التجربة المصرية بين المتنبي والجواهري-دراسة

التجربة المصرية بين المتنبي والجواهري


د. ماجد الحيدر


تمهيد


بين الجواهري والمتنبي أكثر من آصرةٍ وتشابه وصلةِ رحمٍ. وأحسب أن هذا الأمر واضحٌ جلي لكل من قرأ للرجلين وعنهما، بل أكاد أجزم أن الأمر كان واضحاً في ذهن الجواهري الكبير في كل مرةٍ يستذكر فيها جده العظيم شعراً أو مقالةً أو خطبةً.. أنظر لقول الجواهري وهو يستذكر جده:

أمسِ استضافتْ عيوني في الكرى شبحاً بهِ تلاحمَ أمسٌ مشرقٌ وغدُ

ناشدتهُ وعلى أثوابهِ عَلَقٌ من الدماءِ، ومن حبّاتها زَرَدُ

ووجهه كشعاعِ الفجرِ منطلقٌ وعينهُ كوميضِ الجمرِ تتّقدُ

وفيهِ تأليفةٌ من هيكلٍ عَجَبٍ فيهِ الحمامةُ جنبَ النسرِ تتّحدُ

أنا ابن "كوفتِكَ الحمراء" لي طُنُبٌ بها وإن طاحَ من أركانها عَمَدُ

ويستطرد الجواهري في خياله وتصويره للمتنبي وعمق علاقته به في أبيات وأبيات من قصيدته الشهيرة "يا ابن الفراتين" حتى يصل إلى قوله وهو يقارن أو يقرن بينه وبين المتنبي:

نحنُ الغريرانِ في دنيا بها صببٌ في المعطياتِ بنا عن مثلهِ صُعُدُ

رغادةٌ وادِّقاعٌ قسمةٌ ضنَكٌ ضيزى لمن زرعوا فيها ومن حصدوا

حتى انبرينا فجئناها بثالثةٍ إنّ الشقاءَ إذا استعلى هو الرَغَدُ[1]

وانظر اليه وقد أحاطت به الذئاب المستكلبة التي أغراها الحاكمون بنهشه وشتمه ونكران جميله وهو في حصنٍ حصينٍ من عبقريته وشموخه وإبائه مستعيداً درس التاريخ:

تسعونَ كلباً عوى خلفي وفوقهُمُ ضوءٌ من القمرِ المنبوحِ مسكوبُ

ممن غذتهُمْ قوافيَّ التي رضعتْ دمي فعندهُمُ من فيضهِ كوبُ

وقبلَ ألفٍ عوى ألفٌ فما انتقصتْ "أبا محسّدَ" بالشتمِ الأعاريبُ[2]

وهو يدرك أن الناس في زمنه وبعد رحيله لن تفوتهم أوجه الشبه الكثيرة بين هاتين القمتين الشامختين اللتين يفصل بينهما ألف من الأعوام؛.فهو يقر مثلاً في مذكراته بأنه "..الأقرب إلى المتنبي، في كل خصائصه ومفارقاته ومغامراته.."[3]. وهو حين يستعرض مأساته في الغربة و"الشخوص أمام أعين الحاقدين والحاسدين والمتربصين" على حد قوله يؤكد ذلك بالقول "لم أجد من ينافسني على "هذه النعمة!!" وحتى المتنبي العظيم. لقد كابد ما كابدت، وتحمل ما تحملت، وتهجر ما تهجرت، وشرد بمثل ما شردت، ولكنه مع هذا كله فقد كان يقرِّب يومه الأخير بنفسه وكأنه يريد أن يختزل كل مرارات الحياة التي ذقتها بعده بأكثر من أيامه بثلاثين عاماً. ومع هذا فلا أدري لماذا يُذبح المتنبي رمز القومية العربية، وقبل هذا رمز البلد الأول الذي أنجبه وملأ به الدنيا وشغل به الناس؟ لماذا يذبح في وطنه وعلى مبعدة أميال من بيته (من بيتي أيضاً) وأهله في العراق؟"[4].

وأحسب أن الجواهري في شدة إعجابه بالمتنبي ورفعه الى الدرجة الأكثر علوا وإشراقاً بين أساطين الشعر العربي لم يخالف الآخرين من شعراء العربية وعلمائها ونقادها في الألف سنة ونيف التي انسلخت ما بين عصرنا وعصر المتنبي.

وهو_أي الجواهري_ ممن عني بالمتنبي واحتفى به منذ بواكير شبابه ويحفظ لنا ديوانه العديد من المطولات والمقطوعات التي خص بها - أو بجزء منها- أبا الطيب المتنبي فمنها قصيدة "الشاعر الجبار" التي ألقيت في الاحتفال بالذكرى الألفية للمتنبي عام 1935 والتي يستهلها بقوله:

ولِدَ الألمعي فالنجم واجمْ باهتٌ من سطوعِ هذا المزاحم

في تسعةٍ وسبعين بيتاً "أبدع فيها شاعرنا ما شاء له الإبداع في تحليل شخصية شاعر العرب العظيم، وشعره، وحياته الفذة الحافلة .." كما جاء في تقديم الصحيفة الدمشقية التي نشرتها أول مرة.[5]

ليعود بعد اثنين وأربعين عاماً ويخص المتنبي بمطولته الرائعة "فتى الفتيان" والتي يستهلها بهذين البيتين الجميلين:

تحدّى الموتَ واختزلَ الزمانا فتىً لوّى من الزمنِ العِنانا

فتىً خبطَ الدُنى والناسَ طُرّا وآلى أن يكونهما، فكانا ..[6]

في خمسةٍ وثمانين بيتاً كانت الجوهرة التي كللت مهرجان المتنبي الذي أقيم ببغداد عام 1977.

وحين نلتفت إلى نثره سنجد العديد من الإشارات التي تؤيد ما ذهبنا اليه في خطبه ومذكراته ومقالاته ومقابلاته الصحفية، وحسبنا من ذلك كلمته وهو رئيسٌ لاتحاد الأدباء في العراق في افتتاح مهرجان المتنبي الذي أشرنا إليه ؛ ففيها ما يدل على أن الجواهري ممن أطال النظر في حياة "هذا المعجز الجبار" وشعره وعبقريته. وأثار الجواهري أمام المؤتمرين سؤالين أو "سؤالا واحدا ذا شقين متلازمين" على وفق تعبيره :

"الأول منهما: ما هو السر الدفين والكامن وراء تكون هذا العملاق، وما هي العناصر المتفاعلة في هذا التكون الذي أريد له أن يملأ الدنيا، وأن يشغل الناس..."[7] ويورد الجواهري مختلف الاحتمالات: عصر المتنبي وما انتهت إليه تمخضات الفكر الإنساني فلسفة وعلوما وفنونا وآداباً وشعرا وقدرة "هذا العملاق الإنسان" على هضم ذلك واستيعابه إياه وانسجامه معه، وكون المتنبي كان صاحب رسالة عظيمة، صاحب قضية، صاحب هدف.

"وثاني الشقين ...هو هذا "العقد الذهني" والاجتماعي الذي تعاقد عليه أبو الطيب مع الزمن، ماضيه وحاضره الذي عاشه ثم مستقبله الدائم..هذا التأثير الحاد لهذه العبقرية الفذة عبر حروفه وكلماته ومجمل قصائده في نفوسنا، ومدى نفاذه من خلالها إلى كل ما يتصل بواقعنا الفكري، والاجتماعي، والسياسي، والمعاشي"[8]

ويكشف الجواهري أمراً يعيد الإشارة اليه في مذكراته اللاحقة وهو إنه كان مهووسا في فترة من حياته بدراسة فن البحتري "صانع سبائك الذهب" كما يسميه، وإنه خلال دراسته تلك ، وكانت إثناء إقامته في دمشق كما جاء في المذكرات، قد عني بجمع فرائد البحتري مما يصلح أن يكون مضربا من مضارب الأمثال السائرة والحكم فوجدها أكثر بكثير مما جرى به قلم المتنبي وعلى أرق وجه، وعلى أصغر نغم، وعلى أدنى معنى، لكنه يقر بأن "ذلك كله لم يشفع بحال من الأحوال أن يقتحم البحتري المبدع بيوتنا، وأسواقنا، ومجالات الحياة المختلفة"[9] مثلما فعل المتنبي. ويتساءل الجواهري عن السر الذي يجعل "جواب كل فردٍ منا في كل مشارق الأرض العربية ومغاربها على كل سؤالٍ ... إن هذا هو عين الرضا.. أو انه على قدر أهل العزم، أو انه: لكل امرئ من دهره ما تعودا, أو انه: عيد بأية حال، أو انه: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.. أو .. أو إلى ما يتعب تعداده"[10] لكنه ينكر أن يكون السر في ذلك مجرد نقاء التعبير أو باسطته، أو النغم الكامن فيه ونعومة الوتر الذي يضرب عليه.

وهو إذ يرجع الصدى لهذا التساؤل يخلص إلى أن العبقرية الفذة كما يراها تصل حد الإعجاز والتعجيز. ومع ذلك فإنها لا ترقى إلى مصاف الأساطير. ويؤكد الجواهري في الختام إنه "واحد ممن يعتقدون مخطئين أم مصيبين أن العبقريات الفذة تتنزل-قبل كل شيء- مع النطفة التي يتنزل منها العبقري، مع الذرات التي تتجمع حوله، مع خلايا دماغه، مع ألياف هذه الخلايا وأعصابها.. ثم تجيء بعده كل المؤثرات، والمؤشرات، وكل البواعث، والعوامل الأخرى. وهو في ذلك يحيل أمر الكشف عن سر هذا التكوين الفذ لعبقرية المتنبي إلى علماء النفس والفسيولوجيا أسوة بما فعله العلماء في دراسة أفذاذ عصرنا وعباقرته.


مسافران أبديان


ومعروف أن الجواهري والمتنبي لم يكونا ممن أقام بأرضٍ ولا أظلته سماء إلا ريثما يرحل إلى أخرى اختيارا أو قسراً. فلم يكد المتنبي يبلغ مبلغ الرجال حتى غادر كوفته الحمراء وأخذ يخبط في الآفاق فلم يترك بادية أو حاضرة إلا وحط فيها رحاله القلق المستفّز:

أَواناً في بُيوتِ البَدوِ رَحلي وَآوِنَةً عَلى قَتَدِ البَعيرِ

أُعَرِّضُ لِلرِماحِ الصُمِّ نَحري وَأَنصِبُ حُرَّ وَجهي لِلهَجيرِ

وَأَسري في ظَلامِ اللَيلِ وَحدي كَأَنّي مِنهُ في قَمَرٍ مُنيرِ[11]

فمن بغداد إلى مدن الشام وباديتها إلى منبج إلى بادية السماوة إلى سجن أمير حمص إلى اللاذقية إلى طبرية إلى الرملة إلى حلب إلى دمشق إلى إنطاكية إلى مصر إلى أرجان إلى شيراز إلى الأهواز إلى واسط إلى دير العاقول كان هذا العبقري الطامح الثائر الساخط المتوعد يتخذ الترحال مهنة وهوى ولعنة يسوقه بحثه الدائم عن المجد، عن الحلم الذي لازمه منذ الصبا...عما جلَّ أن يُسمى:

أَلِفتُ تَرَحُّلي وَجَعَلتُ أَرضي قُتودي وَالغُرَيرِيَّ الجُلالا

فَما حاوَلتُ في أَرضٍ مُقاماً وَلا أَزمَعتُ عَن أَرضٍ زَوالا

عَلى قَلَقٍ كَأَنَّ الريحَ تَحتي أُوَجِّهُها جَنوباً أَو شَمالا[12]

أما الحفيد فقد سمح له تقدم وسائل النقل بأن يوسّع قليلاً خارطة ترحله بل قل تشرده الدائم! فمن النجف إلى بغداد إلى إيران إلى سوريا إلى مصر إلى لبنان إلى علي الغربي إلى المغرب إلى موسكو إلى باريس إلى لندن إلى كردستان إلى الأردن إلى السعودية إلى براغ إلى صوفيا إلى ..الى .. كان الرجل الطويل النحيل ذو العينين القلقتين والحضور المحّبب الأخّاذ يصول ويجول في مشارق الأرض ومغاربها ضيفاً عزيزا حينا وثقيلاً على الحاكمين حيناً، سائحاً، هارباً، لاجئاً، حاملاً قضية شعبٍ مثخنٍ بالجراح، وفنانٍ ملتزمٍ عنيد:

خلّفت غاشية الخنوعِ ورائي وأتيتُ أقبس جمرة الشهداءِ

ودرجتُ في دربٍ على عنتِ السُرى ألقٍ بنورِ خطاهمُ وضّاءِ[13]

فإذا ما تراءى له يوما أن رحلة العذاب والغربة ستحط رحالها أخيراً في الوطن المشتهى حدّث نفسه بين التمني والشكاة :

أرح ركابك من أينٍ ومن عثرِ كفاكَ جيلانِ محمولاً على خطرِ

كفاكَ موحِشُ دربٍ رحتَ تقطعًهً كأنّ مُغبرَّهُ ليلٌ بلا سحرِ

ويا أخا الطيرِ في وِردٍ وفي صَدَرٍ في كل يومٍ له عُشٌ على شجرِ

عُريانَ يحملُ منقاراً وأجنحةً أخفُّ ما لمَّ من زادٍ أخو سفرِ

خفِّضْ جناحيك لا تهزأْ بعاصفةٍ طوى لها النسرُ كشحيه فلمْ يطرِ[14]

لكنه يجد الإقامة على الذل نظير شيخوخةٍ وادعةٍ صفقةً خاسرةً سرعان ما ينفض يده عنها ليعود من جديد غريباً، شريداً، مسافراً أبديا يطل من بعيد على دجلة الخير ويردد من جديد:

سلامٌ على هضبات العراق وشطيه والجرف والمنحنى

سلام على قمرٍ فوقها عليها هفا واليها رنا

سلام على بلدٍ صنتُه وإيايَ من جفوةٍ أو قِلى

كلانا يكابدُ مرّ الفراق على كبدينا، ولذع النوى[15]


الرحلة المصرية وما إليها


بيد أن رحلتين من تلكم الرحلات التي خاضها الرجلان ستكون محور عنايتنا هنا .. وأعني رحليتهما إلى مصر.



ففي عام 346 هجرية (957ميلادية) دخل المتنبي مصر نافضاً يده من تجربةٍ أمدها تسع سنوات سلخها في بلاط سيف الدولة الحمداني تفرغ فيها لمدحه في ثمانين قصيدة ومقطوعة معلناً يأسه من تحقيق حلمه/ مشروعه الخطير الذي جل أن يسمى في هذا البلاط المزدحم بالأشرار والحاسدين وأنصاف الشعراء. إلى أين إذن أيها الحالم الكبير؟ كانت مصر تناديه وتلح عليه في النداء.فيتمنع مرةً ومرتين ثم يشد إليها رحاله القلق. لكنه في حقيقة الأمر لم يكن معنياً بمصر لذاتها، لحضارتها أو تاريخها أو علمها أو جمالها أو أمنها. كلا، بل كان ما يعنيه فيها شيء واحد، بل قل رجلٌ واحد: كافور الإخشيدي.

