مدينتي الجميلة
قطعة انشائية كتبها أحد التلاميذ في مدينة راكوم الدهماء
د.ماجد الحيدر
مدينتي (يعيش) فيها إثنا عشر ألف رجل وخمسة عشر ألف امرأة. يقال أن في مدينتي بعض الأطفال لكني لم أر أحدا منهم. الناس في مدينتي مسالمون جدا ، وادعون جدا ، ويجيدون -باستثناء قلة منهم- فن الحياة. قال لي أبي أنهم كانوا قبل أربعين عاما يرتدون الثياب الحمراء ويصبغون الدور باللون الأحمر ولا يحبون من الفاكهة غير تلكم الحمراء. لكنهم منذ عشرين عاما تحولوا الى الخاكي وأخذوا يرتدون بدلات السفاري الزيتوني ذات القطعتين واليشماغ الأحمر. غير أنهم منذ بضعة أعوام تحولوا الى الجلابيب البيض القصيرات التي تكشف عن سراويل بيضاء وأغطية رأس مستديرة بيضاء هي الأخرى ويطلقون لحاهم ويكثرون من استخدام أعواد السواك والعطور الرخيصة التي يشترونها من أمام الكاتدرائيات المنتشرة في كل مكان.
مدينتي جميلة، هادئة، وديعة، فيها نهر واحد بسبع قناطر. سمعت أن هناك في بعض المدن البعيدة أشياء غريبة عجيبة تدعى "الحدائق العامة" و"المكتبات العامة" و"المسارح" و "دور السينما" لكن أولي الأمر وعلماء الأمة المحفوظين بالدعاء أدركوا أن هذه الأشياء ليست إلا فخاخا ينصبها الأعداء لإفسادنا وغوايتنا وحرفنا عن الطريق المستقيم فارتأوا أن يمنعوها ويبنوا بدلا منها ألف كاتدرائية كبيرة وصغيرة نصبوا فوقها عشرين ألف مكبر للصوت لتذكيرنا ليل نهار بالعذاب الأبدي الذي سيلقاه المارقون الخارجون عن ألواح راكوم الدهماء الأبدية الراسخة الصحيحة المنزهة. وفي المساء حين يملؤنا الفرح الغامرة مع ارتفاع الأصوات تمتلئ سماء مدينتا بملايين الغربان التي تحوم في صمت على ارتفاعات خفيضة حتى لتكاد تلمسها باليد المجردة.
مدينتي الحبيبة ، يا مدينتي الحبيبة ، كم أشعر بالوحدة . أليس فيك طفل سواي ؟!
ملاحظة المعلم: النتيجة: صفر! أوصي بإحالته الى....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق