجاز المزيد من القواميس المتطورة الدقيقة عملاً بالمبدأ القائل بأن القواميس شأنها شأن اللغات كائنات حية تتبدل وتتطور باستمرار ولا تقف عند حدٍّ أو زمان.

ملاحظة:

تحتاج قراءة الدراسة الى خطوط كردية في حاسبتك.

لغرض تنزيل هذه الخطوط... أضغط هنا

دهوك 22/9/2007



[1] فةرهةنطا قازي ، كوردي-عةرةبي ، عةرةبي-كوردى ، دانانا:حافظ قاظي ، ثيَداضوون: اسماعيل طه شاهين، دار سبيَريَز للطباعة والنشر، دهوك، 2005


هناك تعليق واحد:

Ridha يقول...

تهنأة من اعماق القلب الى الاخ المبدع الدكتور ماجد . كم شعرت بالفرح وانا ازور موقع الرائع.... مزيدا من العطاء والابداع .
رضا حسن

بحث هذه المدونة الإلكترونية