فلو لم تكن في مصر ما سرتُ نحوها ......بقلبِ المَشوقِ المستهامِ المتيَّمِ

ويقينا إن المتنبي لم يكن يقدر كافور بالفلسين حتى قبل أن ينقلب عليه، لكنها الغاية التي تبرر الوسيلة. ولم يكن كافور هو الآخر ساذجاً أو غافلاً عما يدور في رأس المتنبي، القرمطي المستتاب تحت وقع السياط، المتمرد، ذي الشخصية المركبة العجيبة. كان كافور كما تكاد المصادر تجمع عليه رجل دولةٍ وقائداً عسكرياً محنكاً، وكان يجمع حوله الأدباء والعلماء كما يفعل حكام الشرق الكبار على مدى العصور. كان هو الآخر يمارس مشروعه وحلمه الذي يصارع إزاءه عقدة الأصل الوضيع وذكريات سياط النخاسين. والتقى الحلمان/ المشروعان: شاعر مسكون بفلسفة القوة، يبحث عن عرشٍ ولا بأس أن يبدأ هذا العرش بضيعةٍ أو ولايةٍ يهبها خصيٌ مملوك رفعته الأقدار، وسلطان يبحث عن شاعرٍ يدخله سجل الخالدين ولا بأس في أن يكون شاعراً متمرداً طموحاً ... و ..يطلب ثمناً باهضاً! فكافور واثق من قدرته كسياسيٍ ومناورٍ بارع وجهازه الأمني قادر على رصد الشاعر في قيامه وقعوده وحتى في نومه! والشاعر ممنوع حتى من رد جميلِ فارسٍ أحسن إليه كفاتك المجنون دون أن يحصل على إذنٍ من السلطان.[16]

وتستمر اللعبة أربعة أعوام يزوق المتنبي فيها المدائح تلو المدائح في أبي المسك، الملك الأستاذ، رجاء العيون، الأروع، صافي العقل، الحبيب، الأديب، المجرّب، المهذَب، الأغرّ، الأبلج، ليث العرين، المنصور، الهمام، الوفي، واهب الدولات، الأسد، الليث، الواحد، الذي في ثوبه بياض المجد رغم سواد الجلد، ذي الفم الضحاك، البحر، الكريم، الشجاع، الذكي، البهي، القادر، الوفي، الفتى المارد على المرّاد، السيل الذي تضيق دونه الوديان، نعم كافور الذي ليس غير:

متلفٍ مخلفٍ وفي أبي عالم حازمٍ شجاعٍ جواد [17]

ويقيناً أن كافور وهو يهتز طرباً كان يعلم أن المتنبي يحاول خداعه ويعلم أن المتنبي يعلم أنه يعلم ذلك. وتستمر لعبة المطاولة ويخسر الشاعر كما في كل مرة فيفر من ممدوحه/آسره ويلعن كل شيء: السلاطين، والدهر والناس والأرض ويقلب المجن فنقرأ على ظهره: ويحك يا كافور، يا عبد السوء، يا من لا في الرجال ولا النسوان معدود، أيها الخصي، الكلب، المثقوب المشفر، يا كويفير اللئيم يا من قدرك مردود بالفلسين، أيها الأوكع ذا الكعب المشقوق، الوضيع، القزم، الأحيمق، يا زق الرياح أيها الكركدن، يا إمام الآبقين، يا من أخلاقك المين والإخلاف والغدر والخسة والجبن، أيها اللئيم بل أولى اللئام بالذم ، لئن مدحتك فلقد كان ذلك هجو الورى، ولئن أضحكتني فلقد كنت أرجو أن أراك فأضحكا، وكيف لا:

وَمِثلُكَ يُؤتى مِن بِلادٍ بَعيدَةٍ لِيُضحِكَ رَبّاتِ الحِدادِ البَواكِيا

ويهرب ، يهرب ، يهرب من خيبته المستعادة ومن شيخوخته التي تقترب، ويلعن مصر التي: نامت نواطيرها، التي في أرضها تمهيد لكل عبد يغتال سيده ويسب أهلها العضاريط الرعاديد، الفحول البيض العاجزة التي لم تضل بالأصنام بل بزق رياح...الخ ولم لا؟ أليسوا بعض هذا الورى أليسوا من أهيل هذا الزمان الذي:

.............................. ..َأَعلَمُهُم فَدمٌ وَأَحزَمُهُم وَغدُ

وَأَكرَمُهُم كَلبٌ وَأَبصَرُهُم عَمٍ وَأَسهَدُهُم فَهدٌ وَأَشجَعُهُم قِردُ

ولكن مهلاً! إن فيهم فاتكا، أبا شجاع فاتك المجنون بالإقدام، وهذا وحده من يستحق المدح الصادق، ثم وبعد برهةٍ وجيزةٍ الرثاء المرير:

الحزن يقلق والتجمل يردعُ والدمع بينهما عصيٌّ طيعُ

يتنازعان دموعَ عينِ مسهدٍ هذا يجيء بها وهذا يرجِعُ

النوم بعد أبي شجاعٍ نافرٌ والليل معيٍ والكواكبُ ضلَّعُ

وبعد فلقد تأملت مصريات المتنبي بيتاً فبيتاً فلم أجد فيها ما يشير من قريب أو بعيد إلى صفة مصر أرضاً أو مناخاً أو حيواناً أو نباتاً أو ماءً أو هواءً. أوليس هذا بالعجيب من شاعرٍ يعد من عباقرة الشعر العربي في وصفه للطبيعة، للصحراء والجبال والثلج والمطر والوحش والخيل؟

لكن هذا العجب سرعان ما يزول إذا أعدنا النظر فيما قدمنا من أنه ما جاء مصر إلا من أجل تحقيق حلمه الضخم الذي ما تحقق أبدا.

ومن الأدلة على ذلك أن أبا الطيب لم يكد يغادر مصر حتى عاد الى ديدنه الأول فأسهب –في مقصورته الشهيرة- أيما إسهاب في وصف طريق العودة الطويل المحفوف بالمخاطر والأهوال ويذكر المياه والمواضع التي مر بها "بين النعام وبين المها". ثم نراه يحلق في نونيته الرائعة فيرسم لمغاني "شعب بوان" صورة نابضة بالحياة والجمال أبدعتها ريشة رسامٍ عبقري فإذا هي:

مَلاعِبُ جِنَّةٍ لَو سارَ فيها سُلَيمانٌ لَسارَ بِتَرجُمانِ

طَبَت فُرسانَنا وَالخَيلَ حَتّى خَشيتُ وَإِن كَرُمنَ مِنَ الحِرانِ

غَدَونا تَنفُضُ الأَغصانُ فيها عَلى أَعرافِها مِثلَ الجُمانِ

فَسِرتُ وَقَد حَجَبنَ الشَمسَ عَنّي وَجئنَ مِنَ الضِياءِ بِما كَفاني

وَأَلقى الشَرقُ مِنها في ثِيابي دَنانيراً تَفِرُّ مِنَ البَنانِ

لَها ثَمَرٌ تُشيرُ إِلَيكَ مِنهُ بِأَشرِبَةٍ وَقَفنَ بِلا أَواني

وَأَمواهٌ تَصِلُّ بِها حَصاها صَليلَ الحَليِ في أَيدي الغَواني


ونعود إلى الجواهري الكبير.

لقد كان في عمر يقارب عمر المتنبي حين دخل مصر.

كان النصف الثاني من القرن العشرين يفتح أبوابه، وكان الجواهري قد سلخ نصف قرن من حياة ضاجة صاخبةٍ متقلبة، طالب دينٍ برماً متمردا، ثم موظفاً مدللا في بلاط مؤسس المملكة العراقية صباحاً، شاعراً لاهياً عابثاً في ليل بغداد في زمرةٍ من الضاربين تقاليد مجتمعهم المتزمت عرض الحائط.. ثم معلماً يناصبه العداء مدير التربية الطائفي المتزمت حتى يلقي به "على قارعة الطريق". ثم صحفياً مشاكساَ، سياسياً برلمانياً حيناً ونزيل سجون حيناً، حادياً لانتفاضات دمويةٍ يسقط فيها جعفر الجواهري، أباً لحزمةٍ من أولادٍ وبناتٍ وجدوا في اليسار العراقي الناهض حلمهم وفيلقهم الذي يحاربون في صفوفه فيسجنون ويطاردون ويتنقلون بين منازل مستأجرةٍ وسجونٍ ومقاهٍ وأرصفة. كان الجواهري -مثل أي شاعرٍ عربي ترعرع في أحضان المدرسة الكلاسيكية- قد جرب كل فنون الشعر وأغراضه وأولها المديح، مديح فيصل الأول الذي وجد فيه ضالته كما وجدها المتنبي من قبل في سيف الدولة. ومثل المتنبي خاب أمله في حكامِ العصر ولكن –وهنا جوهر الفرق- لم يجد الجواهري بديله في الإغراق في الذاتية والإحساس بالعظمة والتعالي على "أهيل هذا الزمان". كلا فلقد تعلم الجواهري الدرس سريعاً ووجد طريقه بين أبناء هذا الشعب الطيب العنيد العجيب المتقلب المعجز. وأدرك بالضبط خطورة دوره في صنع تاريخ تلك المرحلة، لقد أصبح شاعر الشعب، شاعر الفقراء المذلين المهانين الثائرين:

يقولون من هم أولاك الرعاع فأفهمهم بدمٍ من همُ

وأفهمهم بدمٍ أنهم عبيدُك أن تدعُهُم يخدموا

وأنك أشرفُ من خيرهم وكعبك من خدهِ أكرمُ

وكان عالماً وسعيداً بمحله من قلوب الناس، وهو المحل الذي لم يغادره حتى بعد رحيله عن عالمنا:

وحين دخل مصر لم تكن عينه على حاكمٍ من حكامها يستنصره ويسأله المدد. نعم كان مطارداً وجريحاً وجائعاً لكنه لم يكن ليستبدل باشوات بغداد بباشوات القاهرة. لقد كانت القاهرة عنده –وعند الكثير من رجال ذلك الزمان- قبلة المشرق العربي وأم الحضارة والجمال والنضال. اليها رحل الجواهري مدعواً من رجلٍ حبيبٍ إلى قلبه، رجل نهضةٍ وعلم وأدب ألقى الحجر تلو الحجر في هذه البركة الراكدة: طه حسين!



كان قد التقاه من قبل ونشر في مجلته الكاتب العربي وكان يسره أن يعرف عميد الأدب العربي قدره ومكانته. وهناك في القاهرة يسترد الشاعر أنفاسه ويسترخي بين أحضان النيل والتاريخ العبق:

يا مصر تنتهض الدهور وتعثر والنيل يزخر والمسلة تزهرُ

وبين أبناء الشعب "الكريم الجميل الصابر الصامد المحب للحياة العميق الأحاسيس الذي يحب المرح والسهر والسمر والنكتة المازحة والجلسة الناعمة والجنس الناعم"[18]

فالشعب، الحياة النابضة، الحب، والرقي الفكري، والجمالي، هنا مصدر وحيه ومادة أغانيه. والثورة ، الثورة على كل قبيح وظالم:

يا مصر مصر الأكثرين ولم يزل في الشرق يرضخ للأقل الأكثرُ

يا مصر مصر الشعب لا غاياته تفنى ولا خطواته تتعثر

جبروته الأعلى فلا نيرونه شيء ولا فرعونه المتجبر

ما وقفنا عليه من المصادر يشير الى أربع رحلات للجواهري الى مصر: أولها تلك التي كانت في أوائل العام 1951 بدعوة من عميد الأدب العربي ووزير المعارف المصري آنذاك الدكتور طه حسين، وكانت العلاقة بين الرجلين قد ترسخت كما أسلفنا منذ حضورهما مؤتمر المثقفين العرب وقبل ذلك مهرجان المعري في دمشق عندما صدح الجواهري ببيته الشهير:

لثورة الفكر تاريخٌ يحدثنا بأن ألفَ مسيحٍ دونها صُلِبا

فصاح طه حسين مستحسنا مستزيدا مهيبا بأبي فرات أن يعيدَ ويقول: بألفِ ألفِ مسيحٍ دونها صلبا! ثم ليتقدم منه معانقاً ومناديا به خليفةً للمتنبي العظيم.

خلال تلك الزيارة الأولى تكفل طه حسين أبناء الجواهري فرات وفلاح وأميرة وسهل أمر دراستهم وإقامتهم في مصر وأحس الجواهري أنه ربما وجد في مصر وفي شخص طه حسين ضالته وملجأه فوطد العزم على العودة الى مصر في السنة نفسها آملاً أن يطيل إقامته فيها، فتوجه أولاً الى دمشق بعد أن ودع والدته الوداع الأخير بقصيدته الرائعة:

تعالى المجدُ يا قفصَ العظامِ وبوركَ في رحيلكِ والمقامِ

مما يعيدنا مرة أخرى الى المقارنة بين هذه القصيدة ورائعة المتنبي في رثاء جدته-أمه الحقيقية التي قتلها الشوق الى ولدها والقلق عليه:

أَلا لا أَرى الأَحداثَ حَمداً وَلا ذَمّا فَما بَطشُها جَهلاً وَلا كَفُّها حِلما

يتحدث الجواهري في مذكراته بشيٍ من التفصيل عن هذه الرحلة الثانية ومفارقاتها: فما أن حطَّ الشاعر رحاله في القاهرة حتى فوجئ بأمر استدعاءٍ (سمّه إلقاء قبض) لم ينقذه منه إلا توسط طه حسين ومساعدةِ ضابطٍ وطني شاب أثنى عليه الجواهري ولم يذكره بالاسم. ثم تبين أن سبب هذا الاستدعاء عثور السلطات المصرية في أمتعة الجواهري على لوحة أهداها إياه بعض معجبيه من فناني سوريا تمثل حمامة السلام الشهيرة وهي في تلك الأيام رمزٌ تخريبي مخيف عند ولاة الأمر وسلاطين العالم العربي! وشيئاً فشيئاً يكتشف الجواهري أن السلطات المصرية قلبت له ظهر المجن وأخذت تضيق به وبإقامته وبنشاطات ابنه الأكبر فرات الذي شرعت الشكوك تحوم حول نشاطه في الحزب الشيوعي المصري! وكان بطل هذه المضايقات الخفية الوزير فؤاد سراج الدين. ومرة أخرى يعود المتنبي الى الذاكرة حين كان ابن الفرات وزير كافور الإخشيدي يناصبه العداء ويحصي عليه أنفاسه قبل ألف عام من ذلك التاريخ. غير أن الذي علق بذاكرة الجواهري لم يكن ذلك الجانب "المزعج" من رحلته الثانية وحسب، بل تلك الإقامة الجميلة على شاطئ النيل وجلساته مع أصدقائه من العراقيين والمصريين أمثال روفائيل بطي ومهدي المخزومي وكامل الشناوي رئيس الأهرام آنذاك. كما يذكر الجواهري لقاءه بعبد الرحمن عزام أمين الجامعة العربية واتصال دار الكتب المصرية به وكيف عرضت عليه العمل في مراجعة وتحقيق بعضٍ من مخطوطاتها القديمة، لكن إحساس الشاعر بالفتور –إن لم يكن العداء- الذي تتعامل به السلطات المصرية معه شرع بالتزايد حتى ضاقت به أرض الكنانة فقرر الرحيل عنها مستغلاً فرصة دعوةٍ تلقاها لحضور مؤتمر السلام العالمي في فينا.

بيد أن الجواهري ليس ممن يترك مناسبةً كهذه دون أن يثير زوبعةً تليقُ بالمقام! ها هو يشرع بكتابة قصيدة وداع لأرض مصر يحاكي فيها داليّة جده المتنبي في وداع مصر... وهجوها:

عيدٌ بأية حالٍ عدتَ يا عيد .....

فيتفق ذهنه عن هذا المفتتح القوي المزلزل:

ما زلتِ يا مصرَ والإذلالُ تعويدُ يسومكِ الخسفَ كافورٌ وإخشيدُ

لكنه يسرعُ في البيت الثاني بتوضيح الأمر بما يشبه الاعتذار الفوري لشعبِ مصر:

مقالةٌ كبرت الحبُّ رائدها حبُّ المسودين لو شاءوا لما سيدوا !

وهنا نتساءل كما فعل غيرنا بالتأكيد: ما الذي كان سيتلو هذين البيتين؟ وأية قصيدة عملاقة كانت ستضاف الى كلاسيكيات الشعر العربي لو لم ينزل الجواهري عند رجاء صديقه طه حسين في التخلي عنها إكراما له؟ لكن الأمر الذي أراه مؤكداً هو أن الجواهري ما كان سيقدم على تجاوز خط العتاب الذي تسوقه المحبة وما كان سيجرؤ على لفظ كلمة واحدة فيها إساءة الى مصر وأهلها كما فعل المتنبي من قبل. وعلة ذلك في رأينا أن الجواهري لم تسقه دوافع ذاتية أو خيبة أمل شخصية فقط مثلما كان الحال مع جده، بل كان يزاوج –مثلما دأب منذ اكتمال وعيه السياسي- بين الذاتي والعام، بين نرجسية الفنان ومزاجيته وجنون عبقريته وبين إحساسه العميق بأنه شاعر الشعب المعبر عن همومه وتطلعاته.. وهو –لو قدر له أن يهجو من يهجو من الطبقة المتحكمة في مصائر فقراء مصر وأهلها الطيبين- لما كان سيخرج عن دوره التحريضي الثائر الناقد الناقم.

وعند هذه اللحظة التاريخية –أعني مغادرة مصر مُغضَبَين ثائرَين هازئَين بكافورَي زمنيهما- تكف المقارنة عن تعداد أوجه الشبه بين الرجلين وتبدأ باستعراض أوجه الاختلاف: فالمتنبي لم يعش بعد مغادرته مصر غير أربعة أعوام قضاها متنقلاً بين العراق وفارس ولم يزر مصر ثانيةً ولم يعش حتى يشهد انهيار الدولة الإخشيدية على يد "جوهر الصقلي" خادم المعز الفاطمي وكاتبه سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة للهجرة بعد وفاة كافور الإخشيدي بسنة أو نحوها (وبعد وفاة المتنبي نفسه بنحو أربعة أعوام)، كما أن المتنبي لم يأت على ذكرِ مصرَ بعد رحيله عنها إلا وفي فمه مرارةٌ وندم لا على رحيله عنها لكن على رحيله إليها مثلما لم يفوِّت مناسبةً إلا وهجا فيها كافور الإخشيدي بأقذع الألفاظ. أما الجواهري فقد عاش بعد رحيله الغاضب ذلك أربعة عقود ونصف شهد فيها سقوط الملكية في مصر بعد أشهر قلائل من رحيله عنها وصعود نجم العسكر والتيار القومي العربي واحتدام الصراع العربي الإسرائيلي وتوالي الحروب التي انخرطت فيها مصر. وكان الجواهري في كل ذلك لا يكف عن نصرة مصر وشد أزرها ولا يذكر مصر وشعبها إلا بكل خيرٍ ومحبة، لكن العجب العجاب أن يظل الشاعر ممنوعاً من دخول مصر بقرار سري منذ عام 1952 وحتى وفاة جمال عبد الناصر أوائل السبعينات حين زارها وألقى قصيدته الشهيرة في تأبينه، أما أسباب ذلك المنع فلم يشر إليها الجواهري في مذكراته وبقيت مادة للتكهن والتخمين!

لكن مصرَ احتفت بالشاعر العظيم من جديد عندما زارها في أخريات أيامه لحضور احتفالات ذكرى تأسيس الهلال فاستقبلته خير استقبال وعرضت عليه الإقامة في مصر غير أنه اعتذر مفضلاً أن يقضي أيامه الأخيرة في بيته بدمشق.

خلاصة الأمر في رحلتي الرجلين الى مصر أن المتنبي قدم مصر طامعاً في تسخير عبقريته لخدمة طموحه السياسي فلم يلتفت الى المشهد السياسي والاجتماعي وحتى الطبيعي القائم من حوله إلا بقدر تعلقه بذلك الطموح في حين غرف الجواهري من ذلك المشهد واندمج فيه وتفهمه فأحبه وترفع في تناوله عن مرتبة الأحقاد والأطماع وردّات الفعل الناتجة عن خيبة الأمل.

ولا شك أن تواتر أوجه التشابه بين العملاقين: مولداً وبيئةً ونشأةً ونبوغاً وتمرداً وتفرداً لا ينفي أن كلاً منهما عاش ظرفاً تاريخيا مغايراً للآخر وواجه تحدياتٍ سياسيةً واجتماعيةً مختلفة. وانطلق من فهم مختلف لمكانة الشاعر ووظيفته في هذا الكون. أضف الى ذلك اختلاف مستويات الوعي الفكري والسياسي بين القرن العاشر-برغم كونه عصر ازدهار فكري وفلسفي نسبيين- وبين القرن العشرين بثوراته الفكرية والعلمية والفلسفية والاجتماعية العميقة المزلزلة.

وبعد فإن عقد مقارنة وافية مسهبة بين الرجلين: حياةً وشخصيةً وإبداعا وفناً ليس بالأمر الهين الذي يمكن إيفاؤه حقه في هذه العجالة وعسى أن تتاح الفرصة لي أو لغيري للقيام بعبء هذا المطمح الجليل.



[1] ديوان الجواهري/ طبعة وزارة الإعلام العراقية/الجزء الخامس/ص353-357/ بغداد 1975

[2] الديوان/ج4/ص161/بغداد 1974

[3] محمد مهدي الجواهري/ ذكرياتي/ج2/ ص144/ دار الرافدين/ دمشق/1991

[4] المصدر السابق/ج1/ ص266

[5] الديوان/ ج2/ص279/ بغداد1973

[6] الديوان/ ج7/ص101/ بغداد 1980.

[7] المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس، وقائع مهرجان المتنبي المقام ببغداد من 5-10 تشرين الثاني 1977/ ص27/ بغداد/ 1979.

[8] المصدر السابق/ ص28

[9] المصدر السابق/ ص29. ذكرياتي/ج2/ ص144

[10] المصدر السابق/ ص29.

[11] ديوان المتنبي/دار صادر/ ص168/بيروت/ بلا تاريخ

[12] ديوان المتنبي/ ص140

[13] ديوان الجواهري/ ج4/ ص 217

[14] ديوان الجواهري/ ج5/ ص311

[15] ديوان الجواهري/ ج3/ص 216

[16] لعل من الممتع أن نقارن بين بقاء المتنبي القسري في بلاط كافور ومن قبله سيف الدولة وخيبة أمله منهما بمثال من العالم القديم هو العلاقة بين الفيلسوف العظيم أفلاطون وديونسيوس الأول ثم ديونسيوس الثاني وكلاهما كان طاغية في سيراكيوز في صقلية وحاول كلاهما الإبقاء على الفيلسوف في إقامة قسرية في بلاطيهما رغبة منهما في استغلال اسمه لكي يمثلا دور الطاغية الصالح الذي يرعى الفنون والآداب كما فعل أكثر الطغاة طوال العصور التالية!. لمزيد من الاطلاع راجع: د. إمام عبد الفتاح إمام، الطاغية، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1994.

[17] راجع ديوان المتنبي للوقوف على هذه الصفات وكثير غيرها.

[18] ذكرياتي/ج2/ص99

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

الشكر كله وجميله لكم
واسمحوا لى ان اقطف بعض زهيرات لاتوج بها جبين مدونتى فى ذكرى العملاق الجواهرى
دمتم بكل حب
أخوكم د . كمال على ناصر
عين الياسمبن ـ صالون النيل الأدبى

غير معرف يقول...

إلى ( ماجد الحيدر ) ومن شارك
بعد التحية ..

المقارنه هذه ِ بحسب رأيي الشخصي ممتازه إلا انها بإعتقادي ينقصها شيء واحد ٌ فقط ..
هو ان المتنبي كان من المعروف عنه متكبرا بشعره ِ مادحا ً لنفسه ِ
بعكس حفيده الجواهري فكان نادرا ما يذكر نفسه وذاته وإن ذكرها لا يمدحها ابدا

بوركت جهودك استاذي ( ماجد الحيدر ) وعذرا جزيلا

عمر محمد / بغداد 1983

غير معرف يقول...

إلى ( ماجد الحيدر ) ومن شارك
بعد التحية ..

المقارنه هذه ِ بحسب رأيي الشخصي ممتازه إلا انها بإعتقادي ينقصها شيء واحد ٌ فقط ..
هو ان المتنبي كان من المعروف عنه متكبرا بشعره ِ مادحا ً لنفسه ِ
بعكس حفيده الجواهري فكان نادرا ما يذكر نفسه وذاته وإن ذكرها لا يمدحها ابدا

بوركت جهودك استاذي ( ماجد الحيدر ) وعذرا جزيلا

عمر محمد / بغداد 1983

بحث هذه المدونة الإلكترونية